باتَ جلياً أن لبنان سيكون في الفترة المُقبلة نقطة تسخين موازية لملفيْن تتركّز عليهما الأنظار: الأول، مفاوضات الهدنة في غزة، والثاني الوضع في سوريا وما يُسرّب عن اتفاقات أمنية أو سياسية بينها وبين اسرائيل، فضلاً عن زيارة بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية، والتي يُنظر إليها باعتبارها مفصلية في مسار الحرب المستمرة في المنطقة.
وكتبت" الاخبار": بدأت مؤشرات التسخين منذ الزيارة الأولى التي قامَ بها المبعوث الأميركي توماس برّاك لبيروت، حيث أودع الرؤساء الثلاثة ورقة عمل أميركية اعتبرها بمثابة خريطة الطريق الوحيدة لإخراج لبنان من أزمته، عنوانها الأساسي نزع سلاح
حزب الله ، فيما تتسارع وتيرة الاتصالات التي تواكب عمل اللجنة التي تضمّ ممثلين لرؤساء الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام والنواب
نبيه بري والتي كُلّفت بإعداد ردّ عليها بانتظار عودته يوم الإثنين لعقد لقاءات تستمر حتى الثلاثاء.
اضافت «الأخبار» أن اجتماعاً عُقد أول أمس بين الرئيس بري وعضو شورى حزب الله الحاج حسين الخليل بحضور النائب
علي حسن خليل، للتشاور في ردّ موحّد.
وقالت مصادر عين التينة إن بري وحتى عون وسلام يعتبرون أن ورقة برّاك تحمل انحيازاً واضحاً لإسرائيل من دون مراعاة المصلحة
اللبنانية ، وهي غير محمولة بالنسبة إلى الدولة قبل حزب الله.
ولذلك فإن اللجنة لم تستطع حتى الآن الانتهاء من صياغة الجواب، إذ إن أعضاء اللجنة يبحثون عن صيغ تراعي المصلحة الوطنية ولا تؤدّي إلى تداعيات، لمّح إليها برّاك في ما يتعلق بردّة الفعل
الإسرائيلية .
وهذا الموقف سمعه أمس السفير الفرنسي في
بيروت هيرفية ماغرو الذي حضر اجتماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، حيث أكّد النائب إبراهيم الموسوي للسفير أن القرار 1701 يتحدّث عن جنوب النهر وأن حزب الله لم يخرق القرار ونفّذ ما تضمّنه القرار بينما تستمر
إسرائيل في اعتداءاتها وأن على فرنسا أن تعترف بذلك لكونها جهة مراقبة وضامنة لتنفيذ القرار، فيما قالت مصادر نيابية إن ماغرو كان يومئ برأسه، ما يعني أنه موافق ضمنياً على ما قاله الموسوي.
وكتب وفيق قانصوه في" الاخبار": شخصية لبنانية على علاقة وثيقة بالإدارة الأميركية تخوض نقاشات مع حزب الله حول ملف سلاح المقاومة، تتضمّن ما يمكن تقديمه من ضمانات مقابل تسليم السلاح.
الشخصية أكّدت أن أجواء «الحوار» مع الحزب «إيجابية، وهم منفتحون على أيّ بحث هادئ بعيداً عن الاستفزاز»، مؤكّدة أن رئيسَي الجمهورية جوزيف عون والمجلس النيابي نبيه بري يحيطان بأجواء اللقاءات.
وأوضحت أن الهدف من الاتصالات هو محاولة «تكوين قناعة لدى حزب الله بأن السلاح أصبح عبئاً، وأن يبادر هو إلى تسليمه للدولة، لا أن تحاول أي جهة نزعه بالتهديد أو بالقوة أو بالخطابات الشعبوية»، وفي المقابل، «على الجهات الدولية والعربية والدولة اللبنانية المبادرة إلى إعطاء تطمينات لبيئة حزب الله، وضمانات عسكرية وأمنية لكوادره، وضمانات سياسية لمسؤوليه وقياداته قبل الحديث عن آلية تسليم السلاح والجدول الزمني المطلوب لبنانياً ودولياً».
وأوضحت أن الضمانات التي يجري الحديث عنها، «دولية وأميركية وعربية وداخلية»، وهي تتعلق بانسحاب العدو
الإسرائيلي من النقاط التي يحتلها في الجنوب، ووقف عمليات الاغتيال والغارات، وضمان عدم شنّ حرب جديدة، وإطلاق عملية إعادة الإعمار، إضافة إلى ما يتعلق بموقع الحزب في الحياة السياسية، ومشاركة أكبر للبيئة الشيعية في السلطة التنفيذية، عبر استحداث مواقع دستورية جديدة أو تثبيت أعراف قائمة في توزّع السلطة.
وأكّدت الشخصية التي زارت الولايات المتحدة أخيراً والتقت مسؤولين كباراً في واشنطن ونيويورك، إضافة إلى السفيرة
السعودية لدى واشنطن ريما بنت بندر بن سلطان، أنها تلقّت تشجيعاً على المضي في الخطوة. ونقلت عن المسؤولين
الأميركيين «أننا مع كل ما من شأنه أن يفضي إلى حل مسألة السلاح، وحريصون على عدم فتح مشكل داخلي، لكننا جديّون جداً في أنّ أي تحسن لن يطرأ في لبنان قبل حل هذا الأمر».
ونقلت الشخصية أن هناك شعوراً لدى الإدارة الأميركية بأن «لبنان يسوّف» و«يسير بخطى سلحفاتية» في ما يتعلق بسلاح حزب الله. في المقابل، أشار هؤلاء إلى أن «سوريا الجديدة»، بالمقارنة، تمكّنت من القيام بخطوات استدرجت دعماً أميركياً وسعودياً وخليجياً، فضلاً عن استعداد «دمشق الجديدة» لـ«علاقات تعاون» مع إسرائيل، ما يعطي الأولوية اليوم، سعودياً وأميركياً، للملف السوري على حساب لبنان «الذي سيبقى رهن قطيعة دولية وعربية، ولن يشهد أيّ ضخّ للأموال ليس لإعادة الإعمار فحسب إنما لإطلاق العجلة الاقتصادية التي لم يطرأ عليها أيّ عامل إيجابي منذ انتهاء الحرب»، ناهيك عن «استمرار الاحتلال الإسرائيلي والغارات اليومية ومسلسل الاغتيالات مع خطر تجدّد نشوب الحرب».
ولفتت الشخصية المعنيّة إلى أن إعطاء واشنطن الأولوية لسوريا «لا يعني بالضرورة تلزيم لبنان لسوريا»، إلا أنها أشارت إلى أنّ هذا سببه أن الدولة
السورية لم تستعد بعد قوتها السابقة، «ولكن في حال ثبّت أحمد الشرع قوته في سوريا وحقّق استقراراً، فيما لبنان يراوح مكانه، فإن تلزيم لبنان لسوريا، كما في عامَي 1976 و1990، يصبح احتمالاً كبيراً، خصوصاً أن تعيين توم برّاك موفداً أميركياً لسوريا ولبنان، هو بمثابة تلازم جديد للمساريْن اللبناني والسوري».