آخر الأخبار

ما هو أبعد من منصّات صواريخ بدائية الصنع

شارك
ما حصل في الجنوب أمس ليس حدثًا عابرًا. هو أكثر من مؤشّر. بل يمكن القول إنه بدء على عودة معاناة أهل القرى الجنوبية، الذين لم يندمل جرحهم بعد. فما بعد 22 آذار قد لا يكون كما قبله أو كما ما قبل قبله. فما يقوم به جيش الاحتلال في قطاع غزة يعيدنا إلى بدايات الحرب المدّمرة، التي لم تبقِ حجرًا على حجر، وهو الذي اتخذ من عملية "طوفان الأقصى" ذريعة لتنفيذ ما كان يسعى إليه ويخطّط له قبل أن يفكرّ قادة "حماس"، ومعظمهم قد انضموا إلى قافلة الشهداء، بالقيام بمثل هذه العملية. ويذكّرنا بالأخصّ بأن عين تل أبيب لم تغب عن لبنان منذ اليوم الأول لإعلان اتفاق وقف إطلاق النار، الذي قالت عنه إسرائيل باستفزازاتها اليومية "بلوه وشربو ميتو".
كانت إسرائيل تعلم جيدًا أن "حزب الله" لن يستطيع أن يقف طويلًا مكتوف الأيدي ومتفرجًا على ما تقوم به من اعتداءات جديدة في القطاع وفي الجنوب، وأنها ستقوم بالرد في الزمان والمكان المناسبين، حتى ولو أنه سيلجأ إلى رد فيه الكثير من التمويه كالذي حصل بالأمس بعدما كشف الجيش على المنصّات التي أُطلقت منه الصواريخ في اتجاه مستوطنة المطّلة وتبيّن له أنها بدائية الصنع، مما يعني في الظاهر أن من المستبعد أن يلجأ "حزب الله" إلى هكذا أسلوب، وهو الذي لا يزال يعلن أنه يملك ترسانة من السلاح الوازن في معادلات الردع والرعب على رغم ما تكبّده من خسائر جسيمة خلال حربه الأخيرة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي ، التي لم تنتهِ.
صحيح أن إسرائيل لا تحتاج إلى أي حجة لمواصلة اعتداءاتها سواء في قطاع غزة أو في لبنان . وقد تأخذ هذه الاعتداءات هذه المرّة أشكالًا مختلفة عمّا كان عليه الوضع الميداني في السابق، وفق ما يشير إليه أكثر من مراقب وخبير عسكري، ووفق ما تؤكده المعطيات الميدانية، إذ سارع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى توجيه تهديد مباشر للبنان عبر حكومته ومحمّلًا إياها مسؤولية إطلاق الصواريخ من أراضيها، وقال "لن نسمح بحقيقة تكرار إطلاق النار من لبنان على البلدات الإسرائيلية في الجليل". وهدّد بأن "المطلة مقابل بيروت".
ما يتخّوف منه المراقبون السياسيون هو أن تجد الحكومة نفسيها مضطّرة للردّ على إسرائيل كما فعلت بالنسبة إلى حوادث الحدود الشرقية حين أُعطيت الأوامر للجيش لكي يردّ على ما تعرّضت له القرى الحدودية من اعتداءات من الجانب السوري، خصوصًا إذا تفاقم الوضع الميداني جنوبًا وبقاعًا وحتى في بيروت إلى ما ينذر بتطورات دراماتيكية سريعة لن يستطيع لبنان أن يتحمّل نتائجها لوحده. وقد لا يكون لديه من وسائل الدفاع سوى اللجوء إلى المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل هذه المرّة في شكل مختلف عن المرّات السابقة لوقف اعتداءاته، التي يُخشى أن تتطور من مسألة ردّ يقال إنه روتيني على ما تعرّضت له مستوطنة المطلة إلى أبعد من ذلك.
فما يمكن أن يتعرّض له لبنان في الأيام المقبلة قد يكون أخطر مما سبق أن تعرّض له في السابق، خصوصًا إذا تبيّن أن ثمة ضوءًا أخضر قد أُعطي لإسرائيل لاستكمال ما بدأت به انطلاقًا من قطاع غزة وامتدادًا نحو اليمن ووصولًا إلى لبنان ، الذي تعتبره تل أبيب جزءًا لا يتجزأ من حلمها التوراتي الكبير، الذي تسعى إلى تنفيذه خطوة وراء خطوة.
وما يخشاه لبنان أكثر هو أن يكون ما قام به مطلقو الصواريخ أمس من منصّات بدائية الصنع قد أعطوا لإسرائيل الطامعة بمياه لبنان وأراضيه جنوبًا وبقاعًا حجّة إضافية لاستكمال ما بدأت به في 17 أيلول الماضي حين لجأت إلى تفجير "البيجرات" كخطوة من ضمن خطوات أدّت إلى تدمير قرى الحافة الأمامية بأكملها وإلى اغتيال كبار قادة "حزب الله" السياسيين والعسكريين.
المؤشرات الإقليمية تنبئ بأن إطلاق الصواريخ من منطقة تقع شمال نهر الليطاني قد يكون بداية لمرحلة جديدة من التطورات الميدانية المرتبطة ببعضها البعض من ضمن ما يُسمى المحور الإيراني، الذي يبدأ باليمن ويمتدّ إلى كل من غزة ولبنان وجزء من سوريا والعراق وصولًا إلى طهران.
وقد يكون ما حذّرت منه قيادة الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب من أن ما يحصل في الجنوب سيؤدي إلى نتائج وخيمة من بين المؤشرات الخطيرة، التي يمكن أن يتعرّض لها لبنان .
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا