تصاعدت الدعوات داخل حزب العمال البريطاني للعودة إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي، وكان آخرها من وزير الصحة البريطاني ويس ستريتينغ، وقبله نائب رئيس الوزراء ووزير العدل ديفيد لامي، علاوة على قطاع واسع من أعضاء الحزب في البرلمان وناخبيه الذين يرون أن بريطانيا ستحقق مكاسب كبيرة من عودتها إلى الاتحاد.
وأكد ستريتينغ، أحد أبرز المرشحين لخلافة رئيس الوزراء كير ستارمر في زعامة حزب العمال، في مقابلة صحفية لـ"الأوبزرفر" أن علاقات تجارية أوسع مع أوروبا سوف تزيد من نمو الاقتصاد البريطاني. وهو توجه يدعمه أغلبية الناخبين المؤيدين لحزب العمال، وذلك وفق استطلاع رأي نشرته صحيفة التايمز أخيرا.
وأنجزت مؤسسة "يوجوف" بالاشتراك مع التايمز استطلاع رأي أوضح أن 80% من الناخبين الذين صوتوا لصالح حزب العمال في الانتخابات الأخيرة يؤيدون الانضمام للاتحاد الجمركي الأوروبي، ويؤيدون وجود قيادة جديدة للحزب تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاقية تجارية جديدة.
وأظهر الاستطلاع تأييدا لهذا التوجه نحو أوروبا من ناخبين مؤيديين لأحزاب أخرى، خاصة بين المؤيدين لحزب الأحرار الديمقراطيين وحزب الخضر.
وأوضحت صحيفة التايمز أن موقف ستريتينغ يعد تحديا مباشرا لستارمر الذي أكد أخيرا أنه لا تغيير بشأن عضوية بريطانيا بالاتحاد الجمركي الأوروبي.
أكد ستريتينغ في مقابلته أن بريطانيا تلقت "ضربة اقتصادية هائلة" بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي، أو "بريكست" كما يعرف في بريطانيا، والذي تم رسميا في 31 يناير/كانون الثاني 2020.
وشدد ستريتينغ على "الفوائد الاقتصادية الهائلة التي يحققها التواجد في السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي"، والتي فقدتها بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأوضح ستريتينغ أن الانضمام للاتحاد الجمركي الأوروبي لا يعني بالضرورة استعادة حرية انتقال العمالة من دول أوروبا إلى بريطانيا، وهو العامل الذي تسبب في تصويت كثير من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي تم في 23 يونيو/حزيران 2016.
غير أن إعادة انضمام بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي بالكامل، وليس فقط الانضمام إلى اتفاقية الاتحاد الجمركي، يعني العودة لحرية انتقال العمالة، وهو أمر يثير انقساما واسعا بين الناخبين البريطانيين.
وفي السياق تحدث ستريتينغ عن أهمية موقف حزب العمال من أوروبا في الفوز في الانتخابات القادمة على حزب الإصلاح اليميني المتشدد، الذي كان زعيمه نايجل فاراج أحد أبرز المطالبين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأكد ستريتينغ أنه لا ينبغي اتباع نفس السياسة التي يدعو إليها حزب الإصلاح، مضيفا "هذه ليست قيمنا.. يجب علينا أن نهزمهم، لا أن ننضم إليهم".
وأضافت الغارديان أن عددا متزايدا من نواب حزب العمال في البرلمان، منهم بعض الوزراء، لا يرضيهم وعود ستارمر "بإعادة ضبط" العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ويرون أن هذه سياسة غير طموحة، ويعتقدون أن علاقات أعمق مع الاتحاد سوف تعطي دفعة قوية لنمو الاقتصاد البريطاني.
وذكرت الصحيفة أن ما كان يقوله نواب من حزب العمال للصحفيين سرا في أحاديث خاصة انتقل إلى العلن، تعبيرا عن تصاعد الرغبة في علاقات أوسع مع أوروبا، مشيرة إلى أن ديفيد لامي، نائب رئيس الوزراء، قال إن العودة للاتحاد الجمركي الأوروبي "أمر مرغوب فيه"، وضرب مثلا بتركيا التي تستفيد من وجودها بهذا الاتحاد.
وذكرت الغارديان أنه خلال ما وصفته "بمحاولة كارثية لكشف انقلاب" كان يخطط له ستريتينغ الشهر الماضي لإطاحة ستارمر، أبلغ حلفاء رئيس الوزراء الصحفيين أن أي شخص سيتولى رئاسة الوزراء بدلا من ستارمر سيتبنى نهجا أكثر تأييدا للاتحاد الأوروبي، وسيعرض علاقات بريطانيا الدولية للخطر، بما في ذلك العلاقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب .
وكان ستارمر استبعد الانضمام إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي، حسب ما نقلته التايمز، وقال إن هذا يمثل "خطا أحمر واضحا" للحزب، إذ سيؤدي إلى إلغاء الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها الحكومة مع الهند والولايات المتحدة .
وأشار ستارمر في لقاء بنواب حزب العمال في البرلمان إلى الاتفاق الذي تمكن من إبرامه مع الولايات المتحدة، ووصفه بأنه الأفضل بين الاتفاقات مع واشنطن ، وأكد أنه بالغ الأهمية ويجب الحفاظ عليه.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة