العلاقة بين باكستان والصين توصف بأنها فريدة من نوعها، ولا تشبهها أي علاقات بين دول أخرى، فما السر؟ فالصين العملاقة وصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تربطها علاقات إستراتيجية بدول عديدة، لكن لا توجد دولة ترتبط بها بنفس العمق السياسي والاقتصادي المتداخل، كما هو الحال مع باكستان.
وبرزت إلى السطح أخيرا أهمية وفرادة العلاقة بين بكين وإسلام آباد عندما نشبت المواجهات بين الهند وباكستان، حيث دعمت الصين باكستان وأكدت وقوفها إلى جانبها لردع أي اعتداء وتثبيت موقفها، لا سيما في المجال الاقتصادي.
وهذا ما أكده ضيفنا في هذا اللقاء الأستاذ والخبير الاقتصادي الباكستاني شكيل أحمد رامي، الذي ألف عدة كتب عن الصين وعن علاقة بكين بباكستان، إلى جانب العديد من المقالات التي كتبها والمحاضرات التي ألقاها.
يرى رامي -في حديثه الخاص للجزيرة نت- أن الشراكة بين البلدين إستراتيجية وأنها علاقة "فريدة وشاملة"، مبنية على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في التنمية. ويشير إلى أن الصين أظهرت استعدادا حقيقيا لدعم باكستان في مجالات عدة.
واستدل على متانة العلاقة بين البلدين بقول وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي قال -خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الباكستاني إسحاق دار بعد الهجوم الهندي على باكستان في السابع من الشهر الجاري- "بصفتها الصديق الموثوق لباكستان وشريكها الإستراتيجي في جميع الظروف فإن الصين تدرك تماما المخاوف الأمنية المشروعة لباكستان وتدعمها في حماية سيادتها ومصالحها الأمنية".
ويملك الخبير الاقتصادي والمحلل الإستراتيجي شكيل أحمد رامي رؤية عميقة عن مسار الشراكة الصينية الباكستانية، وتقييما واقعيا لمكاسبها وتحدياتها.
في هذا الحوار القصير، نسلّط الضوء على ملامح التعاون، والفروقات بين الدعم الصيني والغربي، وتوصيات الخبير "لمستقبل اقتصادي أكثر توازنا واستقلالا لباكستان".
وإليكم الحوار الذي جرى:
أكد شكيل على فرادة العلاقة بين البلدين وأنها بعيدة وتمتد لأكثر من 5 عقود، وأشار إلى أنها تتميز بما يلي:
أوضح رامي أن هناك شراكة اقتصادية متنامية بين البلدين، ويعكس مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان "سي بي إي سي" تحول الصين إلى شريك تنموي واستثماري جعل الصين أكبر مستثمر في باكستان.
يقول شكيل، بعد خيبات باكستان مع الولايات المتحدة ، تعتبر الصين شريكا لا يبتز سياسيا ولا يربط المساعدات بالإصلاحات السياسية أو شروط قاسية.
وذكّر للتمثيل على تنكر الغرب لباكستان وعدم دعمها كما ينبغي، بأن القوات الأميركية وقوات الناتو استخدمت -خلال حربها في أفغانستان التي استمرت 20 عاما منذ 2001- طرق باكستان لنقل آلياتها وشاحناتها، لكنها تركت هذذه الطرق تتهالك ولم تقم بإصلاحها أو إعادة تأهيلها.
وواصل حديثه، "أما الصين التي تقيم مشروعات في باكستان في عدة مناطق عمدت إلى شق الطرق الحديثة والبنى التحتية المتطورة لخدمة مشاريعها ولدعم باكستان".
يوضح الخبير الاقتصادي أن الصين أظهرت استعدادًا حقيقيًا لدعم باكستان في مجالات الدفاع والصناعة والبنية التحتية، بل قامت بذلك فعلا في عدة مشاريع.
غير أن ذلك يتطلب من الجانب الباكستاني إصلاح الشركات المملوكة للدولة لتسهيل التعاون وعمليات التنمية.
وانتقد رامي توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بخصوص خصخصة الشركات الباكستانية المملوكة للدولة، واقترح بدلاً من ذلك التعاون مع الصين لإصلاح هذه الشركات عبر شراكات إستراتيجية، مستفيدا من تجربة الصين الناجحة في هذا المجال.
يرى رامي أن الصين تقدم فرصًا كبيرة لباكستان، ويحذر من أن نجاح هذه الشراكة يعتمد على قدرة باكستان على إدارة المشاريع بفعالية، وضمان الشفافية، وتوفير بيئة آمنة للمستثمرين.
ويشير إلى أن هناك تحديات أمنية وسياسية يمكن أن تؤثر على تنفيذ المشاريع، مثل تلك التي تواجهها مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان CPEC وتحديدا في منطقة غوادر حيث تتعرض المشاريع الصينية هناك لهجمات جماعات مسلحة مدعومة من الخارج.
ويذكر الخبير الاقتصادي أن هذا المشروع الواعد يهدف إلى إنشاء طريق بري يربط بين مدينة كاشغر (غربي الصين) وميناء غوادر الباكستاني، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية العالمية.
يتناول الكتاب النموذج التنموي الصيني، ويشرح كيف يمكن لباكستان والدول النامية الاستفادة من التجربة الصينية في مجالات الحوكمة، الاقتصاد، والتعاون الإقليمي.
يناقش الكتاب رؤية الرئيس شي جين بينغ في "العصر الجديد" و"المجتمع ذو المستقبل المشترك"، ويحلل السياسات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية للصين في هذا الإطار.
يستعرض الكتاب رحلة الصين من النهوض إلى الازدهار، مع التركيز على التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.
يشار إلى أنه عادة ما تُستخدم مؤلفات رامي مراجع في العديد من الجامعات والمراكز البحثية.