ليس "مولينكس" أول من سيتم اعتقاله على خلفية ما ينشره على مواقع التواصل الاجتماعي ، إضافة لتهم أخرى جسيمة، لكن اللافت في القضية كم التأييد الذي لاقاه قرار الاعتقال.
يعتبره المتقدمون بالشكوى، وهم جمعيات وشخصيات، إضافة لمعلقين "محرضا على الفساد"، ويصفون المحتوى الذي ينشره بـ "المخل بالحياء"، فقد اشتهر بجهره بميله الجنسي غير المقبول اجتماعيا في بلده، كما أن فيديوهاته الشهيرة على تيك توك عبارة عن دروس تعليم رقص.
يواجه "مولينكس" لائحة اتهامات ثقيلة منها: الاتجار بالبشر، والإخلال العلني بالحياء، ونشر أخبار زائفة، والتشهير، وحيازة مواد محظورة، إضافة إلى ممارسات أخرى اعتُبرت مخالفة للقانون.
كما قرر قاضي التحقيق متابعته بتهم إضافية، من بينها الدعارة والاستغلال الجنسي العابر للحدود، وبث محتويات مضرة بالأطفال، والتحريض على الفساد.
حين جَلبِه للمحكمة، تجمهر المواطنون لمتابعة أطوار القضية، مما جعل مولينكس يرفض النزول أمام الحشد وكاميرات الصحافة.
ومن اللافت أن تصريحات محام عن المشتكين به، قبل أمر اعتقاله، تبرز محاكمة شعبية للمتهم قبل القضاء، إذ قال في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية: "نتمنى أن يكون هناك قرار اعتقال لإهدائه لسكان مدينة طنجة التي حضرت لتشجيعنا للتصدي لمثل هؤلاء الذين يلوثون سمعة المغرب والمغاربة".
بالنسبة للمحامية نبيلة جلال، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء جهة الدار البيضاء سطات، فإنه "من الضروري احترام قرينة البراءة، لأن كل المتهم لم تصدر في حقه أحكام قطعية بعد، وليس من حق أي شخص إدانته".
المحاكمة الجماهيرية على أرض الواقع، كما في تعليقات الأشخاص على منصات التواصل، تبرز أن العامة يرون أن هؤلاء المشاهير هم سبب الفساد في المجتمع، في حين أن الحقوقيين يرون أن "هؤلاء الأشخاص ليسوا سوى صورة من صور الفساد الحقيقي ومنه انهيار منظومة القيم ومنظومة التعليم وتفشي الفقر والبطالة"، حسب نبيلة جلال.
وتضيف المتحدثة قائلة: "هم في الواقع ضحايا الأمية والفقر، صحيح أن كثيرا مما يقوم به بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي أفعال مشينة، لكن أن نحملهم كامل المسؤولية فهذا غير ممكن".
وانتقدت المتحدثة بعض زملائها في المهنة، الذين يقومون بتصريحات تنتهك قرينة البراءة، وحديثهم عن تفاصيل الحياة الخاصة للمتهمين أمام الصحفيين والرأي العام، معتبرة الأمر يعد انتهاكاً للحقوق الإنسانية للموقوفين ، موضحة أن "هذه خطابات تؤلب الرأي العام وتنتهك حقوق الأشخاص، خاصة عندما تكون التصريحات تنبش في أمور مثل المثلية الجنسية ".
المثير في قضية مولينكس، أنه جرى توقيفه بناء على شكاية تقدمت بها جمعية مغربية وعدد من المحامين، أي أنها شكايات مدعمة بدلائل لأنها من أهل الاختصاص، لكن لا يؤثر عدد الأشخاص أو طريقة التبليغ على سرعة التفاعل، حسب المحامية نبيلة جلال، إذ تشرح أن "القانون المنظم للشكايات واحد، وكلها تتخذ المسار ذاته، لكن طبيعة الأفعال المرتكبة قد تجعل الأمور تسير بشكل أسرع في التنفيذ أحيانا".
وتشرح المتحدثة، أن التهم ثقيلة جدا وأغلبها جنايات وجنح ينص على عقوباتها القانون الجنائي في المغرب ، وما يحتكم إليه في مثل هذه التهم، المرتبطة بالمحتوى الإلكتروني مثلا هي المادة 447 بفقرتيها 2 و3 من القانون الجنائي، والتي تنص على السجن الذي قد يصل إلى 3 سنوات وغرامة مالية لكل من قام بنشر صور وأقوال الغير بدون موافقة أو ادعاءات كاذبة أو تشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي ".
وتضيف نبيلة جلال أن الفقرة الرابعة من الفصل ذاته تعاقب مع استحضار ظروف التشديد لتصل العقوبات السالبة للحرية لـ 5 سنوات. ثم هناك قانون الصحافة والنشر، يُعَرّف مثلا ما هو القذف والسب ونشرهم عبر مواقع التواصل، وأشارت المتحدثة أن ما يحاكم به المتهمون في هذه القضية، أكبر من حصره فقط في التهم المرتبطة بالمنشورات على الإنترنت".
وفي قراءة للنصوص القانونية الخاصة بتأطير المشهد الرقمي بالمغرب، ترى نبيلة جلال أنها "إلى الآن غير كافية، فكل ما لدينا هي تعديلات أُدخِلت على القانون الجنائي، وما نحتاجه هو تعديله كاملا".
وأوضحت المتحدثة أن "غياب قانون يؤطر الحقل الرقمي ويوضح السياسة الجنائية في هذا الباب له تأثير كبير، فالمجال الرقمي يتطور بشكل سريع، ويجب أن تصاغ القوانين برؤية استشرافية لحماية الجميع نفسيا واجتماعيا".
المعلقون على مواقع السوشيال ميديا يشجعون على مزيد من ضبط المجال الرقمي في المغرب، لكن في المقابل يناضل الحقوقيون لمزيد من الحريات في المغرب، لكنهم يوضحون دائما أن "هناك خطا فاصلا وواضحا بين حرية التعبير والتعدي على الغير، سواء كان على مستوى التعبير عن الأفكار، أو المطالبة بالحقوق".
ومن بين من يؤيدون هذا الطرح، المحامية نبيلة جلال، التي ترى أن "المساس بالسلامة الشخصية للأفراد أو بكرامتهم، بمحتوى على الإنترنت، يعتبر انتهاكا لحرية التعبير. وعندما يحل السب والقذف مكان النقد الأخلاقي فهنا يصير خرق لحق بالآخر وبسلامته النفسية".
المصدر:
DW