تحول إعصار ميليسا إلى إعصار من الفئة الخامسة مدفوعا بارتفاع غير مسبوق في حرارة مياه البحر الكاريبي، بينما يسير بسرعة بطيئة لا تتجاوز سرعة المشي.
وشدد العلماء على أن إعصار ميليسا شكل تهديدا استثنائيا بفعل عاملين رئيسيين: شدة العاصفة المتسارعة وحركتها البطيئة الخطيرة، وهما ظاهرتان يرصد العلماء تصاعدهما بشكل واضح في ظل تغير المناخ.
فقد قفز الإعصار من عاصفة استوائية برياح تبلغ 110 كم في الساعة صباح السبت إلى إعصار من الفئة الرابعة بسرعة 225 كم في الساعة في غضون 24 ساعة. وقد ازدادت قوته منذ ذلك الحين إلى الفئة الخامسة، المستوى الأعلى على مقياس سفير-سمبسون، حيث تواجه حتى الهياكل ذات البناء الجيد أضرارا كارثية.
وكان هذا الإعصار الرابع من بين خمسة أعاصير في المحيط الأطلسي هذا الموسم تكثفت بهذه الطريقة المثيرة.
يوضح الخبير كيري إيمانويل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "لم يشهد هذا الموسم عددا كبيرا من الأعاصير في المحيط الأطلسي، لكن النسبة غير المعتادة منها تشهد تكثيفا سريعا جدا. ورغم صعوبة إرجاع كل ظاهرة مناخية بمفردها إلى التغير المناخي، إلا أن النمط العام واضح. فهذه الظواهر المتطرفة مجتمعة تمثل بصمة واضحة للتغير المناخي".
كيف يؤثر الاحترار على قوة الأعاصير؟
تعمل مياه المحيط الدافئة كوقود يشحن الأعاصير بالطاقة. لكن الآلية أكثر تعقيدا، كما يبين العالم دانيال غيلفورد: "هناك عاملان متعارضان: ارتفاع حرارة الغلاف الجوي الذي يخفف من حدة العواصف، وارتفاع حرارة المحيطات الذي يزيدها قوة. والواقع يشير إلى أن تأثير حرارة المحيطات هو الأقوى".
وتشير التحليلات إلى أن الإعصار مر فوق مياه أصبحت أكثر دفئا بمقدار 1.4 درجة مئوية بسبب التغير المناخي، مع احتمال يتجاوز 500 مرة أن يكون البشر هم السبب في هذا الاحترار.
لماذا يعتبر الإعصار "مرعبا"؟
يقول غيلفورد: "نتوقع زيادة هطول الأمطار بنسبة 25-50% في إعصار مثل ميليسا بسبب التغير المناخي". وتكمن الخطورة الإضافية في بطء حركة الإعصار (3 أميال في الساعة فقط (4.8 كم في الساعة)، ما يطيل مدة تعرض المناطق للخطر. ومن المتوقع أن تصل كمية الأمطار إلى 20-25 بوصة في بعض مناطق جامايكا، مع تحذيرات من انهيارات أرضية بسبب التضاريس الجبلية، وأضرار جسيمة قد تصيب البنية التحتية للسياحة التي يعتمد عليها الاقتصاد لسنوات.
وتوضح الخبيرة جيل تريبانييه: "البطء يعني تعرضا مستمرا للخطر. وقد يعني ذلك فيضانات مطولة، أو أمطارا غزيرة تتجاوز قدرة شبكات الصرف، أو رياحا عاتية تدوم طويلا تتجاوز تحمل البنى التحتية".
وعادة ما تضعف الأعاصير البطيئة لأنها تسحب المياه الباردة من الأعماق وتتعرض لتيارات هوائية متقلبة. لكن ما يجعل ميليسا استثنائيا هو أنه اكتسب قوة رغم بطء حركته، ما يشير إلى أن المياه كانت دافئة جدا لدرجة منعت هذه الآلية الطبيعية من إضعافه.
وتشير الدراسات إلى تزايد ظاهرة الأعاصير البطيئة أو "المتوقفة"، ويرجح العلماء أن سبب ذلك يعود إلى ما يسمى بـ"التضخم القطبي"، حيث يؤدي الاحترار العالمي إلى تقليل الفرق في درجات الحرارة بين المناطق القطبية والمناطق الاستوائية، ما يضعف التيارات الهوائية التي تدفع الأعاصير وتوجه مسارها بشكل طبيعي.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر:
روسيا اليوم