شفق نيوز- دمشق
تُعد التجارة السورية أحد الأعمدة الرئيسة للاقتصاد المحلي، إذ كانت على مدى عقود ركيزة أساسية في دعم الدخل القومي وتوفير العملات الأجنبية عبر تنويع صادراتها من المنتجات الزراعية والصناعية والنسيجية والغذائية.
وفي السنوات الماضية شهد النشاط التجاري السوري تراجعاً ملحوظاً نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة والعقوبات المفروضة، ما أثر على حركة الصادرات والاستيراد، وأدى إلى تقلص الأسواق التي تستقبل المنتجات السورية.
واليوم، تعمل سوريا على إعادة تنشيط قطاعها التجاري والانفتاح على أسواق جديدة في إطار اقتصاد السوق الحر الذي تسعى الحكومة إلى تطبيقه تدريجياً.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، أن سوريا تشهد حالياً حالة من الانفتاح التجاري رغم الصعوبات، حيث بدأ اقتصاد السوق الحر يطبّق فعلياً، لكن ما تزال هناك عوائق عديدة تحدّ من تطور العملية التجارية، أبرزها العقوبات والرسوم الجمركية المرتفعة التي تواجه المنتجات السورية في بعض الدول.
ويضيف الحلاق لوكالة شفق نيوز، أن عدداً من الدول ما تزال تحظر دخول السلع السورية أو تفرض عليها رسوماً مرتفعة، ما يشكل عبئاً كبيراً على الصادرات السورية ويحدّ من قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.
ويوضح أن أبرز التحديات الاقتصادية تتمثل في تعزيز العلاقات التشاركية التجارية، وتفعيل العملية التصديرية و الاستيرادية بشكل متوازن، بحيث تكون الشروط متماثلة بين جميع الأطراف.
كما يشدد الحلاق على أهمية تفعيل القنصليات التجارية لمعرفة الأسواق المناسبة للتصدير، وتسهيل الوصول إليها أمام جميع التجار والصناعيين.
ويلفت عضو غرفة تجارة دمشق إلى مشكلة الشحن الجزئي التي يعاني منها المصدرون السوريون، مؤكداً ضرورة العمل على إقامة معارض للمنتجات السورية في الداخل والخارج، بحيث تحمل هذه المشاركات البصمة السورية الواضحة.
لذلك يدعو الحلاق إلى دعم حكومي مباشر لمشاركة الشركات السورية في المعارض الدولية، خاصة أن تكلفة الجناح الواحد قد تصل إلى 100 ألف دولار، الأمر الذي يتطلب مساهمة رسمية لتوسيع الحضور السوري عالمياً.
وفيما يتعلق بحجم التبادل التجاري، يشير الحلاق إلى غياب إحصائيات دقيقة بسبب عمليات التهريب، خصوصاً في منتجات مثل زيت الزيتون الذي يُهرّب إلى تركيا.
وبحسب عضو غرفة تجارة دمشق، فإن حجم التبادل التجاري مع تركيا يقدّر بأكثر من 4 مليارات دولار، وأن الكثير من البضائع تدخل الأسواق السورية بطرق غير رسمية، مطالباً بتفعيل الدوائر الإحصائية ومكافحة التهريب من أجل الحصول على بيانات واضحة تسهم في رفع الأرقام التجارية الرسمية وتحقيق عوائد ضريبية وفرص عمل جديدة.
أما التعاون التجاري مع العراق والأردن ولبنان، فهو - وفقاً للحلاق - لا يزال محدوداً، إذ تدخل المنتجات الأردنية بكميات كبيرة إلى السوق السورية، بينما تراجعت صادرات سوريا إلى العراق نتيجة ضعف القدرة التنافسية أما في لبنان، فالاستهلاك ضعيف، وغالبية المنتجات السورية تصل إليه عن طريق التهريب، ما يستدعي إعادة تفعيل الاتفاقيات التجارية السابقة.
ويؤكد الحلاق أن الاقتصاد السوري الخاص ما يزال قادراً على العمل والإنتاج، لكن المطلوب هو استقرار التشريعات وتوفير بيئة قانونية واضحة تضمن للمستثمرين الثقة والراحة.
ويبين أن الحكومة تتبع سياسة اقتصاد السوق الحر، غير أن التحدي الأكبر يكمن في بدء التنفيذ الفعلي، ومعالجة قضايا العقوبات والتحويلات النقدية والقنوات المصرفية.
بالإضافة إلى تحديث أسطول النقل السوري وتعزيز البنية التحتية للمعابر الحدودية لضمان انسيابية حركة السلع، بحسب الحلاق، مؤكداً أن الثقة بين جميع الأطراف شرط أساسي لتحقيق المنافسة العادلة.
وخلص عضو غرفة تجارة دمشق بالدعوة إلى إنشاء دائرة حكومية متخصصة بالتعاون التجاري الدولي، ووضع خريطة واضحة للقنصليات والسفارات التجارية، تتضمن تعليمات وتوجيهات للاستيراد والتصدير، إضافة إلى دليل إرشادي للتجار والصناعيين يوضح الخطوات والإجراءات المستقبلية، بحيث تكون جميعها متجانسة ومتكاملة لخدمة الاقتصاد الوطني.