آخر الأخبار

ارتباك سوداني.. وزير الخارجية يكشف الفوضى بقراءة ورقة خاطئة

شارك
وزير الخارجية محي الدين سالم

تسبب التباين الكبير في تصريحات قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان بشأن خطة "الرباعية" الداعية لوقف الحرب، وغياب وزير الدفاع حسن كبرون عن اجتماع مجلس الأمن والدفاع يوم الثلاثاء، في زيادة حالة الارتباك في المشهد السوداني، وسط تقارير متواترة عن خلافات حادة بين مكونات تحالف الحرب في بورتسودان.

وعززت قراءة من ورقة خاطئة خلال مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية محي الدين سالم الشعور المتزايد بوجود تناقض كبير في مواقف سلطة بورتسودان، حيث استدرك بعد دقائق من قراءته لعبارات وردت في ذات البيان الذي أعلن فيه الثلاثاء انفتاح بلاده على دراسة خطة الرباعية، قائلاً أمام الصحفيين إنه يقرأ من ورقة خاطئة، ليعود ويؤكد في المؤتمر نفسه أنه "ليس من حق أي طرف أن يملي على السودان التفاوض"، مشددا على التمسك بخارطة الطريق التي قدمتها سلطة بورتسودان في وقت سابق للأمم المتحدة وعلى تنفيذ مخرجات اتفاق جدة.

واتهم الوزير المجتمع الدولي والإقليمي بالفشل في إجبار الدعم السريع على تنفيذ اتفاق جدة، رابطا ذلك بأي اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.

وبعد الهجوم العنيف الذي شنه البرهان يوم الجمعة على الرباعية و مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، ورفضه الهدنة تماما، أعلن مجلس الأمن والدفاع الذي يرأسه البرهان تسمية "جهة اختصاص" للرد على ورقة الرباعية المقدمة من بولس.

ووفقا لمراقبين، فإن معسكر الحرب يواجه معضلة حقيقية تتمثل في تراجع الدعم الشعبي بشكل كبير بعد اكتشاف "زيف سردية" الحرب، والتأييد الواسع لخطة الرباعية التي يعتبرها كثيرون مخرجا مناسبا للأزمة الحالية، في ظل تنامي الخلافات الداخلية.

ومنذ الأشهر الأولى للحرب، ظلت قيادة الجيش والمجموعات المتحالفة معها تقدم خطابا مناقضا لواقع الأوضاع الميدانية والإنسانية، ورفضت عشر مبادرات إقليمية ودولية، مما أدى إلى إطالة أمد الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 وتسببت في مقتل عشرات الآلاف وتشريد 12 مليونا، مخلّفة أكبر أزمة إنسانية في العالم.

متغيرات وقيود

يشير مراقبون إلى أن التناقض والارتباك الذي ساد معسكر الحرب خلال الأيام الماضية ناتج عن المتغيرات والتداعيات الميدانية والسياسية الأخيرة التي قلصت مساحة مناورة الجيش وحدت من قدرته على رفض أو قبول القرار الدولي. لكنهم ينبهون أيضا إلى القيود الكبيرة التي يكبل بها تنظيم الإخوان أي تحركات لقيادة الجيش.

ووفقا للكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن، فإن بيان المجلس يهدف إلى محاولة "العودة لمربع الأخذ والعطاء وتفادي الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي من خلال معالجة تصريحات البرهان السابقة التي اتسمت بالحدة الشديدة".

وقالت لموقع سكاي نيوز عربية: "في ظل ردود الفعل المحلية الغاضبة من تصريحات البرهان الحادة، يسعى مجلس الأمن والدفاع لمغازلة بولس والرباعية بعد أن وصف البرهان خطتها بأنها أسوأ ورقة".

الإخوان يربكون المشهد

يحمل مراقبون قيادة الإخوان مسؤولية مباشرة عن ارتباك المشهد، مستغلين سيطرتهم على قرار الجيش السوداني.

وأظهرت التصريحات المتضاربة التي تم الإعلان عنها خلال الأيام الماضية ارتباكا كبيرا في مواقف الجيش وتنظيم الإخوان بشأن رفض الحلول الدولية. ففي الوقت الذي كان يؤكد فيه البرهان، في أحد مساجد منطقة النيل الأبيض جنوب الخرطوم، أنه لا رجعة عن الحرب، كان عبدالحي يوسف، القيادي في الحركة الإسلامية وهي إحدى مسميات تنظيم الإخوان في السودان، يهاجم الخطة الرباعية الداعية لوقف الحرب ويتهم الدول الداعمة لها بالتآمر على السودان، وذلك خلال خطبة الجمعة في أحد مساجد مدينة إسطنبول.

واعتبر الباحث والأكاديمي الأمين بلال تصريحات قائد الجيش الأخيرة "تنصلا" من استحقاقات السلام ودعوة لاستمرار نزيف الدم السوداني وحركة النزوح الداخلية والخارجية. ويضيف: "رغم وضوح دعوة المجتمع الدولي للأطراف المتحاربة للانخراط في المفاوضات فورا، إلا أن تصريحات البرهان تشير إلى استمرار عملية اللعب على كل الحبال وإظهار خلاف ما تبطنه المجموعات الداعمة للحرب".

ويحذر الأمين من الاستمرار في تكتيك المناورة، مشيرا إلى أن مشروع السلام بات هدفاً دوليا لا تستطيع أطراف الحرب الهروب منه.

وينبه الأمين إلى ضرورة إدراك المجتمع الدولي والإقليمي الذي يقود جهود السلام حقيقة أصل الأزمة الحالية، وهي أن "انقلاب أكتوبر 2021 يمثل امتداداً للحرب الحالية، وتسبب في ما يحدث من عسكرة للسياسة وتعدد للجيوش أوصل البلاد إلى الانهيار الحالي".

وقال بولس في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" يوم الجمعة: "خارطة طريق الرباعية هي الأساس والمنطلق لحل أزمة السودان… الرئيس ترامب طلب منا العمل فوراً مع الإمارات والسعودية ومصر وشركاء آخرين”.

استنكار واسع

استنكرت قطاعات واسعة من السودانيين حالة الارتباك والتناقض داخل معسكر الحرب، واعتبروها محاولة للهروب إلى الأمام وتبريراً لاستمرار القتال، وتجاهلاً لواقع الميدان والأزمة الإنسانية التي تفاقمت بسبب الحرب.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي عماد أونسة لموقع سكاي نيوز عربية: "بدأ الناس تستكشف حقيقة الحرب، حيث يتنامى الوعي بطبيعتها وأهدافها بعد ما يقارب ثلاثة أعوام من القتل والدمار، ثبت خلالها أن الحرب ليس فيها منتصر ولا علاقة لها بشعاراتها المطروحة". ويضيف: "باتت شعارات وقف الحرب الأكثر انتشاراً، مما جعل داعمي الحرب في مواجهة رفض شعبي متزايد لاستخدام المدنيين وقوداً لها… الدائرة تضيق يومياً على داعمي الحرب”.

خلافات داخلية

عزز غياب وزير الدفاع حسن كبرون عن اجتماع مجلس الأمن والدفاع الأخير التسريبات التي أشارت إلى استقالته قبل نحو أسبوعين.

ولم يصدر أي بيان رسمي حول استقالة كبرون، لكن تقارير متزايدة تشير إلى تصاعد الخلافات داخل مكونات سلطة بورتسودان.

وتتزايد الخلافات في ظل تدهور اقتصادي مريع، دفع بالجنيه يوم الأربعاء إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، حيث ارتفع سعر الدولار في السوق الموازية إلى أكثر من 3600 جنيه، وسط اتهامات بوجود فساد كبير في مؤسسات الدولة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا