أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف اجتمع، الخميس، في باريس مع مسؤولين قطريين لمناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، إلا أن مسؤولين إسرائيليين أبدوا تشككهم إزاء تحقيق تقدم في هذه المحادثات.
وبحسب ما نقلته قناة "12" الإسرائيلية عن مصدرين مطلعين، جاء اللقاء في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بسبب حربها على غزة، إذ وصف مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي الحرب بأنها "إبادة جماعية"، فيما دعا البابا ليو الرابع عشر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار "بأقصى سرعة".
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر قد تحدث، الأربعاء، مع ويتكوف ومسؤولين قطريين، وفقاً لقناة "12"، لكن مسؤولين إسرائيليين أعربوا عن شكوكهم في إمكانية تحقيق اختراق.
ونقلت القناة، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، عن أحد المصادر قوله: "حتى الآن لا يوجد تقدم في المفاوضات – وذلك يعود أساساً إلى الموقف الإسرائيلي".
وأضاف مسؤول إسرائيلي: "لا يوجد تحرك أمريكي كبير، وحماس لم تُبدِ مرونة كافية حتى الآن، ولا أحد يملك الحل السحري".
من جانبها، أعلنت حماس قبل أسبوعين قبولها مقترحاً لهدنة تستمر 60 يوماً يتخللها الإفراج عن 10 رهائن أحياء مقابل محتجزين فلسطينيين.
وفي وقت لاحق هذا الأسبوع، قالت الحركة إنها مستعدة لقبول صفقة تشمل الإفراج عن جميع الرهائن مقابل محتجزين فلسطينيين، لكن إسرائيل لم ترد على مقترح الهدنة لمدة 60 يوماً واعتبرت الطرح الأخير تكراراً لمواقف سابقة.
ويشترط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب؛ الإفراج عن جميع الرهائن، وتجريد حماس من سلاحها، وتشكيل حكومة فلسطينية لا ترتبط بحماس ولا بالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، إلى جانب نزع سلاح غزة بالكامل وإبقاء السيطرة الأمنية بيد إسرائيل.
من جانبه، يجري وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي جولة في منطقة الخليج تشمل الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية.
ووفق بيان رسمي بريطاني، فإن الزيارة تأتي في إطار مساعٍ لحشد الإجماع حول خطة طويلة المدى لإحلال سلام دائم في غزة، عبر تحويل أي وقف لإطلاق النار إلى سلام مستدام.
وتشمل الخطة إنشاء آلية للمراقبة، ونزع سلاح حركة حماس، ووضع إطار جديد للحوكمة في القطاع.
وسيؤكد لامي، وفق البيان، على ضرورة إنهاء الحرب في غزة من خلال وقف إطلاق النار فوراً، والإفراج عن جميع الرهائن، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة بكميات أكبر.
وسيشدد على أن رفض إسرائيل السماح بدخول مساعدات كافية أمر غير مقبول، وممارسة ضغوط إضافية لإيصالها إلى القطاع، إلى جانب الضغط على حماس للإفراج عن الرهائن وقبول عدم مشاركتها في حكم غزة.
وقال البيان إن وزير الخارجية أن المملكة المتحدة سيعمل بشكل وثيق مع شركائه الخليجيين لوضع إطار للسلام، مشيراً إلى أن إنهاء الحرب لا يعني مجرد وقف إطلاق النار، بل يجب أن يتبعه تحول حقيقي نحو سلام دائم.
وأضاف أن بلاده تسعى إلى وضع أسس لحل الدولتين، بما في ذلك إمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية بالتنسيق مع شركاء دوليين.
وفي سياق متصل استهجنت كل من مصر والأردن "التصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي والمتعلقة بتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، بما في ذلك عبر معبر رفح".
واعتبرت وزارة الخارجية المصرية أن هذه التصريحات تأتي في إطار "محاولاته المستمرة لتمديد زمن التصعيد وتكريس عدم الاستقرار لتفادي مواجهة عواقب الانتهاكات الإسرائيلية في غزة داخلياً وخارجياً".
وأكدت مصر رفضها القاطع وإدانتها لتهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء قسرياً أو طوعياً، مشيرة إلى أن استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية ومختلف مناحي الحياة يمثل محاولة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم.
ووصفت القاهرة هذه الممارسات بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وترقى لجرائم تطهير عرقي"، مطالبةً المجتمع الدولي بتفعيل آليات المحاسبة على هذه الجرائم، التي "تتحول تدريجياً إلى أداة للدعاية السياسية في إسرائيل نتيجة لغياب العدالة الدولية".
وشددت مصر على أنها لن تكون شريكاً في "هذا الظلم"، ولن تسمح بأن تكون بوابة لتصفية القضية الفلسطينية أو منفذاً للتهجير، مؤكدة أن هذا الأمر "خط أحمر غير قابل للتغير".
وطالبت القاهرة بمواجهة حالة الفوضى التي تسعى إسرائيل إلى تكريسها في المنطقة، والعمل على وقف إطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيل من القطاع، وتوفير الدعم الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من العودة لإدارة غزة، بما في ذلك المعابر، وإعادة تشغيلها وفقاً للاتفاقات الدولية، ومن بينها اتفاق الحركة والنفاذ لعام 2005 الذي ينظم عمل معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
كذلك دانت وزارة الخارجية الأردنية ما سمته "التصريحات العدائية المرفوضة التي يطلقها متطرفو الحكومة الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم".
وأكّدت الوزارة رفض المملكة المطلق وإدانتها لـ"لإجراءات والتصريحات الإسرائيلية المتطرفة المتواصلة التي تستهدف فرض وقائع جديدة على الفلسطينيين بالقوة، من خلال استخدام الحصار والتجويع سلاحين لدفع الفلسطينيين للتهجير القسري من أرضهم"
وجدّد الأردن "رفضه المطلق" لتهجير الفلسطينيين من أرضهم باعتباره جريمة حرب ستتصدى لها المملكة بكل إمكانياتها، وفق البيان، مؤكّداً دعم الأردن لموقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية.
في الأثناء التقى وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي" أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد وعدد من الوفود، واعتبر محادثاته مع المسؤولين القطريين مثمرة وجادة ومفيدة للغاية.
واجتمع عراقجي مع وفد من حركة "حماس" برئاسة خليل الحية، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، لمناقشة البرنامج النووي الإيراني.
ونشرت صحيفة "طهران تايمز" صوراً من لقاء عراقجي، يوم الخميس 4 سبتمبر (أيلول) الحاري، قادة حماس المقيمين في قطر، ولم تُنشر تفاصيل هذه اللقاءات في وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، ولا في وكالة الأنباء القطرية.
لكن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إيرنا" نقلت بيان حركة حماس حول اللقاء، وقالت إن عراقجي أكد "موقف ايران الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ودور الجمهورية الإسلامية في هذا السياق"، مشدّداً على أن "الاحتلال الصهيوني هو عدو الأمة وعدو الإنسانية"، وقال: "لقد تأكّد هذا المعنى بفضل صمود وتضحيات الشعب الفلسطيني في غزة".
كما أشار عراقجي إلى أنّ "تزايد الاحتجاجات والتجمّعات في دول العالم المختلفة ضد جرائم الكيان الإسرائيلي يعكس بوضوح استيقاظ المجتمع الدولي تجاه الإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة".
وشدّد على ضرورة "استمرار العمل المنسّق والشامل من قبل الدول الإسلامية لوقف الإبادة الجماعية، وإرسال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الشعب الفلسطيني المحاصر، ومحاكمة ومعاقبة قادة الكيان الصهيوني المجرم".