في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أحدث شاب جزائري، ضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنكر في زي وكيلة جمهورية، وتوعد المجرمين بعقوبات صارمة، ورغم طابع الفيديو الساخر، فإنه لم يجنبه عقوبة عام حبس نافذ.
وقام الشاب (28 سنة) بتمثيل دور امرأة تشغل منصب وكيلة جمهورية محكمة الحراش، شرق العاصمة الجزائر، وتوعد المجرمين ومروجي المخدرات بعقوبات بالحبس من 10 إلى 30 سنة.
غير أن طابع الفيديو الساخر، بدا واضحا عندما قال إنه"سيرسم نخلة على ظهر كل من يحمل سلاحا أبيض، ولن يخرج الفاعل من السجن إلا إذا أثمرت تلك النخلة".
الفيديو انتشر على نطاق واسع على شبكات التواصل في الجزائر، وقسم آراء المتابعين بين من اعتبره "مزحة لا يمكن محاسبة الفاعل عليها"، وآخرين وضعوها في خانة "انتحال الصفة التي يجرمها القانون".
وتحركت النيابة ليتم القبض على الفاعل، حيث اتضح أنه رجل، وأن الفيديو التقط في فترة الاستراحة، كون الشاب وشريكته مصورة الفيديو يعملان في مصنع لصناعة العجائن، ودافع محاميا المتهمين بالقول إن الفيديو الغرض منه المزاح فقط، قبل أن تقضي المحكمة بتسليط عقوبة سنة سجن نافذ ضد الشاب، وشهرين سجنا مع وقف التنفيذ ضد شريكته.
من جهتها أكدت المحامية والمستشارة القانونية في الاتحاد الجزائري للملكية الفكرية فتيحة رويبي: "موقف القانون الجزائري واضح وصارم في هذا المجال، فقد نصّت المادة 249 من قانون العقوبات على أنه: "يعاقب بالحبس من ثلاثة (3) أشهر إلى سنتين (2) وبغرامة من 500 إلى 2000 دج كل من انتحل وظيفة عمومية أو صفة نظمها القانون، أو تدخل بغير صفة في أداء أعمالها".
وأوضحت المحامية في تصريحها لـ"العربية.نت"، أن " كل شخص يتظاهر بكونه موظفًا عموميًا أو يمارس مهام وظيفة معينة من دون أن يكون مخوّلًا قانونًا بذلك، يقع تحت طائلة العقاب. وهذا يشمل انتحال صفة وكيل الجمهورية أو أي ممثل للنيابة العامة، لما لهذه الصفة من حساسية بالغة وتأثير مباشر على حقوق الأفراد وسير العدالة".
وعن خطورة انتحال صفة وكيل الجمهورية، قالت رويبي: "انتحال صفة وكيل الجمهورية ليس مجرد فعل معزول، بل جريمة تمسّ الثقة في جهاز العدالة وتشكل خطرًا على الأمن القانوني للمواطنين. مثل هذه الأفعال يمكن أن تُستعمل لتضليل الناس، التأثير على القضايا الجارية، أو حتى ابتزاز الضحايا بحجة "سلطة وهمية". وبالتالي، أضافت المحامية: ".. يُنظر إلى هذه الجريمة على أنها اعتداء على مصداقية الدولة قبل أن تكون مجرد مخالفة فردية".
وعن الفيديوهات الساخرة، أوضحت محدثتنا: "من المهم التمييز بين انتحال الصفة بهدف التدليس أو الإضرار، وبين الأعمال الفنية أو الساخرة التي تهدف إلى النقد الاجتماعي أو الكوميديا، فإذا كان المحتوى واضحًا للجمهور أنه ساخر أو تمثيلي (كوميدي)، وأن لا نية فيه لتضليل الناس أو الإضرار بهم، فغالبًا ما يندرج ضمن حرية التعبير التي يحميها الدستور، أما إذا كان الفيديو يوهم الناس بصدق المعلومة، أو الثقة في العدالة، فقد يقع صانعه تحت طائلة المتابعة الجزائية".
في النهاية، قالت رويبي: "القاضي هو من يقدّر الوقائع ويزن النية والآثار المترتبة على الفعل. القضاء الجزائري عادة يوازن بين حماية النظام العام وحماية حرية التعبير، لكنه لا يتسامح مع أي فعل يشكل تهديدًا مباشرًا لهيبة القضاء أو النظام العام".
من جهته اعتبر المختص الاجتماعي عبد الحفيظ صندوقي أن" غياب الثقافة القانونية في المجتمع الجزائري وراء مثل هذه التجاوزات، يكون الغرض منها التنكيت والسخرية لكن يجد الفاعل نفسه أمام جريمة يعاقب عليها القانون".
وأضاف المتحدث في تصريحه لـ"العربية" قائلا: "على الأسرة أولا، والمجتمع (ممثلا في المجتمع المدني من جمعيات وهيئات مخولة وغيرها) وكذا الإعلام، أن يتدخل للتحسيس والترويج للثقافة القانونية، حيث إن الأخطاء القانونية يقع فيها حتى المثقفون والمشاهير، ومنهم ما وقع لبعض المؤثرين وصناع المحتوى، حيث إن حبس أغلبهم عائد إلى الجهل بالقانون وآثاره".
وعليه دعا صندوقي إلى" الأخذ بعين الاعتبار القوانين لدى إنجاز أي فيديو أو تحرير أي منشور، سواء تعلق الأمر بالخلفيات القانونية، أو بإمكانية المساس بمحظورات في المجتمع، مثل استعمال عبارات عنصرية أو تحريضية".