خلال العام 1848، فضل الإمبراطور النمساوي فرديناند الأول (Ferdinand I)، الذي عانى من اضطرابات الصرع، التنازل عن العرش لصالح ابن شقيقه فرانز جوزيف الأول (Franz Joseph I) البالغ من العمر 18 سنة. وقد جاء تنازل فرديناند الأول عن الحكم حينها على إثر ثورات العام 1848 التي هزت الإمبراطورية النمساوية.
وفي الأثناء، حكم الإمبراطور الجديد فرانز جوزيف الأول البلاد لفترة قاربت 68 سنة. وخلالها، عاصر الأخير مقتل العديد من أفراد عائلته. فعام 1889، صدم فرانز جوزيف الأول على وقع حادثة انتحار ابنه الوحيد، ووريث العرش، رودولف رفقة عشيقته. وسنة 1914، شهد الإمبراطور على واقعة اغتيال ابن شقيقه، ووريث العرش، فرانز فرديناند بسراييفو. وقبلها، فقد الإمبراطور النمساوي زوجته إليزابيت التي قتلت عام 1898.
معاناة بسبب انتحار ابنها
تنحدر إليزابيت، المولودة عام 1837، من عائلة فيتيلسباخ (Wittelsbach) البافارية. وفي السادسة عشرة من عمرها، تزوجت الأخيرة من قريبها، وإمبراطور النمسا، فرانز جوزيف الأول. ومنذ البداية، لم تتأقلم إليزابيت مع الحياة داخل البلاط الإمبراطوري النمساوي حيث واجهت الأخيرة العديد من الخلافات مع حماتها. ومن زواجها هذا، أنجبت الإمبراطورة إليزابيت أربعة أطفال. ومع إنجابها لابنها رودولف، الذكر الوحيد من هذا الزواج ووريث العرش المستقبلي، كسبت إليزابيت احترام الجميع بالبلاط الإمبراطوري.
وخلال فترة حياتها بالبلاط الإمبراطوري، عانت إليزابيت من تدهور صحتها النفسية. ولهذا السبب، فضلت الإمبراطورة زيارة المجر، التي كانت جزءا من الإمبراطورية النمساوية، التي وجدت فيها ملاذا وراحة نفسية. وخلال العام 1867، لعبت إليزابيت دورا هاما في إقامة الحكم المزدوج، المعروف أيضا بالملكية المزدوجة، التي ساهمت في تغيير اسم البلاد لتصبح إمبراطورية النمسا – المجر.
وعام 1889، تلقت الإمبراطورة إليزابيت صدمة، انسحبت على إثرها من مهامها بالبلاط، عقب حادثة انتحار ابنها رودولف رفقة عشيقته بقصر مايرلينغ (Mayerling). وطيلة حياتها، لم تتعاف إليزابيت من هذه الصدمة واتجهت دائما للسفر، بشكل منفرد ودون حماية، نحو مدن عديدة أثناء فترات الاكتئاب. أيضا، لجأت الإمبراطورة لاعتماد نظام غذائي صارم وارتداء أحزمة ضيقة أملا في الحفاظ على شبابها ونحافة خصرها.
طعنة قاتلة بجنيف
وأثناء جولتها بين المدن الأوروبية، قادت الأقدار الإمبراطورة إليزابيت لمدينة جنيف حيث وجدت نفسها وجها لوجه مع قاتلها الأناركي الإيطالي لويجي لوشيني (Luigi Lucheni).
فيوم 10 سبتمبر (أيلول) 1898، تواجدت إليزابيت بمدينة جنيف السويسرية. وبنفس المدينة حينها، تواجد الأناركي الإيطالي لويجي لوشيني. وهنالك، خطط هذا الرجل الإيطالي لقتل أحد النبلاء أو المسؤولين الإمبراطوريين بهدف إرسال رسالة حول رفض المجتمع للسلطة الحاكمة.
وأثناء تجولها قرب بحيرة ليمان (Léman) لوحدها واستعدادها لركوب السفينة، تعرضت إليزابيت لهجوم باسخدام مبرد حديدي. وأثناء الهجوم، عمد لويجي لوشيني لطعن ضحيته عند مستوى الصدر. على الفور، نقلت إليزابيت إلى المستشفى فاقدة للوعي. وهنالك، توفيت الأخيرة في حدود الساعة الثانية مساء عن عمر ناهز 60 سنة ليفقد بذلك الإمبراطور فرانز جوزيف الأول ابنه، ووريث عرشه، وزوجته في أقل من 10 سنوات.
عقب الحادثة، اعتقلت شرطة جنيف لويجي لوشيني الذي مثل أمام القضاء ونال حكما بالسجن المؤبد بسبب إلغاء حكم الإعدام بجنيف حينها. وفي حدود العام 1910، انتحر لويجي لوشيني داخل زنزانته عن طريق شنق نفسه.