في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يمثل فوز العالم عمر ياغي بجائزة نوبل للكيمياء نقلة علمية تتجاوز الاحتفاء بالإنجاز الفردي، إذ يعد تتويجا لمسار بحثي أعاد تعريف الطريقة التي تُصمم بها المواد وتستخدم في مواجهة أزمات المياه والطاقة والبيئة.
وتمكن ياغي، الفلسطيني المولود في الأردن، خلال سنوات بحثه من تغيير نظرة الكيميائيين للمادة نفسها، فبدلا من النهج التقليدي القائم على خلط المواد ومراقبة النتائج، قدّم ما يشبه "منظور المهندس المعماري".
ويرتكز هذا التحول على تصميم المادة أولا على الورق، ثم بنائها جزيئيا عبر روابط محسوبة، مما أنتج واحدة من أهم عائلات المواد المعاصرة وهي الأطر المعدنية العضوية.
وتعتمد هذه الأطر على شبكات ثلاثية الأبعاد تتكون من ذرات معادن تعمل كعُقد، وجزيئات عضوية تعمل كجسور، لتشكل بنية مسامية بالغة الدقة.
وتتميز هذه المواد بسطح داخلي هائل، قادر على استضافة جزيئات محددة والتقاطها بكفاءة عالية، مما جعلها تُوصف بـ"الإسفنجة النانوية القابلة للبرمجة".
ورغم أن الفكرة الأساسية ظهرت نظريا في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، فإن الهشاشة البنيوية لهذه المواد كانت أكبر عائق أمام استخدامها.
وفي عام 1995، حقق ياغي اختراقا علميا تمثل في تطوير روابط كيميائية مشحونة منحت هذه الهياكل صلابة واستقرارا، مما أتاح إنتاج آلاف التركيبات المختلفة.
كما وضع الأسس العلمية لهذا المجال وسماه "الكيمياء الشبكية"، والذي أصبح لاحقا أحد أسرع الفروع العلمية نموا، بأكثر من 100 ألف تركيبة مسجلة.
وسرعان ما تحولت هذه المواد إلى حلول عملية في مجالات متعددة مثل التقاط ثاني أكسيد الكربون من مداخن المصانع، وتخزين الهيدروجين بضغط منخفض لتسهيل تطوير السيارات النظيفة، وتنقية المياه من ملوثات يصعب إزالتها بالطرق التقليدية.
وكذلك قدم فريق ياغي نموذجا لجهاز ينتج الماء من الهواء في البيئات الجافة عبر امتصاص رطوبة الليل وتحريرها نهارا.
وفي ضوء هذا التطور العلمي، أسس ياغي شركات تتولى تحويل هذه التقنيات إلى منتجات قابلة للاستخدام الميداني.
وقد أكدت لجنة نوبل أن هذه الابتكارات تمتلك قدرة مباشرة على معالجة أزمات مركزية مثل نقص المياه وتلوث الهواء والتحول الطاقي، مما يضع إنجاز ياغي في سياق علمي تطبيقي تتجاوز آثاره حدود المختبرات.
المصدر:
الجزيرة