في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في كشف علمي لافت صدر مؤخرا عن جامعة فيلنيوس في ليتوانيا، أشار فريق من الباحثين إلى أن تاريخ الأرض لا يسير في خط عشوائي من الأحداث والكوارث الكبرى، بل يخضع لأنماط متكررة ومعقدة تمتد عبر مئات الملايين من السنين.
الدراسة الجديدة، التي نشرت في دورية "إيرث آند بلانيتاري ساينس ليترز"، تؤكد أن تنوع الأرض وتقلباتها الطبيعية تصل إلى "ذروة التشبع" عند نحو نصف مليار عام، وربما حتى مليار عام، ثم يبدأ عصر جديد من التقلبات.
لفهم الأمر، نبدأ من بعض الجيولوجيا، إذ إن العلماء يقسمون تاريخ الأرض إلى دهور وعصور وفترات وعهود. مثلا: الدهر الفانيروزوي ينقسم إلى عصور مثل الميزوزوي (زمن الديناصورات)، والذي بدوره ينقسم إلى فترات مثل الترياسي والجوراسي والكريتاسي.
والفكرة أن هذه الحدود الزمنية بين هذه التقسيمات عادة تحدد عند وقوع أحداث ضخمة، مثل حدوث انقراضات جماعية أو تغيّر مناخي جذري أو تحولات كبرى في القشرة الأرضية، وهذا لأنها تترك أثرا عالميا في الصخور وفي السجل الأحفوري وفي الكيمياء الخاصة بالكوكب.
على سبيل المثال، وجدت طبقة غنية بعنصر الإيريديوم، وهي مرتبطة بسقوط الكويكب الذي أسهم في انقراض الديناصورات، هذه الطبقة أصبحت خطا فاصلا واضحا بين فترتين.
مع مزيد من التقصي، وجد الباحثون أن هذه التقسيمات تميل إلى التجمع في "عناقيد" متكررة على مستويات مختلفة، ووصفوا هذه الظاهرة بأنها تمتلك "منطقا كسيريا"، أي إن النمط يتكرر عبر مستويات متعددة من الزمن، فما يحدث في نطاق ملايين السنين يعكس بدرجة ما ما يحدث في نطاق مئات الملايين.
ولفهم الفكرة، علينا أن نتعرف على الكسيريات (أو الفراكتالات)، وهي أنماط تتكرر على مستويات مختلفة من الحجم، مثل فروع الأشجار، مهما صغرت أو كبرت، ترى النمط نفسه يتكرر.
تأمل الشجرة، أي شجرة، فالغصن الكبير تخرج منه فروع أصغر، كل فرع منها تخرج منه فروع أخرى أصغر وأصغر، وهكذا. كل مستوى يبدو نسخة مصغرة من الآخر.
وإليك مقطع فيديو قصير يوضح إحدى صور الكسيريات، تسمى مجموعة ماندلبروت، وهي شكل هندسي لانهائي التفاصيل، كلما قمت بتكبيره وجدت أن النمط نفسه يتكرر على مقاييس مختلفة:
في الجيولوجيا، وجد الباحثون أن طريقة تجمع الأحداث عبر الزمن لها هذا الطابع الكسيري، فما نراه عند مقياس ملايين السنين يشبه بنمط متكرر ما يحدث عند مقياس مئات الملايين من السنوات.
وبعبارة أبسط، فالتاريخ الجيولوجي ليس مجرد خط مستقيم من الأحداث، بل هو "متوالية أنماط" تتكرر وتتعشش داخل بعضها.
على سبيل المثال، عند نطاق 10 ملايين سنة، ترى عناقيد من الأحداث، وعند نطاق 100 أو 500 مليون سنة ترى نمط التجمع نفسه، لكن على "مقياس أكبر".
ولفهم هذا التنظيم الخفي، طور العلماء ما سموه "العملية المركبة متعددة الكسور-البواسونية"، هذا النموذج يفسر كيف تتجمع الأحداث الجيولوجية في سلاسل متداخلة، إذ تحتوي كل مجموعة زمنية على مجموعات أصغر بداخلها، في صورة "تدرج هرمي" يصف ديناميكيات الأرض عبر العصور.
من خلال هذا التحليل، قدّر الفريق أن الزمن الأدنى اللازم لمراقبة التغيرات الطبيعية الكبرى للأرض يبلغ نحو 500 مليون سنة، وبعض التقديرات تمدّ هذا "الإطار الخارجي" إلى مليار عام.
عند هذا الحد، تكون كل الأنماط الأساسية قد ظهرت بوضوح، بما في ذلك الاستقرار الطويل الأمد والانقطاعات الحادة مثل الانقراضات الجماعية أو التغيرات المناخية المفاجئة.
هذا لا يعني أن الأرض تختبر تغيرا كبيرا كل نصف مليار أو مليار سنة، بحسب بيان رسمي من الجامعة، ولكنه إشارة إلى أنه لفهم حجم التنوع والتغير الممكن داخل نظام الأرض، على المدى البعيد، يجب أن يفحص العلماء الأمر من نافذة زمنية بهذا الحجم.