آخر الأخبار

تحضيرات لتسلم منصب عمدة نيويورك.. هل يوحد زهران ممداني المجتمع المسلم؟

شارك

أصبح انتخاب زهران ممداني كأول مسلم شيعي يتولى منصب عمدة مدينة نيويورك لحظة تاريخية تتجاوز مجرد رقم قياسي، إذ يمثل فرصة نادرة لرؤية وحدة المجتمع المسلم في المدينة وإعادة النقاش حول الهوية والانتماء، ولحظة ذات مغزى خاص للمسلمين الشيعة، الذين غالباً ما شعروا بالتهميش، حتى داخل دينهم، كما صرحوا لشبكة NBC News.

فرحة جماعية واعتراف بالهوية الشيعية

فائزة الجعفري، إحدى سكان حي أستوريا في كوينز، قالت إنها شعرت بالإثارة ليلة إعلان النتائج، حيث شاهدت أصداء الفوز من مقهى في الحي المزدحم.

وأوضحت لـNBC News: "كانت لحظة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، ليس فقط أن ممداني كأول رئيس بلدية مسلم للمدينة، ولكن كونه أول مسلم شيعي يشغل هذا المنصب، لم أختبر مثل هذا الشعور من قبل، خاصة لأننا لا نصل عادةً إلى هذه المناصب الرفيعة".

ممداني الذي يستعد لتولي منصبه في الأول من يناير لم يحقق مجرد فوز سياسي، بل أصبح رمزاً للشيعة في نيويورك، الذين كثيراً ما شعروا بالتهميش حتى ضمن مجتمعهم الديني، ويقول المسلمون الشيعة في نيويورك إن انتخابه يعيد بالفعل تشكيل المحادثات حول الإيمان والهوية والانتماء.

جذور الفضل: دروس الأجداد في العدالة والكرامة

استلهم ممداني قيم العدالة والكرامة ومواجهة الظلم من تجارب أجداده من ناحية الأب، الذين غرسوا فيه معاني هويته الشيعية.

وقال ممداني في مقابلة مع NBC News: "لم يعلمني أجدادي فقط معنى كوني شيعياً أو مسلماً، بل استخدموا تلك الدروس ليعلّموني معنى أن أكون إنساناً صالحاً".

تجربة ممداني تعكس جزءاً من تحديات المسلمين الشيعة الذين غالباً ما يشعرون بأنهم "أقلية ضمن الأقلية".

مصدر الصورة يقف العمدة المنتخب زهران ممداني، الثاني من اليمين، على المنصة مع زوجته راما دواجى، الثانية من اليسار، ووالده محمود ممداني، أقصى اليسار، ووالدته ميرا ناير، بعد إلقاء خطاب قبول Yuki Iwamura/Copyright 2025 The AP. All rights reserved.

فقد نشأت ميرا رضا، 32 عاماً، وهي مسلمة شيعية، في بيئة كانت تجعلها تتردد أحياناً في الإفصاح عن هويتها خوفاً من الحكم عليها أو سوء الفهم، وأوضحت رضا لـNBC News: "لقد شعرت أحياناً بالعزلة أو أنني "مختلفة" بسبب هويتي الشيعية"، مضيفة أن ذلك أثر أيضاً على فرص الزواج داخل المجتمع.

ويعود الانقسام بين الشيعة والسنة إلى القرن السابع، حين اختلف المسلمون حول من يتولى القيادة بعد وفاة النبي محمد، فقد أصبح أنصار علي يعرفون بالشيعة، بينما اعتقد السنة أن القيادة تُحدد عبر الانتخابات. ومع مرور الزمن، تعمق هذا الانقسام، خاصة بعد مقتل الحسين، حفيد النبي، وهو حدث مركزي في الهوية الشيعية يُحتفى به سنوياً كرمز للمقاومة ضد الظلم.

على الرغم من الخلافات العقدية، يشترك الشيعة والسنة في العقائد الأساسية، ويشكل المسلمون الشيعة في الولايات المتحدة حوالي 10% إلى 15% من المجتمع المسلم، وغالباً ما يواجهون التمييز حتى من داخل مجتمعهم.

لكن فوز ممداني مثل لحظة نادرة للشيعة في نيويورك، إذ رأوا شخصاً يمثلهم مقبولاً على نطاق واسع. وعلّقت رضا: "لدي العديد من الأصدقاء السنة، ولم يقل أي منهم شيئاً عن كونه شيعياً، الكل يقول فقط: إنه مسلم، وهم فخورون جداً.

الدين والهوية في الحملة الانتخابية

ممداني لم يتجنب هويته الشيعية خلال الحملة، فقد حضر تجمعاً لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين في كوينز، واعتمد على قيم أجداده في العدالة والتضامن، بعيداً عن الانقسامات الطائفية.

وقال ممداني: "تعلمت منذ صغري أهمية مواجهة الظلم والنضال لبناء عالم أكثر عدلاً للجميع".

وقال علي ناصر، مسلم سني مقيم في نيويورك منذ أكثر من 10 سنوات: "رسالة ممداني تمثل جميع سكان نيويورك، وتشجع على الوحدة بغض النظر عن الدين أو العرق أو الوضع الاجتماعي، أشعر أن ممداني يبعث برسالة وحدة تتجاوز كل هذه الهويات ".

جينيا آزاد، مؤسِسة صفحة MuslimFoodies على إنستغرام، دافعت عن ممداني أمام متابع هاجم هويته الشيعية، وقالت: "لا يهم إذا كان شيعياً، لقد انتُخب لأنه يمتلك قيم نيويورك ويقف إلى جانب الناس".

مصدر الصورة عمدة مدينة نيويورك المنتخب زهران ممداني يصلي أثناء جلوسه بين المصلين في مسجد في سان خوان، بورتوريكو، Xavier Araujo/Copyright 2025 The AP. All rights reserved

الفخر والتأكيد: صدى الانتصار في المجتمع الإسلامي

في المركز الإسلامي بجامعة نيويورك، امتدت محادثات فوز ممداني إلى أماكن الصلاة والممرات. وقال الشيخ فياض جعفر، عالم شيعي ومدير المركز التنفيذي: "سمعت من أعضاء المجتمع الشيعي والسني على حد سواء شعوراً بالفخر المشترك بهذا الفوز، بغض النظر عن الطائفة".

وأضاف جعفر: "هذه اللحظات تذكرنا أن نضالاتنا وتطلعاتنا المشتركة أعظم من الاختلافات التي قد تفرقنا".

أما خالد لطيف، إمام سني سابق بالمركز، فوصف الفوز بأنه "استعادة الأمل" لسكان نيويورك من مختلف الخلفيات.

بدورها أعربت ميرا رضا، إحدى رواد كنيسة ICNYU، عن شعورها بالقشعريرة أثناء متابعة خطاب فوز زهران مامداني، الذي قدم نفسه بلا مواربة كشاب مسلم واشتراكي ديمقراطي.

وقالت: "كان واثقاً تماماً من هويته. إذا استطاع هو تحقيق هذا الإنجاز، فبإمكان أي شخص تحقيق أي شيء".

وفي السياق ذاته، شعرت جينيا آزاد بفخر بالغ بمدينتها وكونها مسلمة عند إعلان فوز ممداني، مؤكدة أن الحدث لا يزال يبدو وكأنه حلم. وقالت من كوينز: "لدينا الآن عمدة مسلم في نيويورك بدأ مسيرته من القاعدة الشعبية، يهتم بأسعار المعيشة المعقولة ويشارك السكان تفاصيل حياتهم اليومية، حتى البرياني في جاكسون هايتس".

وأكد ممداني أن تمثيل الجاليات المسلمة في نيويورك ليس مهمة سهلة، مشيراً إلى أن مسيرته السياسية بدأت عام 2015 بانضمامه إلى النادي الديمقراطي الإسلامي في نيويورك، وهي منظمة تهدف إلى تعزيز المشاركة المدنية للمسلمين.

وقال ممداني لشبكة NBC News: "كان هذا شرفاً عظيماً. ومن أبرز اللحظات التي ميزت العام الماضي بالنسبة لي، رؤيتي لسكان نيويورك يبدأون في إدراك تمثيلهم في سياسة المدينة والمشاركة الفعلية فيها".

مواجهة الإسلاموفوبيا بثقة

خلال الحملة، تعرض ممداني لهجمات إسلاموفوبية من منافسيه السياسيين، شملت اتهامات بدعم الإرهاب والتطرف، إلا أنه واجهها بهدوء، مؤكداً أنها "بلا أساس وعنصرية"، ومركزاً على قضايا مثل القدرة على تحمل تكاليف المعيشة والمساواة.

وقبل الانتخابات، أصدر ممداني رسالة فيديو إلى المسلمين في نيويورك قال فيها: "لن أبحث عن نفسي في الظلال بعد الآن، سأجد نفسي في الضوء"، وهو ما لاقى صدى كبيرًا لدى رضا وآخرين شعروا بالتحرر من الخوف من إخفاء هويتهم.

وقال ممداني: "حلمي هو قيادة مدينة يمكن لكل نيويوركي فيها أن يعيش النسخة الكاملة من نفسه دون أن يشعر أنه مضطر لإخفاء أي جزء من ذاته ليكون هنا ويستحق أن يدعو نفسه نيويوركياً".

يورو نيوز المصدر: يورو نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا