آخر الأخبار

الجزائر: إقرار قانون "يجرم" الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار

شارك
تسبب غزو فرنسا للجزائر عام 1830 في تدمير بنيتها الاجتماعية والاقتصادية عبر عمليات ترحيل واسعة وقمع العديد من الانتفاضات قبل حرب الاستقلال الدامية (1954-1962) التي قضى خلالها 1,5 مليون جزائري وفق الرواية الجزائرية، و500 ألف بينهم 400 ألف جزائري وفق المؤرخين الفرنسيين.صورة من: UPI/dpa/picture-alliance

صادق البرلمان الجزائري بالإجماع الأربعاء (24 ديسمبر/ كانون الأول 2025) على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962) ويصفه بأنه "جريمة دولة" ويطالب فرنسا بـ"اعتذار رسمي"، في وقت لا يزال البلدان غارقين في أزمة دبلوماسية كبرى.

ووقف النواب تحت قبة المجلس الشعبي الوطني موشحين بألوان العلم الجزائري، وصفّقوا طويلا وسط هتافات "تحيا الجزائر" بعد إقرار النص الذي يحمّل الدولة الفرنسية "المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري في الجزائر والمآسي التي تسبّب بها".

وحيا رئيس المجلس الشعبي الوطني "التصويت بإجماع" النواب الحاضرين. ويعدد القانون "جرائم الاستعمار الفرنسي غير القابلة للتقادم" ومنها "الإعدام خارج نطاق القانون والتعذيب والاغتصاب والتجارب النووية والنهب المنهجي للثروات".

ويؤكد القانون أن "التعويض الشامل والمنصف، عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي خلفها الاستعمار الفرنسي، حق ثابت للدولة والشعب الجزائري".

وينصّ القانون أيضا على إلزام الدولة الجزائرية السعي من أجل "الاعتراف والاعتذار الرسميين من طرف دولة فرنسا عن ماضيها الاستعماري" و"تنظيف مواقع التفجيرات النووية" وكذلك "تسليم خرائط التفجيرات النووية والتجارب الكيماوية، والألغام المزروعة".

وبين عامي 1960 و1966، أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في مواقع عدة في الصحراء الجزائرية.
كما يطالب النص فرنسا بإعادة "أموال الخزينة التي تم السطو عليها" وكل الممتلكات المنقولة من الجزائر، بما في ذلك الأرشيف الوطني.
وأخيرا، ينص على عقوبات بالسجن والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية لكل من "يروّج" للاستعمار أو ينفي كونه جريمة.

هل تزيد هذه الخطوة التوتر الجزائري الفرنسي؟

أثناء عرض مقترح القانون أمام النواب، قال رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى في البرلمان) إبراهيم بوغالي السبت، إن هذا المقترح "فعل سيادي بامتياز"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية. وأضاف أنه أيضا "رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن الذاكرة الوطنية الجزائرية غير قابلة للمحو أو المساومة". ولدى سؤاله الأسبوع الماضي عن هذا التصويت، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، إنه لا يعلّق "على نقاشات سياسية تجري في دول أجنبية".

وتبقى مسألة الاستعمار الفرنسي في الجزائر أحد أبرز مصادر التوتر بين البلدين. فغزو الجزائر في عام 1830 شهد تدمير بنيتها الاجتماعية والاقتصادية عبر عمليات ترحيل واسعة وقمع العديد من الانتفاضات قبل حرب الاستقلال الدامية (1954-1962) التي قضى خلالها 1.5 مليون جزائري وفق الرواية الجزائرية، و500 ألف بينهم 400 ألف جزائري وفق المؤرخين الفرنسيين.

باريس تعتبر القانون منافيا لإرادة الحوار

من جانبها اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن اعتماد الجزائر قانونا يجرّم الاستعمار الفرنسي، خطوة تأتي بنتائج عكسية تجاه "إرادة استئناف الحوار الفرنسي الجزائري".

وأشار المتحدث باسم الخارجية الفرنسية إلى أن باريس "ليست معنية بالتعليق على السياسة الداخلية الجزائرية"، لكن لا يمكنها إلا أن تعرب عن أسفها لمثل هذه الخطوة التي تأتي بنتائج عكسية وتمسّ بـ"إرادة استئناف الحوار الفرنسي الجزائري أو إزاء العمل الهادئ على القضايا المرتبطة بالذاكرة".

وذكّر المتحدث "بحجم العمل الذي انخرط فيه الرئيس " إيمانويل ماكرون في ما يتعلق بذاكرة الاستعمار، من خلال لجنة مشتركة من مؤرخين فرنسيين وجزائريين. وأضافت الوزارة أنها "تواصل العمل على استئناف حوار جدي مع الجزائر، بما يستجيب للمصالح ذات الأولوية لفرنسا وللفرنسيين، ولا سيما في ما يتعلق بالمسائل الأمنية وقضايا الهجرة".

وكان ماكرون قد صرح في عام 2017 حين كان مرشحا للرئاسة الفرنسية، بأن استعمار الجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية". وقال "إنه جزء من ذلك الماضي الذي يجب أن ننظر إليه وجها لوجه بتقديم اعتذاراتنا أيضا تجاه الذين ارتكبنا بحقهم تلك الأفعال".

وبعد نشر تقرير وضعه المؤرخ بنجامان ستورا بتكليف من الرئيس الفرنسي في كانون الثاني/يناير 2021، تعهّد ماكرون اتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد هذه المرة "الاعتذار".

تحرير: عبده جميل المخلافي

DW المصدر: DW
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا