آخر الأخبار

كارلوس باليبا.. موهبة كاميرونية تمزج بين قوة بوغبا وعقل دي بروين

شارك

في قلب مدينة دوالا الكاميرونية، حيث تختلط أحلام الصغار برائحة العشب في الملاعب الترابية، لم يكن كارلوس باليبا مجرد طفل يركض خلف كرة من الجلد، بل كان مشروعا صاغه والده يوجين بعناية فائقة.

يوجين، الذي تذوق طعم الاحتراف في الكاميرون، لم يكن يكتفي بمراقبة ابنه، بل كان يزرع فيه بذور العظمة منذ اللحظة التي لمست فيها قدماه الكرة لأول مرة، كان الوالد يحلم برؤية نسخة جديدة من مارادونا أو رونالدينيو، ساحرا يراقص الخصوم ويخطف الأنفاس، لكن كارلوس، ورغم تشبعه بتلك الروح البرازيلية التي زرعها والده، كان يمتلك عقلا يميل إلى ضبط الإيقاع وإدارة المعارك من العمق.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 شاهد.. محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا
* list 2 of 2 شاهد.. زين الدين زيدان يخطف الأضواء في مباراة الجزائر والسودان end of list

هذه الثنائية بين المهارة التي تمناها الأب، والانضباط الذي فرضه الواقع الأوروبي لاحقا، هي التي شكلت اللاعب الذي نراه اليوم في برايتون الإنجليزي، محارب بابتسامة طفل، وعقل أستاذ في جسد شاب لم يتجاوز الـ21 عاما.

هذه الابتسامة التي أصبحت علامته المسجلة ليست مجرد تعبير عن السعادة، بل هي المحرك الذي يستمد منه طاقته؛ فبالنسبة لباليبا، كرة القدم هي لعبة المتعة قبل كل شيء، وهو مبدأ ورثه عن والدته التي كانت تشاركه اللعب في طفولته وتدفعه للاستمتاع بكل لحظة.

سر الابتسامة الدائمة

يقول كارلوس بوضوح إن أداءه يرتبط بحالته النفسية؛ فإذا اختفت الابتسامة، تعطلت قدرته على قراءة الملعب. ولكن، خلف هذه البراءة، يختبئ طالب نجيب يقضي ساعات طوال أمام شاشة الحاسوب، لا لمشاهدة الأفلام، بل لتحليل جينات العظمة لدى من سبقوه، هو لا يشاهد بول بوغبا وكيفين دي بروين وتياغو ألكانتارا، وسيرخيو بوسكيتس كمعجب، بل كمحلل تكتيكي يبحث عن أسرار التمركز، وكيفية عمل مسح شامل للملعب قبل وصول الكرة، وطريقة اتخاذ القرار في أجزاء من الثانية.

باليبا يدرك أن الموهبة وحدها لا تصنع أفضل لاعب وسط في العالم، وهو اللقب الذي يضعه هدفا نهائيا لمسيرته، بل يصنعه التعلم المستمر من مدارس مختلفة، سواء كانت مدرسة الثنائي الإسباني تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا مع برشلونة أو مدرسة الدوري الفرنسي الحديثة بمرونتها مع فيتينيا وجواو نيفيز.

مصدر الصورة كارلوس باليبا لاعب برايتون الإنجليزي (غيتي)

انتقال باليبا إلى أوروبا، وتحديدا إلى نادي ليل الفرنسي، كان الاختبار الحقيقي لقدرته على التكيف مع ضغوط كرة القدم الحديثة، هناك، بدأ العالم يلاحظ أن هذا الشاب الكاميروني يمتلك شيئا مختلفا، قدرة هائلة على استخلاص الكرة وبناء اللعب في آن واحد، وعندما حط الرحال في برايتون الإنجليزي في أغسطس/آب، انفجرت موهبته تحت قيادة المدرب فابيان هورزلر، ليتحول في وقت قياسي إلى واحد من أكثر الأسماء تداولا في سوق الانتقالات وبين كبار المدربين في القارة العجوز.

وريث يايا توري

ورغم أن بداية الموسم الحالي شهدت بعض التراجع في الزخم، فإن باليبا يرفض الاستسلام لفكرة البداية الصعبة، ويرى أن التحديات هي التي تصقل المعدن الأصيل.

إعلان

واعترف باليبا لشبكة "سكاي سبورتس" بأن صعود نجمه كان أسرع مما توقع، وأن رؤية اسمه يرتبط بأرقام فلكية كان أمرا يثير الرهبة في البداية، لكنه سرعان ما حول تلك الرهبة إلى وقود لطموحه، مؤمنا بأن كل ما حققه حتى الآن ليس سوى الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل نحو قمة الهرم الكروي العالمي.

ويرى باليبا أن تمثيل منتخب الكاميرون في كأس أمم أفريقيا بالمغرب، فرصة مثالية ليعلن عن نفسه كقائد جديد لجيل "الأسود غير المروضة"، حيث إنه لا يذهب للمشاركة فحسب، بل ليثبت أنه الوريث الشرعي للأسطورة الإيفواري يايا توريه في ملاعب القارة السمراء، كما يريد أن يظهر للعالم أنه قادر على قيادة منتخب بلاده لاستعادة الأمجاد الغابرة، متجاوزا كل الأزمات الإدارية والضغوط التي تحيط بمنتخب بلاده.

حلم باليبا لا يتوقف عند حدود كأس أمم أفريقيا، بل يمتد ليصل إلى تحقيق إنجاز تاريخي في المونديال، وهو حلم قد يراه البعض بعيد المنال، لكنه بالنسبة لشاب نشأ على تحدي الصعاب في دوالا، يبدو وكأنه مسألة وقت ليس إلا، هو يعلم أن العيون ستكون مسلطة عليه كأحد أبرز نجوم الدوري الإنجليزي، وهذا النوع من الضغط هو ما يعشقه؛ لأنه المسرح الذي سيحول ابتسامته الهادئة إلى صرخة انتصار جنونية في حال رفع الكأس، ليؤكد للجميع أن "كارلوس باليبا" لم يعد مجرد اسم واعد، بل هو الحقيقة الجديدة في عالم كرة القدم التي ستجعل الأطفال يوما ما يفتحون منصة "يوتيوب" ليشاهدوا مهاراته، تماما كما يفعل الآن مع قدواته.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا