آخر الأخبار

الموت المختبئ تحت التراب.. الألغام تمزق أجساد وقلوب السوريين

شارك

دمشق أمعاء ممزقة، نحيب وعويل، وأمهات تقطعت نياط قلوبهن فرقا على فلذات أكبادهن. هكذا بدا المشهد على أسرّة مستشفى الأطفال الجامعي بدمشق أثقل من أن تتحمله القلوب.

للتّو خرج الأطفال الأربعة من غرف العمليات والعناية المركزة بعد عمليات دقيقة استُؤصل فيها بعض من أمعائهم الدقيقة، وذلك بعد حادث خطير فتك فيه لغم أرضي بأجسادهم الغضة.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 دعوى ضد إسرائيل بتهمة عرقلة عمل الصحفيين الفرنسيين في غزة
* list 2 of 2 وفاة المعارض الكاميروني أنيسيت إيكاني في السجن end of list

خمسة أطفال من عائلة السبسبي تحولت ضحكاتهم ومسرح لعبهم في بلدة الدناجي بمنطقة سعسع في ريف دمشق الغربي إلى مأتم جماعي وجرح مفتوح، في مشهد اعتاده السوريون هذه الأيام.

مصدر الصورة محمد السبسبي أزال الأطباء 40 سنتمترا من أمعائه الدقيقة تمزقت بفعل انفجار لغم (الجزيرة)

يقول موسى السبسبي والد الطفل محمد السبسبي -الذي أزال الأطباء 40 سنتمترا من أمعائه الدقيقة تمزقت بفعل الانفجار- إن اللغم من "مخلفات النظام البائد"، موضحا أن العديد من جنود نظام الأسد -حين انهياره- تعمدوا ترك أسلحتهم من دبابات وقنابل "وألغام تُركت بشكل مقصود على قارعة الطريق وفي كل مكان لإيذاء المدنيين" قبل الفرار.

وهذا الطفل خالد السبسبي ممدد فوق السرير، وقد خضع لعملية جراحية أزيل فيها من أمعائه الدقيقة 25 سنتمترا، وفق والده علي السبسبي.

وبشأن لحظة الانفجار، يقول علي السبسبي "فجأة سمعنا صوتا قويا. ركضنا إليهم فوجدناهم مرميين على الأرض: محمد وخالد وناصر وعيسى، وقد تقطعت أمعاؤهم وأطرافهم"، في حين كانت خفيفةً إصابةُ طفل خامس يدعى "محمد" كذلك.

مصدر الصورة علي السبسبي وموسى السبسبي يتابعان حالة ابنيهما بقلق بالغ (الجزيرة)

ويقول المسؤول بالمستشفى الدكتور أحمد حيدر إن "أغلب الإصابات كانت على مستوى البطن والأطراف"، وفيما يتعلق بالطفل خالد فقد "وقع التمزق على بعد 100 سنتمتر من رباط ترايتس (يربط بين عضلة المريء والرئتين)"، وهو الحد الفاصل بين الأمعاء الدقيقة العليا والسفلى، مما يجعل العملية حساسة". ويضيف "أزالوا كمية من الأمعاء.. ثم عملوا مفاغرة (وصل أطراف الأمعاء)".

إعلان

هذه الانفجارات ليست حادثا منعزلا، بل هي جزء من ظاهرة آخذة في الاتساع في مناطق سوريا المختلفة، حيث تنتشر مخلفات النظام ومليشياته وأطراف أخرى بشكل فوضوي ودون خرائط.

ويشكّل الانتشار الواسع للألغام الأرضية عبر مساحات شاسعة من سوريا تهديدا مباشرا لحياة النازحين العائدين إلى أراضيهم ومناطقهم، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي يقول مديرها فضل عبد الغني في تصريح لمركز الجزيرة للحريات إن "التلوث بالألغام الأرضية يمنع النازحين من العودة إلى ديارهم، ويعرقل الإنتاجية الزراعية في بلد يعاني من انعدام الأمن الغذائي ".

ويحث عبد الغني المجتمع الدولي على إدراك أن إزالة نظام الأسد وحده لا تشكل سلاما، "فالتعافي الحقيقي والاستقرار يتطلب برامج شاملة لمكافحة الألغام".

مصدر الصورة مؤيد النوفلي: قمنا بتطهير 250 ألف متر مربع منذ بداية العام (الجزيرة)

معطيات رقمية

ووثقت الشبكة منذ مارس/آذار 2011 وحتى نهاية 2024 مقتل 3521 مدنيا نتيجة انفجار الألغام الأرضية، من بينهم 931 طفلا و362 سيدة.

ومنذ عام 2017 تنشط منظمة "هالو تراست" في نزع الألغام هنا، ويقول مؤيد النوفلي نائب مدير مكتبها في سوريا "تم التخلص من أكثر من 10 آلاف جسم خطير غير منفجر، وبدأنا أيضا العمل منذ ما يقارب عامين على إزالة حقول الألغام".

ويضيف أن منظمته قامت بتطهير أول حقل ألغام في شمالي غربي سوريا في قرية نصيبين التابعة لناحية أريحا، وأن مساحته كانت 72 ألف متر مربع، حيث عثروا على 50 لغما وذخيرة غير منفجرة. ويشير إلى أن لديهم الآن 300 عامل في إزالة الألغام، وأن التركيز منصب الآن على خطوط التماس السابقة في شمالي غربي سوريا.

ويؤكد النوفلي أن منظمته العاملة في 30 دولة حول العالم قامت بتطهير 250 ألف متر مربع منذ بداية العام.

مصدر الصورة علي قيقوني: العملية لا تزال على مستوى المسح حتى الآن (الجزيرة)

وعلى المستوى الرسمي، تعكف الحكومة السورية على حصر أماكن توزع الألغام والذخائر غير المنفجرة، وإن كانت العملية لا تزال على مستوى "المسح"، وفق علي قيقوني مسؤول التواصل الحكومي للمركز الوطني لمكافحة الألغام، وهو من أذرع وزارة الطوارئ والكوارث، ويقول إنهم بصدد تجهيز الإحصائيات والخرائط بالاشتراك مع باقي المنظمات والمجتمع المحلي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا