في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عمّان- على وقع عواصف رعدية مباغتة وتساقطات مطرية كثيفة قلبت حركة الطرق خلال دقائق، وجد الأردنيون أنفسهم اليوم الثلاثاء أمام مشاهد مألوفة تتكرر كل عام، مركبات عالقة، وشوارع غمرتها المياه وفقدت قدرتها على التصريف، خصوصا في منطقة أبو الزيغان ب الزرقاء ، إلى جانب مناطق واسعة من سحاب وجنوب عمّان و إربد شمالا، فضلا عن الكرك والطفيلة والعقبة جنوبا.
ورغم أن الطقس بدا قاسيا في ظاهره، فإن ما حدث أعاد -وفق مختصين- تسليط الضوء على مكامن خلل مزمنة في إدارة الموسم المطري.
ومع أن التساقطات الغزيرة لم تدم طويلا، فإن آثارها كانت كفيلة بتحويل شوارع رئيسية في عمّان والزرقاء وسحاب والكرك والطفيلة و مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين إلى مساحات من السيول الجارفة التي باغتت السكان، وأظهرت ضعف البنية الخدمية في عدد من البلديات، رغم التحذيرات التي صدرت مسبقا عن خبراء الأرصاد.
ونتيجة غرق عدد من الشوارع في العاصمة عمّان، قضى مواطنون ساعات في الازدحام، بينما علقت عشرات المركبات وسط السيول. وفي الكرك والطفيلة تسببت الأمطار الغزيرة بانجراف أتربة وصخور وإغلاق طرق فرعية، في حين عملت كوادر الدفاع المدني على إنقاذ 3 أشخاص حاصرتهم السيول في الطفيلة، وسط تحذيرات من استمرار الرياح النشطة.
من جانبه، قال مالك سعادة، الخبير في الأرصاد الجوية، إن الحالة الجوية التي أثرت على الأردن الثلاثاء "كانت أقرب إلى عدم الاستقرار الجوي، بطابع عشوائي وتفاوت كبير في غزارة الهطول من منطقة لأخرى"، مضيفا -في حديثه للجزيرة نت- أن الأمطار "كانت غزيرة على فترات وترافقت مع العواصف الرعدية وزخات البرد، إضافة إلى هبّات رياح قوية أثارت الغبار قبل تطور السحب".
ولفت الخبير في الأرصاد الجوية إلى أن "التحذيرات شملت مخاطر السيول الجارفة، خاصة في الأغوار و البحر الميت والأودية، إلى جانب التنبيه من الأتربة والغبار وبرودة الطقس والتقلبات المفاجئة".
ورغم هذه التحذيرات، يرى الخبير أن ما حصل "سوف يتكرر ما لم تُعالج جذور المشكلة"، مضيفا أن "العشوائية في سلوك بعض المواطنين، ودخولهم بسياراتهم إلى المناطق الخطرة، تبقى جزءا من المشكلة، لكن الجزء الأكبر إداري بحت، فبعض مواقع الخلل، ومنها منطقة أبو الزيغان، مشاكلها معروفة، وحلها ليس معقدا ولا مكلفا، لكنها تُترك عاما بعد عام بلا معالجة".
المشهد لم يمرّ دون انتقادات برلمانية، فقد أكد رئيس كتلة عزم النيابية، النائب الدكتور وليد المصري، أن ما حدث في الزرقاء وأبو الزيغان ولواء الهاشمية ومناطق أخرى "كشف هشاشة كبيرة في أداء وزارة الإدارة المحلية والبلديات التابعة لها".
وقال المصري -في حديثه للجزيرة نت- إن الأمطار "لم تكن استثنائية"، ومع ذلك تحولت الشوارع إلى سيول جارفة جرفت مركبات وشاحنات دون وجود خطة أو تحرك ميداني فعال، مضيفا أن "ما جرى يُعد إخفاقا صارخا في إدارة الموسم الشتوي، وبالتالي فإن إبقاء المواطنين في مواجهة السيول وحدهم يعكس تقصيرا متكررا من الوزارة، ويظهر خللا إداريا واضحا في متابعة البلديات وتجهيزها".
ولفت إلى أن استمرار هذا الأداء "يعني أن أي منخفض مطري -حتى لو كان ضعيفا- سيُنتج مشاهد مشابهة وربما أسوأ"، مطالبا بتحرك حكومي عاجل "لإعادة ترتيب الأولويات، ومتابعة البلديات ميدانيا، وضمان جاهزيتها قبل أن تتحول أي موجة مطرية إلى كارثة حقيقية".
بدوره، قال المواطن صايل العموش من منطقة أبو الزيغان في الزرقاء إن المياه دخلت إلى منزله للمرة الثانية خلال عامين، وأضاف في حديثه للجزيرة نت "لم نستطع إنقاذ شيء، المياه اقتحمت البيت فجأة، وغمرت غرفة المعيشة، وأتلفت الأثاث، حاولنا تدارك ما يمكن، بينما كانت السيول تتدفق بلا توقف".
وأضاف "نحن لسنا في واد طبيعي، هذه مياه جاءت من الشارع بسبب انسداد المصارف، كل مرة يُقال إنه سيتم الحل، ولا نرى شيئا، تعبنا من الوعود".
السيول في الزرقاء اليوم
الله يعوض عليك عوض الصابرين pic.twitter.com/6KXEkQ7Ta5— محمد نواف الصرايرة (@asaearaRh) November 25, 2025
ويؤكد مختصون ومراقبون أن تكرار ما جرى يعيد كل عام السؤال ذاته، إلى متى ستظل المنخفضات الاعتيادية تتحول إلى أزمات ميدانية؟ ويشيرون إلى أن مشاهد أبو الزيغان والزرقاء وسحاب والكرك والطفيلة تثبت أن المشكلة لا ترتبط بقوة الهطول، بل بضعف الجاهزية الميدانية، وأن بقاء هذا النهج يعني ترك المواطنين في مواجهة الخطر وحدهم، في ححين تستمر الحلول الممكنة معلقة عاما بعد عام.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة