آخر الأخبار

أين يتشابه اتفاق يناير وخطة ترامب؟ وأين يختلفان؟

شارك

غزة- ينشط الوسطاء في لقاءات مكوكية تعقد هذه الأيام بين وفدي حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وإسرائيل في شرم الشيخ بمصر، بهدف تحقيق اختراق للوصول إلى تفاهمات لتطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على غزة.

وتتشابه هذه الحركة المتسارعة مع ما جرى في يناير/كانون الثاني الماضي عندما رعى ترامب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، قبل أن تنقلب إسرائيل عليه وتعود إلى العدوان على القطاع.

الأسئلة التالية التي تجيب عنها شخصيات مقربة من صانعي القرار ومحللون سياسيون، تقارن بين الظروف التي تم فيها الاتفاق السابق، وبين ما يدور حاليا في محاولة لعقد اتفاق جديد، وترسم عوامل نجاح أو إخفاق الاتفاق المحتمل الذي يحرص الوسطاء على إتمامه.

ما الفرق بين اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي وخطة ترامب الأخيرة؟

نص اتفاق يناير/كانون الثاني 2025 على هدنة موقتة بدأت صباح 19 من نفس الشهر، وتتضمن تبادل أسرى وتخفيفا إنسانيا وترتيبات ميدانية محدودة كمرحلة أولى، على أن يبدأ خلالها التفاوض على المرحلتين الثانية والثالثة اللتين تضمنان إنهاء ملف التبادل وترتيبات اليوم التالي للحرب وإعادة الإعمار.

لكن إسرائيل انتهكت المرحلة الأولى بمئات الخروقات التي أدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين خلال فترة الهدنة، مع تبادل اتهامات بشأن قوائم المفرج عنهم وتسلسل التسليم، ومن ثم انقلبت على الاتفاق في 19 مارس/آذار الماضي وشنت عدوانا جديدا على غزة .

أما مقترح ترامب الحالي المكون من 20 بندا، فيشكل إطارا سياسيا أمنيا أشمل متعدد المراحل يصل إلى وقف إطلاق النار، وتبادل شامل للأسرى، وانسحابات متدرجة، ونزع سلاح حماس، وترتيبات حكم انتقالي للقطاع بإشراف أميركي دولي، وحديث عن دور لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير ضمن مجلس إشراف، مع تعديلات إسرائيلية جوهرية أُدخلت قبل طرحها علنا.

وتُناقَش حاليا الخطة في شرم الشيخ بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة بمشاركة تركيا.

هل هناك أوجه شبه بين الاتفاق السابق والخطة الحالية؟

يكمن التشابه في الوساطة، ففي الحالتين تحتفظ واشنطن بكونها صاحبة المبادرة للمقترحات، وتبقى الوساطة القطرية المصرية حاضرة في التفاصيل والتفاوض غير المباشر وتقريب وجهات النظر. كما أن بداية المقترحين تتخذ من وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بوابة لباقي المسارات.

إعلان

وفي كلا المقترحين تتخذ المفاوضات طابعا غير مباشر يقوم الوسطاء على ترتيبها، مع حساسية إسرائيلية داخلية تُقيّد الوفود وتطيل التفاصيل الفنية المتعلقة بقوائم الأسرى وتتابع بنود الاتفاق، وتحديد مواقع انتشار جيش الاحتلال، بسبب عدم منح الوفد الإسرائيلي صلاحيات الاتفاق عليها قبل الرجوع لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

ويتشابهان في قابلية التعطيل بالتفاصيل الخاصة بأسماء دفعات الأسرى المنتظر إطلاق سراحهم من الجانبين، وتوقيت ذلك "مَن يسبق من"، وآليات التحقق من الأسماء، وكل ذلك كان واضحا في اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي، وتعود الآن بلغة "مراحل" و"مجالس إشراف".

ما الفروق الجوهرية بين المقترحين؟

اقتصر مدى اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي على هدنة تكتيكية قصيرة بنَفَس إنساني يشمل تبادل الأسرى من المستوطنين غير المجندين، والأسيرات من المجندات. ويمتد مدى خطة ترامب الحالية إلى إطار سياسي أمني شامل متعدد المراحل يتعدى الهدنة.

وفي حين لم يحدد الاتفاق السابق ترتيبات حكم انتقالية، تنص الخطة الحالية على وجود ترتيبات حكم تتعلق بمجلس إشراف دولي، وشراكات دولية، وأدوار مطروحة لتوني بلير أثارت جدلا واسعا.

أما في ما يتعلق بالانسحاب من داخل قطاع غزة، فقد شمل اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي ترتيبات ميدانية محدودة وموضعية، وتنص الخطة الحالية على انسحابات متدرجة مشروطة بملف "نزع السلاح"، وتضع فيتو إسرائيليا على أي من البنود وفق تعديلات نتنياهو.

واقتصر الاتفاق ذاته على ضمانات هشة ومرتبكة التطبيق، في حين يشمل ما يتم التفاوض عليه حاليا ضمانات أوسع أميركية دولية، لكن مثقلة باشتراطات إسرائيلية وتعديلات أقحمها نتنياهو قبل الإعلان عن الخطة.

أما في ما يتعلق بالسقف السياسي، فإن اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي، فقد كان بمثابة مرحلة إنسانية ميدانية بالأساس. وفي المقابل، يتم الاتفاق حاليا على "مسار دولة" نظريا، مع حُكم انتقالي وفكرة نزع السلاح بما يمس جوهر قوة الردع لدى للمقاومة.



ما الذي تبدّل منذ يناير/كانون الثاني الماضي حتى الآن؟


* "اشتراطات" إسرائيل داخل الورقة، حيث تفيد تقارير موثوقة بأن نتنياهو أدخل تعديلات قلبت معادلة التتابع، وربط أي انسحاب فعلي بنزع سلاح حماس، ومنح تل أبيب عمليا حق تعطيل المراحل، مما يعد جديدا بالصياغة والترتيب مقارنة بالاتفاق السابق.
* ترتيبات حكم انتقالية مثار جدل بما فيها فكرة إشراف دولي بعضوية شخصيات مثل توني بلير، وهو ما وُصف صحافيا بأنه تكريس هيمنة بواجهة دولية لا تشبه منطق الهدنة السابقة.
* ضغط سياسي ورأي عام مختلف على وقع حرب طويلة، وأزمات داخلية في إسرائيل، وحرج دولي متصاعد، مما يخلق نافذة تفاوضية لكنها محاطة بحقول ألغام داخل تل أبيب نفسها.

ما عوامل الإخفاق التي أسقطت الاتفاق السابق؟ وهل تتكرر؟


* انعدام الثقة وآليات تحقق ضعيفة: ففي يناير/كانون الثاني الماضي تحولت ثغرات الآليات المتمثلة في قوائم الأسرى وتوقيت الإفراج، إلى ذريعة لإطلاق النار والانتهاك، مع عجز الضامن الأميركي عن فرض كلفة سياسية على الخرق. وإذا بقيت آليات التحقق من القوائم في الاتفاق المحتمل "مطاطية" يخشى من إعادة السيناريو ذاته.
* اشتراط الانسحاب مقابل النزع: كلما قُدّم نزع السلاح كشرط مُسبق أو متزامن، يُفتح باب تأجيل لا ينتهي ويصبح الانسحاب ورقة مساومة مفتوحة، وهو ما تشير إليه التعديلات التي نُسبت لنتنياهو.
* حق الفيتو العملي لإسرائيل: حين يحتفظ الاحتلال بقدرة التعطيل تحت بند "الأمن" أو "التحقق"، تتآكل المراحل التالية قبل أن تبدأ.

ما هي عوامل النجاح المحتملة؟


* تسلسل واضح بضمانات تنفيذية من خلال ربط كل خطوة بحزمة التحقق من الظروف والأسماء، وتحفيز الملتزمين بتطبيق الاتفاق، وفرض عقوبات على المماطلين في ذلك، بحيث لا يسمح بإعادة تفسير البند وفق مزاج يومي. ويتطلب ذلك إسنادا علنيا من الوسطاء وتعهدا بكلفة سياسية على أي خرق جديد، وهو ما غاب فعليا عن الاتفاق السابق.
* فصل البعد الإنساني العاجل عن التبعات السياسية طويلة الأمد، ويتم ذلك بإنقاذ الأرواح وتثبيت وقف إطلاق النار وتبادل جاد للأسرى خلال أيام، دون رهن ذلك ببنود "الحوكمة ونزع السلاح" طويلة التفاوض. وتبدو مؤشرات شرم الشيخ تتحدث عن تقدم أولي في هذا المسار.
* تعريف دقيق للحوكمة الانتقالية، فأي دور دولي يجب ألا يُترجم إلى وصاية أو حاكم على قطاع غزة بما يعيد إنتاج السيطرة، وإلا انفجر المسار شعبيا وإقليميا كما تحذر تحليلات عدة.
إعلان

في النهاية، فإن اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي كان "هدنة عملياتية" انهارت لأن آلياتها رخوة وكان الضمان الأميركي ضعيفا، في حين أن ورقة الـ20 بندا الجديدة تُصاغ كخارطة طريق شاملة، لكنها مثقلة بتعديلات إسرائيلية تجعل الانسحاب مرهونا بنزع السلاح وتُغري بتعطيل تسلسلي.

وإذا كان التشابه قائما في نقطة الانطلاق لكلا الاتفاقين بوقف إطلاق النار والتبادل، فإن الجديد الأخطر هو طبقة الحوكمة الانتقالية والفيتو الإسرائيلي الأمني المضمَر، وهما عنوانا النجاح أو الفشل المقبل.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا