آخر الأخبار

أردوغان يرسم خريطة التجديد التنظيمي لحزب العدالة والتنمية

شارك

أنقرة- اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الخميس، برؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في الولايات الـ81، في لقاء حزبي موسع حمل رسائل تنظيمية وسياسية لافتة.

أردوغان، الذي ترأس الاجتماع في المقر الرئيسي للحزب في العاصمة أنقرة ، رسم ملامح خريطة التجديد الداخلي للحزب الحاكم، مؤكدا أن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة تنشيط القواعد الشعبية وتعزيز الحضور الميداني استعدادا للتحديات القادمة.

وفي كلمته، شدد أردوغان على تبني إستراتيجية "السياسة الشاملة" القائمة على التواصل المباشر والدائم مع المواطنين، محذرا من أي تراجع في ملف " تركيا خالية من الإرهاب" باعتباره ركيزة أساسية لحماية الأمن والاستقرار.

مصدر الصورة أردوغان يتوسط قادة حزب العدالة والتنمية في اجتماع اليوم (حساب حزب العدالة والتنمية على إكس)

تعزيز التواصل الميداني

شدد الرئيس التركي على أن نجاح حزب العدالة والتنمية في المرحلة المقبلة مرهون بتكثيف الحضور الميداني وتعميق الصلة المباشرة مع المواطنين، ودعا رؤساء الفروع إلى أن يكونوا في حالة نشاط دائم، يعملون على مدار الساعة، بحيث يصبح الحزب حاضرا في تفاصيل الحياة اليومية للناس وقريبا من نبض الشارع.

وأكد أن هذا الانخراط المباشر هو الركيزة الأساسية لنهج "السياسة الشاملة" الذي يتبناه الحزب، مشيرا إلى أن القيادة تتوقع من كوادرها حضورا ميدانيا متواصلا وتفاعلا نشطا مع المواطنين في كل الأوقات.

وفي السياق ذاته، منح أردوغان أهمية خاصة لمبادرة "تركيا خالية من الإرهاب"، مؤكدا أن أي تراخ في هذا الملف لا يُغتفر، وأن الحفاظ على الأمن والاستقرار يظل على رأس أولويات الحزب والدولة.

واعتبر أن تعزيز صورة الحزب كحام للأمن القومي ضرورة لا تقل أهمية عن تجديد هياكله التنظيمية، لاسيما فيما وصفه بـ"العهد الجديد القائم على الأمن والاستقرار" بعد التراجع الملحوظ في أنشطة التنظيمات الإرهابية.

مصدر الصورة الاجتماع عقد في المقر الرئيس لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة (حساب الحزب على إكس)

مراجعة شاملة

جاء الاجتماع بعد عملية تقييم موسعة شملت أداء فروع الحزب في جميع الولايات التركية، قادتها رئاسة التنظيم في العدالة والتنمية، وشملت المراجعة 81 ولاية و922 فرعا محليا، واستندت إلى معايير تتعلق بـ:

إعلان

* مدى الحضور الميداني.
* قوة التواصل مع المواطنين.
* والقدرة على الاستجابة لمطالبهم اليومية.

وقد أظهرت النتائج تباينا واضحا بين فروع أثبتت حضورا قويا وفعالية على الأرض، وأخرى عانت من ضعف في الأداء وتراجع في التأثير، واستنادا إلى هذه النتائج، شرع الحزب في إعادة تشكيل قياداته المحلية بهدف معالجة الثغرات وتعزيز التناغم التنظيمي.

وأكدت مصادر حزبية أن الهدف ليس إقصاء أشخاص بقدر ما هو بث روح جديدة وتحفيز القاعدة، في إطار عملية وصفت بأنها "سباق تتابع" وليست "حملة تطهير".

وأوضح بيان للحزب أن تغيير حاملي الراية يعد خطوة ضرورية لضمان بقاء العدالة والتنمية القوة السياسية الأكثر ديناميكية في البلاد.

وفي هذا السياق، شهدت الأسابيع الأخيرة تعيين رؤساء فروع جدد في ولايات عدة، بينها موغلا وجناق قلعة وأديامان ونيدا وتونجلي وبتليس وإيلازيغ وأوردو، مع توقعات بأن تستمر موجة التغيير لتشمل ولايات أخرى.

وتأتي هذه الخطوات في أعقاب نتائج انتخابية متباينة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها خسارة الحزب لرئاسة بلديات كبرى مثل إسطنبول وأنقرة عام 2019، وفشله في استعادتها في انتخابات 2024، وهو ما شكل دافعا قويا لمراجعة الذات وإعادة ضخ دماء جديدة في مفاصل الحزب.

في السياق، أكد حسن كاراجا، عضو فرع الشباب بحزب العدالة والتنمية، أن التغييرات الأخيرة داخل الحزب لا يمكن اختزالها في كونها مجرد تدوير للأسماء، بل تمثل جزءا من عملية تجديد ممنهجة تقوم على معايير دقيقة.

وقال في حديث للجزيرة نت، إن استبدال الأشخاص ليس غاية بحد ذاته، وإنما يسبقه تقييم شامل يعتمد على الأداء الميداني ودرجة التواصل مع المواطنين ومدى القدرة على التعامل مع تحديات كل منطقة.

وأضاف كاراجا في حديث للجزيرة نت، أن النهج الحالي لا يقوم على إزاحة القديم لصالح الجديد بشكل مطلق، وإنما على صياغة توازن بين الخبرة والتجديد، فهناك كوادر مخضرمة تواصل العمل بخبرتها الطويلة، إلى جانب فتح المجال أمام قيادات شابة تحمل حيوية المرحلة المقبلة.

رسائل سياسية

لم يقتصر خطاب أردوغان على الملفات التنظيمية، بل حمل رسائل سياسية واضحة للداخل والخارج، فعلى الصعيد الخارجي، أدان بشدة الهجوم الإسرائيلي على أسطول الصمود المتجه إلى غزة، واصفا ما جرى بأنه "عمل قرصنة" يستهدف منع وصول المساعدات الإنسانية.

وقال أردوغان "أدين هذا العمل الهمجي ضد الأسطول الذي تحرك لتسليط الضوء على المجاعة التي يواجهها أطفال غزة"، مؤكدا أن تركيا ستواصل دعمها للشعب الفلسطيني وجهودها لتحقيق التهدئة.

أما داخليا، فقد استغل أردوغان المنبر لمهاجمة حزب الشعب الجمهوري على خلفية مقاطعته الجلسة الافتتاحية للبرلمان، معتبرا ذلك "إهانة لإرادة الشعب".

وبلهجة انفتاح، دعا أردوغان شخصيات من المعارضة المحلية للانضمام إلى حزبه، مشيرا إلى الفضائح والاتهامات التي تلاحق بعض البلديات المعارضة، وقال "بابنا مفتوح لكل من لا يريد الرضوخ لضغوط اللصوص الذين حولوا البلديات إلى مزارع عائلية".

مرونة سياسية

من جانبه، يرى المحلل السياسي عمر أفشار أن خطوات أردوغان في إعادة هيكلة الحزب وتوجيه رسائل قوية داخليا وخارجيا تعكس إدراكا مبكرا للاستعداد لانتخابات 2028، في ظل حاجة الحزب إلى ضخ دماء جديدة ومخاطبة جيل شاب بات يشكل ثقلا انتخابيا متناميا.

إعلان

وأوضح أفشار في حديث للجزيرة نت، أن هذه التحركات تكشف عن مرونة سياسية وقدرة على مراجعة الذات، في وقت تسعى فيه القيادة لإبراز صورة متجددة وحيوية، فيما تسهم المواقف الخارجية -مثل الدفاع عن القضية الفلسطينية- في تعزيز صورة أردوغان كزعيم يتجاوز حدود الداخل.

وفي المقابل، اعتبر أن هذه الخطوات تمثل أيضا اعترافا بوجود تحديات حقيقية، أبرزها خسارة مدن كبرى كإسطنبول وأنقرة، وتراجع التأييد الشعبي تحت ضغط الأزمة الاقتصادية. لذلك، فإن نجاح هذه الإستراتيجية سيعتمد على مدى قدرتها على تحويل التغييرات التنظيمية إلى نتائج ملموسة في الشارع، خصوصا في المدن الكبرى التي ستحدد مصير الانتخابات المقبلة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا