آخر الأخبار

تفاهمات أمنية جديدة بين دمشق وتل أبيب برعاية أميركية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

مصادرنا: اجتماع أمني بين سوريا وإسرائيل في باكو الخميس

يقف الجنوب السوري اليوم أمام مرحلة حرجة ومفصلية في تاريخه الميداني والسياسي، في ظل تحركات دبلوماسية وأمنية متشابكة تهدف إلى إعادة ترتيب الأوضاع بعد عقود من الهدوء النسبي المبني على اتفاق فض الاشتباك بين دمشق وتل أبيب لعام 1974.

التقارير الأخيرة تشير إلى أن هناك مقترحا إسرائيليا جديدا، برعاية أميركية، قد يحل محل اتفاق فض الاشتباك التاريخي، ما يفتح المجال أمام خريطة أمنية جديدة على حدود الجولان والمناطق المحيطة جنوب غرب دمشق.

التحرك الأميركي لإعادة ترتيب الملف السوري الإسرائيلي يأتي في سياق إقليمي متقلب، خصوصا بعد سلسلة الأحداث التي شهدتها المنطقة من تصعيد إسرائيلي في غزة، وأزمة أوكرانيا التي امتدت تبعاتها إلى أوروبا الشرقية، ما جعل الإدارة الأميركية تبحث عن إنجازات سياسية عاجلة قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

اجتماع باكو.. منصة لإعادة تشكيل الجنوب السوري

مصادر دبلوماسية أكدت أن اجتماعا أمنيا سيجمع مسؤولين سوريين وإسرائيليين في باكو، برعاية أميركية، لمناقشة أوضاع الجنوب السوري وإمكانية التوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة.

وزارة الخارجية السورية أعلنت عن عملها مع واشنطن على صياغة تفاهمات أمنية مع إسرائيل، في خطوة توحي برغبة دمشق في التخفيف من حدة الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، خصوصا مع تقارير عن سحب الجيش السوري للسلاح الثقيل من بعض مناطق الجنوب.

الباحث في الشؤون الإسرائيلية خالد خليل من دمشق أوضح خلال حديثه لبرنامج "الظهيرة" على سكاي نيوز عربية أن دمشق لا تزال تتمسك بالعودة إلى اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 "بشروط محسّنة"، مضيفًا: " سوريا اليوم تمر في مرحلة انتقالية، تريد كف الاعتداءات الإسرائيلية والعودة إلى اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وإن بشروط محسنة، لكن ما يجري الحديث عنه هو عبر تسريبات لموقع أكسيوس، وهذا الموقع عادة تلجأ إليه الحكومة الإسرائيلية لتسريب تقاريرها ولجس النبض".

ملامح المقترح الإسرائيلي الجديد

حسب موقع أكسيوس، فإن المقترح الإسرائيلي يركز على إعادة تنظيم الجنوب السوري على شكل 3 مناطق، تختلف فيها مستويات القوات السورية ونوعية الأسلحة المسموح بها.

أبرز نقاط المقترح تشمل:


* استبدال اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 بتفاهمات جديدة تشمل خريطة من جنوب غرب دمشق حتى الحدود مع إسرائيل.
* تقسيم المنطقة إلى 3 دوائر أمنية، مع السماح للسوريين بالاحتفاظ بمستويات مختلفة من القوات وأنواع مختلفة من الأسلحة حسب المنطقة.
* حظر وجود قوات عسكرية أو أسلحة ثقيلة قرب الحدود مع إسرائيل، مع السماح للشرطة السورية بالبقاء.
* إعلان المنطقة الممتدة من جنوب غرب دمشق حتى الحدود الإسرائيلية منطقة حظر طيران للطائرات السورية.
* انسحاب تدريجي من الأراضي التي احتلتها إسرائيل مؤخرًا، باستثناء موقع استراتيجي على قمة جبل الشيخ.
* الإبقاء على ممر جوي يتيح ضربات مستقبلية محتملة ضد أهداف إيرانية عبر الأراضي السورية.

الباحث خالد خليل، اعتبر أن هذه المقترحات، رغم ما تبدو عليه من تغييرات، تعكس طبيعة المفاوضات الإسرائيلية التقليدية: "إسرائيل ترفع سقف توقعاتها وأهدافها وطموحاتها وتحاول فرض وقائع ميدانية والتفاوض عليها. هذا لا يعني وجود أجواء من الثقة للوصول إلى مفاوضات أو صفقة واضحة".

كما أشار خليل إلى أن سحب دمشق للأسلحة الثقيلة لا يُعد خطوة جديدة، إذ أن معظم هذه القدرات كانت قد دُمرت خلال الهجمات الإسرائيلية منذ بداية الصراع في سوريا، وأن فكرة " منطقة منزوعة السلاح" ليست جديدة، بل كانت جزءًا من اتفاقيات حافظ الأسد، ومماثلة لما تم في اتفاقية كامب ديفيد مع مصر في سيناء.

دمشق والمرونة المرحلية

تسعى سوريا من خلال هذه المفاوضات إلى التوصل إلى تفاهمات أمنية مرحلية وجزئية، كفيلة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية والعودة إلى حدود ما قبل 8 ديسمبر، أي الأراضي التي احتلتها إسرائيل مؤخرا.

وفي الوقت نفسه، تحاول دمشق الموازنة بين ضبط النفس الداخلي والرسائل الإقليمية المطمئنة، خصوصا مع تصاعد الانتقادات الغربية للإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك الهجمات على قطر ومنظومة الأمن الخليجي.

وصف خليل هذه المرحلة بأنها "تفاهمات أمنية مرحلية، وليس اتفاقًا مطلقًا"، مضيفا: " دمشق تعتمد على زخم إقليمي وعلى سياسة ضبط النفس والمراهنة على الوقت. إسرائيل تحاول فرض وقائع على الأرض، لكنها تواجه معارضة داخلية وخارجية تجعل أي تسوية شاملة صعبة التحقيق".

إسرائيل.. الطموح مقابل القيود

من جانبها، تسعى إسرائيل إلى فرض رؤيتها الأمنية، مستغلة أي غموض أو ضعف في المفاوضات. إلا أن الوضع الداخلي الإسرائيلي يعقد حسابات تل أبيب، خصوصا مع الانقسامات بين القيادة السياسية والعسكرية.

خليل شدد على أن نتنياهو يسعى لتحقيق "إنجاز دبلوماسي سريع" لتقديمه على طاولة الأمم المتحدة، لكنه في الوقت نفسه يواجه نقدًا متزايدًا داخل إسرائيل بسبب السياسات العسكرية المتشددة والفشل في غزة و الضفة الغربية.

السويداء والدروز.. محور حساس

تظل محافظة السويداء والمكون الدرزي محورًا حساسًا في أي تفاهم أمني. تقارير دبلوماسية أشارت إلى أن إسرائيل كانت تسعى لاستغلال هذا المكون كأداة ضغط، إلا أن اتفاقات باريس بين الزعامات الدرزية السورية والإسرائيلية عززت وحدة الأراضي السورية وقلصت ورقة الضغط هذه، ما يشير إلى تغير ديناميكيات المفاوضات في الجنوب السوري.

منظور إسرائيلي.. إنجاز متاح نسبيا

من القدس، رأى الباحث السياسي إلحنان ميلر أن الفرصة للوصول إلى اتفاق "سهلة نسبيًا"، نظرًا لوجود تفاهمات سابقة، مع وجود نقطتي خلاف رئيسيتين فقط: بقاء إسرائيل في موقع جبل الشيخ الاستراتيجي، وممر مساعدات نحو السويداء بدعم من المكون الدرزي.

ميلر أوضح: " نتنياهو بحاجة إلى إنجاز سياسي عاجل، وملف سوريا الإسرائيلي يبدو أسهل مقارنة بالملفات الأخرى. الساعة الرملية تدق، وهناك مصلحة مشتركة بين نتنياهو والإدارة السورية للتوصل إلى تفاهمات جديدة في هذا التوقيت بالذات".

وأشار إلى أن الظروف الإقليمية والضغوط الأميركية والأوروبية تجعل التوصل إلى تفاهمات ممكنًا، رغم استمرار حساسية بعض التفاصيل الأمنية، خصوصًا فيما يتعلق بجبل الشيخ و ممر السويداء.

الجنوب السوري يقف اليوم عند مفترق طرق، حيث تتلاقى مصالح متعددة وتتقاطع أوراق ضغط إقليمية ودولية. أي تفاهم مرتقب يبدو أنه سيكون مرحليًا وجزئيًا، يهدف بشكل أساسي إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية وخلق إطار أمني مؤقت يسمح بتهدئة التوتر على الأرض، مع إبقاء الباب مفتوحًا لمفاوضات لاحقة.

ما بين جبل الشيخ، وسويداء، والضغوط الأميركية والإسرائيلية، يبدو أن الجنوب السوري يشهد إعادة رسم جزئية لخريطة الأمن والسياسة، لكنها خطوة أساسية نحو استقرار أكبر في المنطقة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا