في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تعد الروبية الهندية حاليا أسوأ العملات أداءً في آسيا لعام 2025، كما أنها في طريقها لأكبر انخفاض سنوي لها منذ عام 2022، وهو العام الذي أدى اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى ما يزيد على 100 دولار للبرميل، وهو ما وجه ضربة قوية للهند التي تستورد حوالي 90% من نفطها الخام.
ومع ذلك، يُعزى ضعف هذا العام إلى ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية على الصادرات الهندية ونزوح المستثمرين الأجانب من سوق الأسهم المحلية، حسب بلومبيرغ.
وفي محاولة لاستقرار الروبية، باع بنك الاحتياطي الهندي أصولا بالعملات الأجنبية بأكثر من 30 مليار دولار منذ نهاية يوليو/ تموز، وذلك وفقًا لتقديرات بلومبيرغ إيكونوميكس، وبذلك نجح في تجنب انخفاض جديد في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
لكن في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، هبطت الروبية إلى 89.4812 مقابل الدولار، مما يشير إلى توقف البنك المركزي عن دعم العملة.
ويشك المحللون في أن بنك الاحتياطي الهندي يريد الحفاظ على احتياطياته في حال تأخر محادثات التجارة مع الولايات المتحدة .
وتمر العملة الهندية الآن بمرحلة حاسمة، فالتحسن المحتمل في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والهند وانخفاض معدل التعريفة الجمركية قد يخفف الضغط على العملة، لكن إذا لم يحدث ذلك فقد يضطر بنك الاحتياطي الهندي إلى دعم الروبية أكثر.
انخفضت الروبية لأول مرة في يناير/ كانون الثاني هذا العام قبل أن تحقق مكاسب طفيفة مقابل الدولار في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان، وفي أقوى مستوياتها في أوائل مايو/ أيار جرى تداول العملة عند 83.7538 مقابل الدولار.
وكان هذا في الوقت نفسه تقريبا الذي راهن فيه المستثمرون على أن الهند ستكون من بين أوائل الدول التي تبرم اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة، وغذّت توقعات انخفاض الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية التفاؤل بتدفق رأس المال الأجنبي إلى البلاد، مع سعي الشركات إلى إيجاد مراكز تصنيع خارج الصين .
لكن الأمور انقلبت في يوليو/ تموز، عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب عن خطط لفرض رسوم جمركية أعلى من المتوقع، وهدد بمعاقبة الهند على شرائها الطاقة والأسلحة الروسية.
وبددت هذه الرسوم آمال نيودلهي في الحصول على معاملة تفضيلية على نظيراتها الآسيوية، وتكبدت الروبية أسوأ خسارة شهرية لها منذ عام 2022، وفي أغسطس/آب فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على معظم الصادرات الهندية بنسبة 50% -وهي الأعلى في آسيا- بما في ذلك رسوم جزائية ثانوية بنسبة 25% على تجارة الهند مع روسيا ، وتراجعت الروبية إلى سلسلة من أدنى مستوياتها القياسية، متجاوزة 88 روبية للدولار.
وفي سبتمبر/ أيلول، تراجعت قيمة العملة الهندية أكثر بعد ورود تقارير تفيد بأن الرئيس ترامب حثّ الدول الأوروبية على فرض رسوم جمركية جزائية مماثلة تتعلق بروسيا على الواردات الهندية، وأن الولايات المتحدة تخطط لرفع رسوم تأشيرة إتش بي1 للعمالة الماهرة -التي يذهب معظمها إلى العمال المولودين في الهند- من بضع مئات من الدولارات إلى 100 ألف دولار.
وأدى نزوح الأجانب المحموم من الأسهم الهندية مدفوعا بالرسوم الجمركية الأميركية، وتقييمات الأسهم المرتفعة، والمخاوف بشأن النمو الاقتصادي ، وضعف أرباح الشركات، إلى زيادة الضغوط على الروبية. وحتى 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، سحب المستثمرون الأجانب ما يقرب من 16.3 مليار دولار من الأسهم الهندية هذا العام، ليقتربوا من مستوى قياسي للتدفقات الخارجية في عام 2022.
وتكهن المتداولون بأن بنك الاحتياطي الهندي قد تدخل بشكل متقطع هذا العام لتحقيق استقرار العملة، ولا سيما في فبراير/ شباط، ومرة أخرى في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني هبطت الروبية فجأة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، مما يشير إلى أن البنك المركزي اختار عدم التدخل في تلك المناسبة.
يتدخل بنك الاحتياطي الهندي فقط عند الحاجة لاحتواء التقلبات المفرطة، بدلاً من استهداف أي قيمة محددة مقابل الدولار، كما صرّح محافظ البنك المركزي مرارا وتكرارا.
وعادة ما يفعل ذلك عن طريق بيع الدولار من احتياطياته من النقد الأجنبي، مما يساعد على كبح ارتفاع الدولار ودعم الروبية، أو من خلال عقود المشتقات الخارجية التي يلتزم بموجبها ببيع الدولار بسعر محدد مسبقا في تاريخ لاحق.
وتبلغ هذه الاحتياطيات الآن حوالي 693 مليار دولار، وهي من بين الأكبر في العالم، وتكفي لتغطية حوالي 11 شهرا من الواردات.
وبينما تدخّل بنك الاحتياطي الهندي بقوة عدة مرات على مر السنين، يُقال إنه يتّبع الآن نهجا أكثر تساهلا في عهد رئيسه الجديد الذي عُين في ديسمبر/ كانون الأول 2024.
لكن رغم هذا النهج المتمثل في عدم التدخل، فإنه عندما اقتربت الروبية من 89 روبية مقابل الدولار في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، شعر بنك الاحتياطي الهندي بالقلق وتعهد بالتدخل حتى تستقر العملة.
وساعد ذلك الروبية على الاستقرار حتى انخفضت في الأسبوع الأخير من أكتوبر/ تشرين الأول، مما يشير إلى استمرار الضغط على العملة.
وأشار محللون إلى أن دفاع بنك الاحتياطي الهندي عن الروبية عند حوالي 88.8 روبية مقابل الدولار أمر غير مستدام في ظل عجز تجاري أوسع نطاقا وتدفقات ضعيفة من المحافظ الاستثمارية وسحب احتياطيات النقد الأجنبي.
وحسب بلومبيرغ، كانت هذه الخطوة على الأرجح تكتيكية، وتهدف إلى الحفاظ على الاحتياطيات كأداة لدعم العملة لما قد يكون فترة طويلة ومتقلبة بينما تتفاوض الولايات المتحدة والهند على صفقة تجارية.
وتشير التقديرات إلى أن بنك الاحتياطي الهندي أنفق بالفعل حوالي 32.8 مليار دولار من العملات الأجنبية منذ نهاية يوليو/ تموز.
المصدر:
الجزيرة