آخر الأخبار

DW تتحقق - هل ستلغى أسواق عيد الميلاد في ألمانيا؟

شارك
من المقرر أن يفتح سوق ستريتزل ماركت في دريسدن وهو واحد من أقدم أسواق عيد الميلاد في ألمانيا في 26 نوفمبر.صورة من: picture alliance/imageBROKER

لم يتبقَّ سوى شهرين على عيد الميلاد ومع ذلك تكدّست في متاجر السوبرماركت الألمانية منذ أسابيع كعكات الزنجبيل (ليبكوخن) وتقويمات عيد الميلاد (أدفنتس كالندر) ومواد الزينة. حتى أن بعض المدن بدأت بالفعل في إقامة أسواق عيد الميلاد الشهيرة في مراكزها.

ومع ذلك تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم تقول إن العديد من أسواق عيد الميلاد في ألمانيا قد أُلغيت هذا العام. فريق التحقق في DW قام بفحص الادعاء ومصدره.

الادعاء:

في مقطع فيديو على منصة "تيك توك" كُتب عليه: " عيد الميلاد يقترب وألمانيا تلغي أسواقها… ويبدو أن أماكن أخرى في أوروبا تفعل الشيء نفسه"، وقد تمت مشاهدته أكثر من 630 ألف مرة. وفي منشور آخر واسع الانتشار على منصة X يُزعم أن "مئات من أسواق عيد الميلاد في ألمانيا أُلغيت"، وقد حصد المنشور أكثر من 440 ألف مشاهدة. بل ذهب بعض المستخدمين إلى حد القول: "المانيا تلغي عيد الميلاد" وهي عبارة ظهرت في منشورات على إنستغرام وX تجاوزت نصف مليون مشاهدة.

على عكس الشائعات المنتشرة على الإنترنت ستُقام أسواق عيد الميلاد في ألمانيا لعام 2025 وقد بدأت العديد من المدن بالفعل في بناء الأكشاك.صورة من: TikTok

DW تتحقق: الادعاء خاطئ.

تُنظِّم ألمانيا سنويا أكثر من 2,500 سوق لعيد الميلاد . سوق ستريتسل ماركت في مدينة دريسدن يجذب وحده نحو 2،5 مليون زائر كل عام. صحيح أنه تم إلغاء بعض الأسواق الصغيرة بشكل فردي إلا أنه لا توجد أي تأكيدات رسمية على أن ذلك يحدث على مستوى البلاد بأكملها.

وتُفتَح معظم أسواق عيد الميلاد في نهاية شهر نوفمبر. ففي برلين وحدها سيُقام هذا العام أكثر من 60 سوقا كما تُخطَّط أسواق عديدة أخرى في مدن كبرى مثل لايبتسيغ ودريسدن وكولونيا وفرانكفورت وهامبورغ. وقد بدأ بناء الكثير منها بالفعل. وحتى الآن أفادت وسائل الإعلام الألمانية بوجود عدد قليل فقط من حالات الإلغاء المؤكدة: في روستوك شمال شرق ألمانيا لن يُقام سوق عيد الميلاد التاريخي الذي أُلغي أيضا في العام السابق في عام 2025. وفي حي رالسشتِت بمدينة هامبورغ أُلغي السوق المحلي لأن أصحاب الأكشاك لم يحققوا أرباحا كافية في العام الماضي ولم يرغبوا في العودة هذا العام. أما سوق عيد الميلاد في قلعة بودلشفيغ التاريخية في دورتموند فقد أُلغي لعامي 2025 و2026 بسبب أعمال الترميم الواسعة في القلعة.

ادّعت Duna Press بشكل خاطئ أن ألمانيا تلغي أسواق عيد الميلاد، ورسمت باستخدام صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي صورة قاتمة ومُبالغ فيها عن ألمانيا.صورة من: dunapressorg

مصدر الادعاء المنتشر

المنشور على منصة X الذي يزعم أن "مئات من أسواق عيد الميلاد في ألمانيا" قد أُلغيت يستند إلى مصدر واحد فقط: موقع Duna Press.. فقد نشر هذا الموقع في 18 أكتوبر مقالا باللغة الإنجليزية بعنوان: "ألمانيا تُلغي أسواق عيد الميلاد لعام 2025"
باسم J&M Duna Press ويصف نفسه بأنه جزء من مجموعة مستقلة للتواصل والتعليم. وحسب المقال فإن المنظمين في المدن الصغيرة يذكرون ما يُسمّى بـ "تكاليف الأمن الباهظة" كسبب رئيسي للإلغاء ويُرجع المقال ارتفاع هذه التكاليف إلى سلسلة من الهجمات الإرهابية. لكن المقال يذكر مثالين فقط على ما يسميه حالات إلغاء: مدينتا Rheinfeld وSchongau.. غير أن مدينة باسم "Rheinfeld" لا وجود لها في ألمانيا، بل هناك مدينتان تحملان اسمين متشابهين: Rheinfelden وحي Rheinfeld في مدينة دورماغن. وقد تواصل فريق التحقق في DW مع السلطات في كلتا المدينتين وكذلك مع مدينة شونغاو للاستفسار عن صحة هذه المعلومات.

وجاء ردّ مدينة شونغاو واضحا: "سوق عيد الميلاد لعام 2025 سيُقام كالمعتاد". أما مدينة دورماغن فأبلغت قناة DW بما يلي:

"لم يكن هناك في السنوات الماضية أي سوق عيد ميلاد في حي راينفِلد بمدينة دورماغن ولا يوجد أي سوق من هذا النوع مُخطط له لعام 2025 أيضا". بينما مدينة راينفِلدِن لم تردّ حتى وقت نشر التقرير لكن الموقع الرسمي للمدينة يؤكد أنه سيُقام سوق عيد الميلاد لعام 2025. إن نشر معلومات مضللة يهدف إلى إثارة المشاعر القوية وبثّ الخوف والشك وانعدام الثقة.

أدت الادعاءات المضللة بأن ألمانيا تلغي أسواق عيد الميلاد أو حتى عيد الميلاد نفسه إلى ظهور تعليقات غاضبة ومليئة بالكراهية، بما في ذلك الدعوات لإلغاء شهر رمضان أيضا.صورة من: instagram


وتُظهر التعليقات على هذه المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي كيف تجد السرديات المعادية للمهاجرين والمسلمين صدىً لدى بعض المستخدمين، إذ يذهب بعضهم إلى حدّ المطالبة بإلغاء شهر رمضان كمقابل لادعاء إلغاء أسواق عيد الميلاد.

الشكوك حول وجود الكاتبة

الكاتبة(Bianca Firenze) لا تملك سيرة ذاتية يمكن التحقق منها ولا أي وجود على وسائل التواصل الاجتماعي عبر موقع Duna Press.. بدأت الكتابة للموقع في أغسطس 2024 وتركزت مقالاتها على موضوعات صحية وأبراج فلكية.
وفي أكتوبر 2025 نشرت عدة مقالات تناولت ما زُعم أنه تدهور في أوضاع ألمانيا مستخدمة لغة مثيرة ومبالغًا فيها ومن دون الاعتماد على مصادر موثوقة. وبوجه عام تُصوّر هذه المقالات ألمانيا بصورة كئيبة وسلبية للغاية.

جميع الصور المنشورة على الموقع مولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي بما في ذلك صور الكتّاب، ومنها صورة بيانكا فيرينتسه نفسها. وهذا يثير تساؤلات حول مصداقية الأشخاص المشاركين في الموقع. والشخص الوحيد الذي يستخدم صورة حقيقية ولديه حسابات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي هو باولو فرناندو دي بارّوس (Paulo Fernando de Barros) الذي يصف نفسه بأنه رئيس تحرير J&M Duna Press.. أما أقدم المقالات المنشورة على الموقع فترجع إلى عام 2017 وهي مكتوبة باللغة البرتغالية.

تملك حسابات مجلة Duna Press على وسائل التواصل الاجتماعي عددا قليلا جدا من المتابعين وتحظى منشوراتها بتفاعل محدود للغاية مما يشير إلى ضعف مصداقيتها أو قلة ثقة الجمهور بها.

بعض المنشورات التي تروج لهذه الادعاءات المضللة وصلت إلى مئات الآلاف من المشاهدات.صورة من: X

ارتفاع التكاليف، لكن لا إلغاءات

قام فريق التحقق من الحقائق في DW أيضا بفحص الادعاء القائل إن "ألمانيا تلغي عيد الميلاد ". وأظهرت نتائج البحث العكسي عن الصور أن الصورة المستخدمة في المنشور جاءت من منشور أصلي على فيسبوك باللغة الألمانية.

لكن ذلك المنشور الأصلي لم يذكر أبدا أن ألمانيا ألغت عيد الميلاد، بل أوضح فقط أن العديد من منظمي أسواق عيد الميلاد في ألمانيا يدقّون ناقوس الخطر بسبب ارتفاع التكاليف الإضافية الناتجة عن تشديد الإجراءات الأمنية، خصوصا بعد الهجمات في برلين (2016) وماغديبورغ (2024) . ويضيف كاتب المنشور الأصلي: "قد تُلغى بعض الأسواق هذا العام بالكامل". أي أن الحديث كان عن مخاوف واحتمالات محدودة وليس عن إلغاء شامل لعيد الميلاد أو لأسواقه في ألمانيا. ومنذ الهجمات على سوق عيد الميلاد في برلين وفي ماغديبورغ ارتفعت بالفعل تكاليف الأمن. فعلى سبيل المثال من المتوقع أن تصل مصاريف ماغديبورغ هذا العام إلى نحو 150,000 يورو، أي ما يقارب ضعفي ما كانت عليه في السابق (80,000 يورو). ورغم غياب لوائح وطنية شاملة أصبحت بعض الإجراءات الأمنية معيارية: الحواجز الخرسانية وفحص الحقائب والمراقبة بالفيديو والحواجز القابلة للغمر في الشوارع. ويضع المنظمون خطط الأمن التي تُراجع وتُصادق عليها الجهات المختصة. وفي المدن الصغيرة تتحمل البلديات أحيانا جزءا من التكاليف.
صحيح أن التكاليف ارتفعت وأن بعض الأسواق اضطرت للتقليص لتطبيق الإجراءات الأمنية، لكن لا توجد أي مؤشرات على إلغاءات شاملة لأسواق عيد الميلاد في ألمانيا.

أعده للعربية: م.أ.م
تحرير: يوسف بوفيجلين

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار