آخر الأخبار

يضطرون لـ"إخفاء هويتهم".. معاناة يهود ألمانيا بسبب حرب غزة

شارك
يهودي يرتدي الكيباه في مظاهرة تضامن مع إسرائيل في برلين، تشرين الأول/أكتوبر 2023صورة من: Stefan Boness/IPON/picture alliance

"لا يمكن المرور في حيّنا من دون مصادفة كتابات معادية للسامية ". هذا الوصف (مجهول المصدر) من امرأة يهودية في ألمانيا . وبالنسبة لها أصبحت كراهية اليهود جزءًا من حياتها اليومية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وحول ذلك تقول: "ألاحظ أنَّني أتساءل حقًا: كيف ستسير الأمور هنا؟".

وهذا الوصف القصير هو واحد من أصوات عديدة تُعبّر في " دراسة جديدة حول آثار هجوم 7 تشرين الثاني/أكتوبر 2023 على الجاليتين اليهودية والإسرائيلية في ألمانيا". في هذه الدراسة يتحدث المتضررون حول تجاربهم اليومية، ولكن كذلك حول عواقبها النفسية: اكتئاب، واضطرابات نوم، وحالات ذعر وخوف، ونوبات هلع - باتت ترافق الحياة اليهودية في ألمانيا في السنة الثانية بعد الهجوم الإرهابي الضخم على إسرائيل .

وفي هذه المجزرة التي ارتكبتها حركة حماس الإسلاموية ومجموعات فلسطينية متطرفة أخرى في إسرائيل، تم قتل نحو 1200 شخص في إسرائيل وجرح الآلاف. وتم اختطاف نحو 250 شخصًا واقتيادهم كرهائن إلى قطاع غزة . وأعقبت ذلك حرب غزة ، التي قتل فيها حتى الآن نتيجة الهجمات الإسرائيلية عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأصيب عدد أكبر بكثير.

عرض دراسة "معاداة السامية في ألمانيا - آثار 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023" في برلين: فيردا أتامان، فريدريكه لورينتس-سيناي، //مارينا تشيرنيفسكي، وجوزيف شوستر (من اليسار إلى اليمين)صورة من: dts-Agentur/picture alliance

إقصاء ومخاوف في ألمانيا

وهذه الدراسة تتناول الإقصاء والتهديدات والمخاوف في الحياة اليومية بألمانيا. ويصف المشاركون تجاربهم من المواصلات العامة، والحياة اليومية المهنية، والمدرسة والجامعة ، وحتى مراجعات الطبيب، حيث يريد الطبيب أو الطبيبة الحديث حول حرب غزة. وكثيرًا ما شعر اليهود واليهوديات بأنَّهم قد تركوا وحدهم.

وتقول الدراسة إنَّ "الامتناع الجماعي عن التعاطف" (مع اليهود) يتخلل العديد من مجالات الحياة. والتعاطف مع معاناة اليهود غائب لدى الأقارب غير اليهود، وفي الصداقات القديمة، أو بين الجيران. وهذه التجربة موجودة حتى في "المواعيد والعلاقات العاطفية".

تقوم منذ فترة مؤسسات مختلفة في ألمانيا، سواء من جانب أجهزة الأمن أو المجتمع المدني، بتسجيل أعداد الحوادث المعادية للسامية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقد تبيّن بوضوح ارتفاع عدد هذه الحوادث بشكل كبير وبقائها عند هذا مستواها المرتفع. ويُشار هنا إلى أنَّ أعدادًا متزايدة من المؤسسات اليهودية في ألمانيا باتت تخضع لحماية الشرطة.

والجديد في هذه الدراسة المعروضة الآن هو السؤال المعمّق حول العواقب والتبعات، التي كثيرًا ما تتجلى في التراجع والانسحاب: حيث يُخفي الأشخاص هويتهم اليهودية أو ينعزلون تمامًا.

سيارة شرطة أمام الكنيس اليهودي في ماغديبورغ. معظم أماكن العبادة اليهودية في ألمانيا محمية من قبل الشرطةصورة من: Christoph Strack/DW

وهذه الدراسة من إعداد الأخصائية النفسية البرلينية مارينا تشيرنيفسكي، مديرة مركز الاختصاص للتعليم والبحاث المعارض لمعاداة السامية، وكذلك فريدريكه لورينتس-سيناي، أستاذة أبحاث العمل الاجتماعي في جامعة بوتسدام. وبدأت الباحثتان بعد هجوم حماس الإرهابي البحث عن أشخاص لإجراء حوارات معهم وكانتا تتوقعان ـ بحسب قولهن ـ العثور على نحو 30 صوتًا. واستخدمتا في بحثهما إعلانات مكتوبة بعدة لغات (الألمانية والإنكليزية والروسية والعبرية) في المدن الألمانية، وكذلك منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

ولكن لقد استجاب إلى طلبهما عدد أكبر بكثير من المتوقع. وحتى الآن، تحدث 111 رجلًا وامرأة في حوارات وكذلك في محادثات جماعية. وعلى العموم، يظهر بحسب المؤلفتين أنَّ المشاركين في الدراسة يعيشون السابع من تشرين الأول/أكتوبر باعتباره "تجربة ساحقة جدًا" ونقطة تحول تاريخية. وأنَّ اليهود نساءً ورجالًا يلاحظون لدى الآخرين "تقليلًا من شأن عنف إبادة 7 تشرين الأول/أكتوبر وتبريرًا وتمجيدًا له". وبالنسبة لهم شخصيًا، فقد قسّم يوم السبت هذا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حياتهم إلى زمن ما قبل ذلك اليوم وما بعده.

وتظهر هذه الدراسة "مدى تأثير معاداة السامية على حياة اليهود نساءً ورجالًا في الحياة اليومية بألمانيا. حيث يتعرضون للإهانة والتهديد والتمييز، ويعيشون دائمًا في حالة تأهب واستنفار"، كما قالت خلال عرض الدراسة في برلين فردا أتامان، وهي مفوضة مستقلة لدى الحكومة الألمانية لمكافحة التمييز. وساهمت هيئة مكافحة التمييز في هذه الدراسة.

فيردا أتامان، مفوضة مستقلة لدى الحكومة الألمانية لمكافحة التمييزصورة من: dts-Agentur/picture alliance

تشديد قانون مكافحة التمييز

وأشارت فردا أتامان إلى أنَّ اليهود يجب أن يشعروا "بأنَّ دولة القانون تحميهم". وهذا يحتاج بحسب قولها إلى ملاحقة قضائية حازمة وحماية أفضل من التمييز في الحياة اليومية. وذكرت بالتحديد ضرورة إصدار " قانون أفضل لمكافحة التمييز ويكون فعالًا في قضايا معاداة السامية". وذلك بحسب قولها القانون المعمول به منذ عام 2006، لا يقدّم مثلًا سوى حماية محدودة من التمييز للمواطنين الإسرائيليين في ألمانيا.

وبحسب الدراسة فقد أكد العديد من الأشخاص المستطلعة آراؤهم فيها أنَّهم واجهوا الإقصاء أو "شيطنة إسرائيل بشكل أحادي" بعد وقت قصير من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وخاض بعضهم تجارب إيجابية أيضًا: فقد أوضحت موظفة يهودية أنَّ زملاءها المسلمين اتصلوا بها مباشرة في أول يوم من الهجمات الإرهابية وأظهروا تضامنهم ودعمهم. وفي هذه الدراسة التي تقع في نحو 110 صفحات، تعتبر هذه واحدة من الفقرات القليلة التي تتحدث حول تجربة تضامن من المجتمع غير اليهودي.

ومن جانبه تحدث رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، جوزيف شوستر عن "صورة مؤلمة" للدراسة، "لكنها لا تُفاجئ اليهود على الإطلاق". وأضاف أنَّ هذا يتعلق بتجارب "يومية" من معاداة السامية و"تصعيد دراماتيكي".

جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانياصورة من: dts-Agentur/picture alliance

"إخفاء هويتهم اليهودية"

وأظهرت الدراسة أنَّ اليهود نساءً ورجالًا في ألمانيا يتعرضون لاستبعاد متزايد من المشاركة الاجتماعية المتساوية، ويضطرون إلى "إخفاء هويتهم بشكل متزايد" من أجل حماية أنفسهم.

وتريد الباحثتان مواصلة العمل على الدراسة. ومن المقرر صدور التقرير النهائي عام 2026، ومن المفترض أن يتناول بشكل أعمق تجارب الأطفال والشباب وهمومهم، وأن يتعلق أيضًا بآفاق مستقبل المجتمعات اليهودية والإسرائيلية في ألمانيا.

أعده للعربية: رائد الباش (ع.ج.م)

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار