آخر الأخبار

مفاوضات شرم الشيخ.. اختبار النوايا بين الحرب والسلام

شارك
تواصل إسرائيل عمليتها العسكرية في غزة.. أرشيفية

تعود شرم الشيخ مجددا إلى واجهة الأحداث، وهذه المرة كمحطة مركزية في المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، بحضور مبعوثي الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن الثاني، ورئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن.

وتعقد الجولة الجديدة، التي تدور حول تطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة، في أجواء حذرة يغلب عليها التفاؤل الحذر بعد شهور من الجمود.

القاهرة.. رهان على السلام ورمزية المكان

وصف مدير تحرير صحيفة الأهرام محمد أبو الفضل أجواء المفاوضات بأنها "إيجابية نسبيا"، مشيرا إلى أن مجرد حضور المبعوثين الأميركيين إلى شرم الشيخ يحمل دلالة على وجود "تقدّم فني" في المحادثات.

وقال أبو الفضل في حديثه لبرنامج "ستوديو وان مع فضيلة" على سكاي نيوز عربية إن "وصول ويتكوف وكوشنر وديرمر إلى شرم الشيخ لم يكن ليحدث لولا وجود إشارات على تحرك جاد في المفاوضات"، مضيفا أن "مصر حريصة على تحقيق اختراق سياسي يحسب لها، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة".

ويرى أبو الفضل أن القاهرة تسعى لاستعادة دورها كوسيط رئيسي في الملف الفلسطيني، مستندة إلى رمزية شرم الشيخ التي وصفها بأنها "مدينة السلام التي شهدت لقاءات عربية وفلسطينية وأميركية مفصلية".

وأكد أن " مصر تنطلق من قناعة بأن الصراع لا يمكن حسمه عسكريا، وأن الحل السياسي هو الطريق الوحيد الممكن"، مشددا على أن “القضية الفلسطينية تبقى جزءا من الأمن القومي المصري والعربي".

وأشار أبو الفضل إلى أن "التوترات التي شابت العلاقة بين القاهرة وتل أبيب خلال الفترة الماضية، خصوصا بشأن مخططات التهجير في غزة، جعلت مصر تتحرك أكثر عبر القنوات الأميركية"، موضحا أن "مصر تمتلك مفاتيح دبلوماسية للتعامل مع إدارة ترامب، وقد أجرت بالفعل حوارات خلف الكواليس مع واشنطن".

وتابع قائلا إن "قبول حماس بالمبادرة الأميركية لم يكن ليحدث دون الدور المصري والقطري والتركي"، مشيرا إلى أن "واشنطن أبدت استعدادا جديا للتعامل مع المقترحات المصرية رغم الرفض الإسرائيلي الأولي".

ويرى أبو الفضل أن "الضمانة الحقيقية لأي اتفاق هي الإرادة السياسية للرئيس ترامب، الذي يبدو أكثر انخراطا من المرات السابقة، باعتباره الطرف الوحيد القادر على الضغط على نتنياهو".

واعتبر أن " إسرائيل كسبت عسكريا لكنها خسرت دبلوماسيا"، في إشارة إلى موجة الاعترافات الدولية المتزايدة بالدولة الفلسطينية، مضيفا أن "المسار السياسي وحده كفيل بإقناع إسرائيل والعالم بخيار السلام".

دور "حماس" في إدارة غزة المستقبلية

لفت رئيس مركز صفدي للدبلوماسية الدولية، مندي الصفدي، إلى موقف إسرائيلي أكثر تشددا تجاه المفاوضات، مؤكدا أن "المعركة لا تزال دائرة في غزة، وأن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ بعد".

وأوضح الصفدي أن " الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته ضد عناصر حماس الذين يخرجون من الأنفاق لمهاجمة الجنود، لذلك لا يمكن الحديث عن وقف إطلاق نار قبل تحرير جميع المختطفين".

واسترسل قائلا إن "الاتفاق الذي يجري بحثه تم التوصل إليه بتوافق مع الإدارة الأميركية وبعض الدول العربية، ولا مجال لصيغة جديدة".

ورأى الصفدي أن "أي محاولات من قطر أو تركيا لتعديل البنود قد تهمّش الاتفاق"، موضحا أن مهمة ويتكوف وكوشنر هي "ضمان الالتزام بخطة ترامب دون تغييرات جوهرية".

وشدد على أن "إسرائيل تثق بالإدارة الأميركية، وتعتبرها الشريك الوحيد في تنفيذ الاتفاق".

وفي ما يتعلق بدور مصر، أبدى الصفدي ترحيبا مشوبا بالحذر، مؤكدا أن “القاهرة تؤدي دورا مهما في التوسط، لكن لا يمكن الثقة بقطر وتركيا بسبب مواقفهما السابقة ودعمهما لحماس".

وبيّن أن "أحد البنود الحساسة هو منع حماس من إدارة غزة بعد الحرب، لأن استمرار وجودها يعني فشل أي اتفاق سلام".

واختتم الصفدي قائلا إن "إسرائيل ستحترم وقف إطلاق النار بمجرد بدء تنفيذ الاتفاق والتزام حماس به"، مشيرا إلى أن "تجربة معاهدة السلام مع مصر تُعد نموذجا ناجحا للالتزام المتبادل منذ توقيعها".

لماذا قبلت حماس الخطة؟

قدم أستاذ العلوم السياسية، أمجد شهاب، قراءة مغايرة تماما، معتبرا أن "حماس لا تضع شروطا مسبقة، ووافقت على المقترح الأميركي رغم ظلمه للشعب الفلسطيني فقط لوقف المجازر".

وذكر شهاب أن "الرئيس ترامب وجّه أوامر واضحة لنتنياهو بوقف إطلاق النار، لكن الأخير يماطل ويستخدم ذرائع أمنية لمواصلة الحرب"، مؤكدا أن "حماس تريد وقف الإبادة وانسحاب جيش الاحتلال من غزة، بينما تسعى إسرائيل لتكريس سيطرتها الأمنية".

ووفق شهاب فإن "واشنطن طمأنت تل أبيب بأنها ستحافظ على منطقة عازلة داخل غزة، وهو ما يعني أن الانسحاب الكامل غير مطروح، الأمر الذي ينسف فكرة السلام الحقيقي"، مشيرا إلى أن " حماس وافقت على تسليم سلاحها للطرف المصري بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، لكن استمرار القصف يجعل تنفيذ ذلك مستحيلا".

واتهم شهاب إسرائيل بخرق الاتفاقات السابقة، قائلا إن "اتفاق يناير الماضي الذي رعته باريس تم نقضه من جانب نتنياهو وليس حماس"، مؤكدا أن "المشكلة الحقيقية ليست في المفاوضات، بل في الأيديولوجية الصهيونية التي تقوم على الصراع الدائم".

وحسبما ذكر شهاب فإن "كل ما يجري على الأرض يهدف لإطالة أمد الحرب وفرض واقع جديد في غزة والضفة الغربية".

بين القاهرة وواشنطن وتل أبيب.. معادلة دقيقة

تتقاطع المداخلات الثلاث في رسم مشهد تفاوضي معقد تتوزع فيه الأدوار بوضوح: مصر تراهن على مبادرة ترامب لإحياء مسار سياسي يحفظ لها موقع الوسيط الإقليمي، فيما تصر إسرائيل على شروط أمنية صارمة تضمن بقاء سيطرتها على غزة، بينما تقبل حماس بالمبادرة من موقع المتضرر، محاولة استثمار الدعم العربي والدولي لكبح التوسع الإسرائيلي.

وفي ظل هذه المعادلة، يظل العامل الحاسم كما قال محمد أبو الفضل "الإرادة السياسية للرئيس ترامب"، إذ لا أحد، في تقدير القاهرة، قادر على الضغط على نتنياهو سواه.

وبين تفاؤل مصري مشوب بالحذر وتشدد إسرائيلي متواصل، تبقى شرم الشيخ مسرحا لاختبار النوايا بين الحرب والسلام.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا