لا يُخفي الحاخام عميخاي لاو لافي، بصفته يهوديا مثليا، و"ملكة دراغ" وناشطا، دعوته إلى التعاطف والانفتاح والسلام، خاصة إذا جرى الحديث عن الصراع في الشرق الأوسط . ويروي الفيلم الوثائقي "ملكة السبت" قصته، مسلطا الضوء على جلّ أفكاره.
يقول الحاخام لاولافي: "بصفتي يهوديا مثلي، منحتني المطالبة بمكانتي في المجتمع الديني الشجاعة بالمعارضة جهراً لقضايا مثل رهاب المثلية والعنصرية و غزة وحقوق المرأة".
أشادت صحيفة تايمز أوف إسرائيل بالناشط في مدينة نيويورك ووصفته بأنه "زعيم روحي متمرد"، بينما وصفته صحيفة جويش ويك بأنه "أحد أكثر المفكرين إثارة للاهتمام في المجتمع اليهودي ".
غادر لاو لافي إسرائيل في سن مبكرة، ففي أواخر التسعينيات، انتقل إلى نيويورك بعد أن كشفت إحدى الصحف عن مثليته الجنسية دون موافقته. وبصفته ابن شقيق الحاخام الأكبر الإسرائيلي آنذاك، أصبح منبوذا.
عميخاي لاو لافي وساندي دوبوفسكي في برلين لحضور مهرجان دوكسومينتالصورة من: Elizabeth Grenier/DWفي نيويورك، وجد مجتمعا جديدا شعر فيه وكأنه في وطنه، وسط جماعة روحية للمثليين. في الوقت نفسه، أراد أن يبقى وفيّا لتراثه الديني: فقد أنجبت عائلته حاخامات على مدى 38 جيلا، وبتاريخ يعود إلى القرن الحادي عشر. وكان جده، الذي قُتل في المحرقة ، قد أعلن عن رغبته في استمرار هذا التقليد قبل وقت قصير من ترحيله إلى معسكر الاعتقال.
يصور الفيلم الوثائقي "ملكة السبت" رحلة لاو لافي على مدى أكثر من 20 عاما. يقول المخرج دوبوسكي في حديثه لـ DW: في البداية، انبهرتُ بشكل كبير بشخصية لاو-ليفي، شخصيته الأنثوية البديلة هي أرملة حكيمة لستة حاخامات حسيديم متشددين، تنتقد النظام الذكوري بذكاء وعمق في أدائها.
بالإضافة إلى شخصية "الدراغ"، يُظهر الفيلم أيضا كيف طوّر لاو-ليفي، كقائد روحي، أشكالا جديدة من الحياة الجماعية اليهودية: من بينها "مختبر الكنيس"، وهو مجتمع تجريبي للتجمعات الروحية المفتوحة للجميع. كما أسس مشروع المسرح الطقسي الذي يُترجم التقاليد اليهودية إلى واقع ملموس. بل وذهب إلى أبعد من ذلك للتفاعل مع المفكرين اليهود خارج المشهد التقدمي: ففي عام 2016، تم تعيينه رسميا حاخاما من قِبل المعهد اللاهوتي اليهودي المحافظ.
الخروج عن التقاليد المحافظة
حتى بعد ذلك، ظل لاو-لافي يشعر بعدم الارتياح، وتحدى حدود اليهودية التقليدية: تزوج من زوجين مثليين - كلاهما راهبان، أحدهما يهودي. ورغم أن اليهودية المحافظة سمحت بزواج المثليين منذ عام 2012، إلا أن حفلات الزفاف بين الأديان التي يعقدها الحاخامات لا تزال محظورة، إذ يرى الكثيرون أن الزواج المختلط يُشكل تهديدا لمستقبل اليهودية. وبهذا الزواج، انفصل لاو-لافي رسميا عن الرابطة الحاخامية المحافظة.
بالنسبة له، لا يتعلق الأمر بالقواعد، بل بإيمان يحتضن التنوع. وهو يتطلع إلى بيئة يهودية صحية تتعدد فيها التمثيليات.
من خلال مشروعه "تحت حزام الكتاب المقدس"، يُفسر لاو-لافي الكتاب المقدس العبري من منظور جديد: ويقول في مقابلة مع DW إنه "مشروع لإعادة قراءة النصوص القديمة. أحاول أن أستخلص من الكتاب المقدس قصصا حول العدالة والمحبة والأخلاق والإنسانية والكرامة وقابلية التغيير".
يقدم الحاخام عميخاي لاو لافي قراءة في الكتاب المقدس العبري من منظور غريب.صورة من: ROCO Filmsفي الأشهر الأولى من الحرب بين إسرائيل و حماس ، انتقد لاو لافي ردّ فعل الحكومة الإسرائيلية ، حيث قال: "أشارك عائلتي الإسرائيلية ألمها، لكن صدمتنا وحاجتنا للأمن لا تبرر لإسرائيل تجويع وقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة أو استمرار الاحتلال، يجب أن يتوقف هذا الرعب".
سياسيا، يسعى لاو لافي إلى إيجاد مساحة حوار في منطقة وسطى بعيدا عن التطرف. لكن عندما يقابل أشخاصا لا يُظهرون أي تعاطف مع أطفال غزة ، فإنه لا يرى أي أساس للنقاش ويتابع أنه "ليس من المستبعد أننا نتجه نحو حرب ثقافية في إسرائيل، ولا أعرف كيف يمكن منع ذلك".
عندما كان شابا، وجد عميخاي لاو لافي متعته من خلال العروض الفنية الروحيةصورة من: ROCO Filmsلاو لافي، العضو في منظمات وشبكات حقوق إنسان مختلفة تعمل من أجل السلام الإسرائيلي الفلسطيني، يزور إسرائيل بانتظام. وقريبا سوف يُعرض فيلم "ملكة السبت" لمدة ثلاثة أسابيع متتالية في مختلف المراكز المجتمعية والمعابد اليهودية و مبادرات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين .
مهما بدت رسالته مكررة، فقد لاحظ اهتماما بالغا بالنقاش الذي أثاره الفيلم الوثائقي، لا سيما في السياق الحالي حيث "سيطر اليهودي المتعصب على الحوار"، على حد قوله. وأضاف: "أنا أُمثل الجانب اليهودي الذي يريده الكثيرون".
يجد عميخاي لاو-لافي العزاء في فكرة أنه يُمثل "سلالة يهودية خاصة لطالما أولت الأخلاق والمحبة المتبادلة والقيم العالمية الأولوية، وأنا لست أقلية".
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة