آخر الأخبار

مجهولو النسب في الجزائر.. ضغوط اجتماعية وإدارية تلاحقهم

شارك
تعبيرية

يعيش الكثير من فئة مجهولي النسب في الجزائر، بعراقيل إدارية واجتماعية، تصعب عليهم الدراسة والعمل والزواج، وتجعلهم يعيشون تحت الضَّغط رغم التشريعات القانونية، التي تضمن لهم الحق الكامل في الكفالة والحصول على لقب.

يبقى لقب "مجهول النسب" يلاحق أطفالا ومراهقين حتى كبارا في السن، ممن تخلى عنهم أولياؤهم ولم يمنحوهم لقبا ولا أسرة، حيث تركهم البعض في الشارع، فيما تخلت عنهم الوالدة في المستشفى، وحتى لمن حالفه الحظ، وكفلته أسرة، ومن حصل على لقب يمكنه من الدراسة والعمل، فإنَّ بعض فئات المجتمع، تبقى تنظر إليهم كفئة "غير مرحب بها".

سمير (27 سنة) من بين الشباب الذين نشأوا في مركز الطفولة المسعفة، في الجزائر، حيث أقام فيها حتى سن التاسعة من العمر: ".. حينها قدمت سيدة، وأخذتني لترعاني في بيتها، غير أنها توفيت بعد سنة واحدة، وبقيت في الشَّارع أواجه مصيري".

وأضاف الشاب في حديثه مع "العربية.نت" و"الحدث.نت" قائلا: ".. في السنة التي تلتها، تعرضت لحادث مروري، وخضعت لعملية جراحية على مستوى الرجل، ومكثت حينها في المستشفى أبيت فيه، وأقتات مما يمنحه لي محسنون، أعمل أحيانا وأكون باطلا عن العمل أحيانا أخرى، لكنني ولحسن الحظ لم أنحرف ولم أختر طريقا مشبوهاً".

وشعر سمير أكثر بوضعيته وهو يواجه المجتمع: ".. دائما ما كانت مصارحتي للأشخاص الذين ألتقي بهم، تسبب لي المتاعب، اشتغلت عند شخص لأيام، وبمجرد علمه بوضعيتي أوقفني دون سبب، كما تعرفت على فتاة بغرض الزواج، هي الأخرى ترددت كثيرا، ولما أعلمت والديها أبعداها عني كما لو كنت منبوذا، ونفس السيناريو كان يتكرر معي مع أغلب من قابلتهم، حتى صرت لا أصرح بهويتي".

بالنسبة لوضع فئة مجهولي النسب في القانون الجزائري، صَرَّح المحامي فريد صابري، في هذا الشّأن: ".. المشرع الجزائري حاول الحفاظ عل حقوق فئة مجهولي النسب، وهذا عبر إقرار عدد من القوانين التي تكفل له، اسما يمكنه من العيش مثل أقرانه، لكن تبقى هناك بعض النقائص، سواء في التكفل أو في منح الحقوق التي يمكن لاحقا استدراكها".

وأوضح المتحدث في تصريحه لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" قائلا: ".. أوّل العراقيل التي تعترض مجهولي النسب، هي تلك الخاصَّة بالمقيمين في مراكز الطفولة المسعفة، وهي إخراجهم منها في سن الثامنة عشرة، سواء بالنسبة للذكور أو الإناث، فالأصل أنَّ المتابعة تبقى مستمرة، كونها فئة لا تملك مأوى أو عائلة تلجأ إليها".

أما بالنسبة للإسم، قال ممثل القانون: "تم تعديل القانون الجزائري، فبعدما بقي جامدا منذ سنة 1971، عدل بمرسوم صادر سنة 2020، يبسط إجراءات الحصول على لقب، ليتحول إلى شخص عادي، وبالتالي تمت حماية هذه الفئة، التي عادة ما يتسبب عدم منح لقب لها في عراقيل خلال الدراسة والعمل وغيرها".

أما بالنسبة للكفالة، أردف صابري: ".. يجب التفريق بين فئتين، الأولى هي فئة منقطعي النسب، أي أن الوالدين مجهولان، وتسميته القانونية "لقيط"، والفئة الثانية هي من يكون أحد الأطراف مجهولا، وعادة يكون الوالد، وبما أنَّ قانون الأسرة الجزائري، مستمد من الشريعة الإسلامية، فإنَّ التبني لا يجوز، وهو ما ورد في المادة 46 من قانون الأسرة، التي تمنع التبني، لكن القانون الصادر سنة 2020، يتيح منح التكفل بتلك الفئة وتمنحه لقبا، على أن يرفق بعبارة كفيل، حتى لا تقع مشاكل بخصوص الميراث وإلحاق النسب وغيرها".

أضاف المتحدث: "ساعد القانون فئة مجهولي النسب في الجزائر، لمتابعة حياتهم الدراسية والمهنية، كما لو كانوا أشخاصا عاديين، أما بالنسبة لمن لاقى صعوبات في الحصول على لقب، فتكون هناك عراقيل بيروقراطية، قد تكون وراءها إدارات لم تطبق القانون".

وعن مكانة فئة مجهولي النسب في المجتمع، أوضح المختص الاجتماعي، يوسف بن مراد: ".. تبقى نظرة المجتمع معقدة، بالنسبة لهذه الفئة، فمن جهة هناك تعاطف معها، ومحاولة لمساعدتها، وجمعيات خيرية ومجتمع مدني، يحاول ما استطاع أن يساعدها لكي تتمكن من تجاوز تعقيدات الإدارة والمجتمع".

لكن، أضاف المتحدث لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت": ".. بالمقابل، فإنَّ إقامة علاقة مع مجهول نسب، سواء صداقة أو عمل أو زواج، تبقى معقدة، وهذا لأسباب أحيانا تخرج عن إرادة الطرف الثاني، فمن حيث الزواج، نعلم جميعنا أنه مشروع اجتماعي، لا يعني الطرف المعني وحده، ولكن أيضا الأسرة الصغيرة، والعائلة الكبيرة، حيث الجميع يدلي بدوله فيه، ومن هنا يخشى البعض تلك النظرة الدونية للفتاة أو للرجل على حد سواء، ممن يرتبط بمجهول نسب من طرف العائلة".

كما يملك البعض الآخر مخاوف متعلقة بالنسب، حسب مراد: ".. هناك من يعتقد أن الارتباط بمجهول نسب مغامرة، فغدا يتضح أن له أسرة، وقد لا يمتزج معها، أو يعتقد أن هذا الشخص يبقى مجهولا في حال وقع أي مشكل، حيث لا يمكن التواصل مع عائلته، وهكذا".

وعليه انتهى المختص الاجتماعي إلى القول: ".. لا أؤيد أن يخفي بعض مجهولي النسب، هويتهم، خوفا من المجتمع، لأنَّ ذلك سيزيد الوضع تعقيدا، بل أرى أنه لا بدَّ من المواجهة، وفي الأخير، نرى أنَّ النظرة لهذه الفئة تغيرت عما كانت عليه سابقا، يبقى فقط أن نعترف بأنها فئة ليس لها أيّ ذنب فيما ارتكبته الآباء".

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار