آخر الأخبار

خبراء: حوكمة وشمول الاستدانة والاستثمارات المباشرة قادرة على تحقيق مستهدفات الدولة بخفض الدين

شارك

- نافع: إعادة هيكلة الديون ضرورة ملحّة.. والشمول ركيزة للضبط المالي
- فؤاد: الإيرادات العامة في مصر من بين الأدنى عالميًا وإفريقيًا

يرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن تحقيق مستهدفات الدولة لتقليل معدلات الدين العام ممكن، شريطة حوكمة وشمول الاستدانة، وتوفير مساحة أوسع للاستثمارات المباشرة، إلى جانب إنشاء مصانع جديدة أو تنفيذ طروحات لمستثمرين استراتيجيين بالدولار، مع ضرورة تحقيق معدل نمو اقتصادي أعلى من معدل الفائدة.

وارتفع إجمالي الدين الخارجي لمصر خلال الربع الثاني من عام 2025 بنحو 4.54 مليار دولار، ليصل إلى نحو 161.23 مليار دولار بنهاية يونيو، مقارنة بنحو 156.69 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام نفسه، وفق بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، فيما بلغ الدين العام نحو 10.1 تريليون جنيه، بحسب أحدث بيانات البنك المركزي الصادرة في سبتمبر الماضي.

ووفق تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي منتصف الشهر الجاري، تستهدف الحكومة خفض نسبة الدين العام إلى أقل من 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى يُعد منخفضًا تاريخيًا مقارنة بالمسارات التي شهدها الاقتصاد المصري خلال العقود الماضية.

كما تستهدف مصر وضع سقف للدين الخارجي عند 40% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2025/2026، بحسب بيانات البنك المركزي.

وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن إعادة هيكلة الديون تمثل ضرورة ملحّة تحظى بعناية خاصة من وزير المالية الحالي، مؤكدًا أن تقليل معدلات الدين أمر ممكن بالفعل.

وأوضح نافع أن إعادة هيكلة الدين تتضمن شقين أساسيين، الأول تحسين شروط الدين بما يقلل عبء خدمته من فوائد وأقساط، والثاني حوكمة وشمول الاستدانة، بحيث تعكس موازنات أجهزة الدين حجم الدين العام بشكل أدق، مع ضرورة إدراج الديون الخارجية ضمن أجهزة الموازنة العامة.

وشدد على أن الشمول المالي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق الضبط المالي، بالاعتماد على الإصلاح الهيكلي والمؤسسي، وهو ما يتطلب تخارجًا منظمًا للدولة من الأنشطة التي يجيدها القطاع الخاص بصورة أفضل، بما يتيح للأخير توليد إيرادات ضريبية تدعم الحيز المالي للدولة وتضمن استدامة الإنفاق العام.

وأضاف أن هذا النهج يسهم أيضًا في تقليل ضغوط الاستدانة، خاصة أن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي محفوف بمخاطر الاقتراض لتمويل المشروعات، سواء عبر الدين الداخلي أو الخارجي.

ولفت نافع إلى أن استقرار الاقتصاد الكلي من شأنه خفض أسعار الفائدة المحلية، مشيرًا إلى أن التيسير النقدي يرتبط بتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والاستقرار المالي للمواطن على الأقل.

من جانبه، توقع هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بشركة «الأهلي فاروس» لتداول الأوراق المالية، تراجع الدين الخارجي خلال المرحلة الحالية مع تعافي ميزان المعاملات الجارية، لا سيما مع العودة المرتقبة لإيرادات قناة السويس بكامل طاقتها العام المقبل، ما يوفر مساحة لسداد المديونيات من خلال الاستثمارات المباشرة.

وأعلنت هيئة قناة السويس ارتفاع الإيرادات إلى 1.97 مليار دولار خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر 2025، مقارنة بـ1.68 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

كما توقع الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، تحسن إيرادات القناة خلال العام المالي 2025/2026، وارتفاعها إلى 8 مليارات دولار خلال عام 2026/2027، وصولًا إلى 10 مليارات دولار خلال عام 2027/2028.

وأوضح جنينة أن توفير مساحة أوسع للاستثمارات المباشرة، سواء عبر إنشاء مصانع جديدة أو تنفيذ طروحات لمستثمرين استراتيجيين بالدولار، قد يسهم في خفض الدين الخارجي بصورة حادة تتراوح بين 10 و15 مليار دولار.

وأشار إلى أن مؤشر «هامش التحوط» لديون مصر تراجع إلى أقل من 3%، وهو ما يستدعي اهتمام مؤسسات التصنيف الدولية برفع التقييم السيادي لمصر.

وفيما يتعلق بالدين الداخلي، أكد جنينة أهمية توسيع القاعدة الضريبية وخفض أسعار الفائدة، موضحًا أن استدامة الدين الداخلي تعتمد على معادلة طرفيها تحقيق فائض أولي مرتفع – يتجاوز حاليًا 3% وقد يصل إلى 5% – وتحقيق معدل نمو اقتصادي أعلى من معدل الفائدة.

وتوقع أن يشهد عامي 2026 و2027 معدلات مديونية أقل بكثير، مع تحقق شرطي الاستدامة المتمثلين في زيادة الفائض الأولي وتراجع أسعار الفائدة، موضحًا أن التعافي الاقتصادي، وارتفاع معدلات النمو، وزيادة الشمول المالي، تسهم في رفع الإيرادات الضريبية.

وأضاف أن استمرار اتجاه البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة يدعم تراجعها إلى مستويات أقل من معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، ما ينعكس في انخفاض معدلات المديونية بحلول عام 2027 مقارنة بالعام الحالي.

وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي خفض أسعار الفائدة بنحو 7.25% منذ بداية العام الجاري، بعدما خفضتها في اجتماعها الأخير لعام 2025 بنسبة 1%، لتصل إلى 20% للإيداع، و21% للإقراض، و20.5% لسعر الائتمان والخصم وسعر العملية الرئيسية.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد فؤاد إن خفض الدين العام، وفق أي تعريف مهني، لا يتحقق عبر التصريحات أو التنسيق المؤسسي وحده، وإنما من خلال مسارات واضحة، لكل منها كلفة وشروط محددة.

وأوضح فؤاد أن المسار الأول يتمثل في نمو الإيرادات العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرًا إلى أن هذه تمثل العقدة الأساسية، إذ لا تتجاوز الإيرادات العامة في مصر نسبة 12 إلى 13% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين الأدنى عالميًا وإفريقيًا.

وأضاف أن هذا الهيكل يعكس قدرة مالية محدودة للغاية مقارنة بحجم الاقتصاد، ما يجعل أي التزامات إضافية – سواء خفض الدين أو زيادة الإنفاق الاجتماعي – ممولة في الغالب عبر مزيد من الاقتراض أو الضغط على بنود إنفاق أخرى، وهو ما ينفي وجود وفورات حقيقية يمكن توجيهها مباشرة لتحسين دخول المواطنين.

وأشار فؤاد إلى أن المسار الثاني يشمل بيع الأصول أو مبادلتها ضمن ترتيبات استثنائية، وهو مسار قد يحسن الأرقام لمرة واحدة ويخفف عبئًا آنيًا – كما في صفقة رأس الحكمة – لكنه لا يؤدي إلى خفض مستدام للدين، ولا يخلق مساحة مالية دائمة لتحسين مستوى معيشة المواطنين، بل غالبًا ما يقلص مصادر دخل مستقبلية، ويحوّل المشكلة من دين ظاهر إلى فجوة موارد مؤجلة.

الشروق المصدر: الشروق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا