آخر الأخبار

الحكومة السودانية ترفض هدنة حميدتي وتشترط انسحابه

شارك





الخرطوم- أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو " حميدتي "، أمس الاثنين، هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، من طرف واحد، تشمل وقف الأعمال العدائية، وذلك غداة رفض رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان الورقة التي قدمها مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية بشأن الأزمة السودانية.

ويرى مراقبون أن "حميدتي" يريد بإعلان الهدنة إحراج القيادة السودانية أمام المجتمع الدولي لوصفها بالعنت، وتخفيف الحملة التي تعرّضت لها قواته بعد سيطرتها على الفاشر واتهامها بارتكاب مجازر وتصفية عرقية بحق آلاف المدنيين.

ويوم 12 سبتمبر/أيلول الماضي، طرحت المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة و السعودية و مصر و الإمارات خطة تدعو إلى هدنة إنسانية لـ3 أشهر، تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم عملية انتقالية جامعة وشفافة خلال 9 أشهر، تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو حكومة مدنية مستقلة.

وفي السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعلنت الدعم السريع في السودان موافقتها على الهدنة، بينما ردت الحكومة السودانية على "ورقة بولس" برؤيتها التي سلمتها إلى الأمم المتحدة في فبراير/شباط الماضي.

هدنة ومحاسبة

وأعلن حميدتي -في كلمة مسجلة- أن الهدنة تشمل وقف الأعمال العدائية، وأنها تأتي استجابة للجهود الدولية المبذولة. كما أعلن "إنشاء آلية مراقبة ميدانية للهدنة تشرف عليها دول الرباعية و الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد ، لضمان تنفيذها ووصول المساعدات بأمان إلى المحتاجين".

وشدد على التزامه بمحاسبة "أي شخص يثبت تورطه في انتهاكات ضد المدنيين، وأن العدالة ستأخذ مجراها وفق القوانين الوطنية والدولية".

وكان عبد الفتاح البرهان قد أعلن -مساء الأحد- أنه "لا مانع من وقف إطلاق النار شرط انسحاب المليشيا من كل منطقة دخلتها بعد اتفاق جدة" الموقع في مايو/أيار 2023.

إعلان

ورفض البرهان، خلال اجتماع مع كبار ضباط الجيش والمخابرات والشرطة والقوة المشتركة لحركات دارفور، ورقة مسعد بولس، ووصفها بأنها "أسوأ ورقة يتم تقديمها، وأنه إذا كان بولس يريد حلا، فعليه الرجوع لخارطة الطريق التي قدمها مجلس السيادة".

مصدر الصورة قوات الدعم السريع أعلنت الهدنة في حين وصفت مصادر رسمية ذلك بأنه غير جاد ومحاولة للخداع (قناة الدعم السريع على تليغرام)

لا جدية

وعلى الصعيد الحكومي، قلّلت مصادر رسمية من إعلان هدنة من قيادة الدعم السريع لأنها غير جادة، حيث رفضت قرار مجلس الأمن 2736 الذي طالبها بفك الحصار عن الفاشر، ثم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة في يوليو/تموز الماضي إلى هدنة إنسانية لتمرير الإغاثة للمحاصرين في المدينة، والتي رحب بها البرهان.

وأفادت تلك المصادر -التي طلبت عدم كشف هوياتها- للجزيرة نت بأن قوات الدعم السريع خرقت الهدنة بعد ساعات من إعلانها، حيث قصفت -فجر اليوم الثلاثاء- مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان بالمسيرات والمدافع قبل أن تهاجم مقر الفرقة 22 ل لجيش السوداني ، مما يعكس عدم التزامهم بأي موقف.

وذكرت أن حميدتي لجأ لإعلان الهدنة بعد التقدم الميداني الكبير للجيش والكتائب المساندة له في إقليم كردفان وتقهقر قواته وانكسارها في عدة محاور واقترابها من الانهيار هناك.

وحسب المصادر ذاتها، فإن الدعم السريع لم تلتزم بـ12 هدنة لأغراض إنسانية بطلب من الولايات المتحدة والسعودية في الأسابيع الأولى للحرب، ولم تنفذ "إعلان جدة" بشأن المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.

واستشهدت المصادر الرسمية بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بعد اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بأن "قوات الدعم السريع وافقت على هدنة إنسانية لا تنوي الالتزام بها".

مناورة وخداع

من جانبه، حدّد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي ، خلال منشور عبر منصة " ميتا "، حزمة من العناصر التي يجب أن تتضمنها أي هدنة إنسانية في السودان أبرزها:


* خروج قوات الدعم السريع من المواقع الحيوية التي سيطرت عليها.
* إطلاق سراح المختطفين والمعتقلين.
* إبعاد المرتزقة الأجانب الذين يُشكلون نسبة كبيرة من قوات الدعم السريع تتجاوز 80%.
* إعادة فتح الطرق الرئيسية بين المدن لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وفي السياق، قال وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الإعيسر إن ‏ما أعلنه حميدتي بشأن هدنة إنسانية لا يتجاوز كونه "مناورة سياسية مكشوفة تتناقض بشكل صارخ مع الواقع المرير الذي ارتكبته قواته على الأرض"، ومحاولة جديدة لخداع المجتمع الدولي وتلميع صورة شوهتها الحقائق الدامغة بجرائم قواته وانتهاكاتها المستمرة.

ودعا الإعيسر -خلال تصريح لوكالة الأنباء السودانية الرسمية- المجتمع الدولي "للضغط على المليشيا لتنفيذ خارطة الطريق المودعة لدى الأمم المتحدة التي قدمها البرهان بوصفها السبيل الأجدى لطي صفحة المعاناة واجتثاث مسببات الحرب من جذورها بهدنة دائمة".

مصدر الصورة مصادر رسمية سودانية وصفت الهدنة بأنها مناورة مكشوفة وتأتي في ظل تقدم الجيش في إقليم كردفان (أسوشيتد برس)

ترحيب ولكن؟

وتعليقا على موقف قيادة الدعم السريع، وصف القيادي في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، خالد عمر يوسف، إعلان حميدتي وقف إطلاق النار من جانب واحد والبدء بتنفيذ الهدنة الإنسانية المقترحة من دول الرباعية بأنه موقف مسؤول يستحق الترحيب.

إعلان

وفي منشور على "ميتا"، أعرب يوسف عن أمله في أن تحذو القوات المسلحة الحذو ذاته لوضع حد للحرب التي وصفها بأنها بلا أفق، مضيفا أن "لا شيء يستحق إراقة قطرة دم واحدة من أي إنسان في البلاد".

من جهته، قال المحلل السياسي فيصل عبد الكريم إن قائد الدعم السريع يهدف لاصطياد عدة عصافير وتوجيه رسائل داخلية وخارجية بتبنيه هدنة إنسانية من جانب واحد لتقديم نفسه على أنه رجل سلام وراغب في إيقاف الحرب وحريص على حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم.

وأوضح عبد الكريم -للجزيرة نت- أن قيادة الدعم السريع واجهت حملة إعلامية وسياسية شرسة بعد سيطرة قواتها على الفاشر واتهامها بارتكاب فظائع بحق المدنيين، وامتدت الحملة إلى حلفائها والقوى الإقليمية التي تدعمها، وتسعى عبر الهدنة لتقديم نفسها بوجه جديد، وقطع الطريق أمام تحركات أميركية لتصنيفها "جماعة إرهابية"، وكسب المجموعة الرباعية بالاستجابة لأول بند في خطتها للسلام في السودان.

ويستخدم الطرفان الهدنة لدواعي سياسية وعسكرية -وفق عبد الكريم- حيث قبلها حميدتي بعدما أكملت قواته السيطرة على غالب إقليم دارفور بعد الفاشر، وكان يرفض في وقت سابق أي دعوة لإنهاء حصارها أو هدنة بالمدينة، وصارت في يده حاليا ورقة قوية في أي مفاوضات محتملة، بينما قبلها البرهان أيضا عندما كانت قواته محاصرة بالفاشر وسعى لوصم غريمه حميدتي بالتصلُّب.

وبرأي المحلل السياسي، فإن خطوة قيادة الدعم السريع ستحول مجرى الضغوط نحو البرهان، وستبرز تقاطعات بين دول المجموعة الرباعية كانت مكتومة بشأن الخطوات المقبلة تجاه الحكومة السودانية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا