آخر الأخبار

قصة المستشفى السعودي في الفاشر.. من رمز للعطاء إلى هدف تحت النار

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نزح أكثر من 36 ألف شخص جراء أعمال العنف في الفاشر - فرانس برس

ينهض المستشفى السعودي في قلب مدينة الفاشر المنكوبة، عاصمة ولاية شمال دارفور، كرمزٍ إنساني نادر وسط واحدة من أقسى الحروب في القارة الإفريقية. هذه المنشأة التي تحمل اسم المملكة العربية السعودية كانت، وفق تقارير الأمم المتحدة، الملاذ الطبي الأخير لآلاف النساء والأطفال والجرحى بعد أن انهارت معظم المرافق الصحية في المدينة جراء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.

ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، فإن المستشفى المعروف رسمياً باسم "Saudi Maternity/Teaching Hospital – El Fasher" هو المنشأة الوحيدة التي واصلت العمل جزئياً في المدينة، مقدّماً خدمات الولادة والطوارئ والجراحة والتغذية العلاجية لسكان تجاوز عددهم المليون نسمة بعد موجات النزوح.

ويشير الاسم الرسمي للمستشفى إلى دعـم سعودي سابق في تأسيسه وتجهيزه، إذ تتبناه وزارة الصحة بولاية شمال دارفور كمستشفى تخصصي للنساء والتوليد، ورغم غياب وثيقة الافتتاح الرسمية في السجلات العلنية، فإن وجوده الممتد منذ سنوات جعل منه محوراً للرعاية الصحية في الإقليم.

"تنسيقية مقاومة الفاشر" تتهم "الدعم السريع" بتصفية جرحى ومصابين بالمستشفى السعودي

استهداف مستمر

لكن هذا الشريان الإنساني لم يسلم من العنف. فقد أكدت منظمة "أطباء بلا حدود" (MSF) أن المستشفى تعرّض في أغسطس وأكتوبر 2024 لقصف مباشر أصاب أقسام الولادة والجراحة وأوقع إصاباتٍ في صفوف الطاقم الطبي. وفي 26 يناير 2025، ذكرت وكالة "رويترز" ووكالة "أسوشييتد برس (AP)" نقلاً عن بيانات منظمة الصحة العالمية أن المستشفى تعرّض لهجومٍ بطائرة مسيرة أصابت قسم الطوارئ، ما أسفر عن مقتل نحو 70 شخصاً وإصابة العشرات. وأدان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الحادثة واصفاً إياها بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني"، فيما أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً رسمياً دانت فيه استهداف المستشفى وطالبت المجتمع الدولي بحماية العاملين الصحيين في مناطق النزاع.

مجزرة المستشفى

ولم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى عادت الفاشر إلى واجهة المأساة. ففي أكتوبر 2025، نقلت تقارير الأمم المتحدة ووكالات رويترز وبي بي سي عن مصادر طبية وإنسانية أن المستشفى السعودي شهد مجزرة مروّعة راح ضحيتها أكثر من 460 شخصاً من المرضى ومرافقيهم، بعد اقتحامه أثناء المعارك داخل المدينة من قبل قوات الدعم السريع. ووصفت الأمم المتحدة ما حدث بأنه "كارثة إنسانية كاملة"، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية أنها "مستاءة ومصدومة بشدة" من الهجوم، مشددة على ضرورة محاسبة الجناة وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات ضد المرافق الطبية.

ورغم الانقطاع المتكرر للكهرباء ونفاد الوقود، واصل الطاقم المحلي العمل داخل المستشفى في ظروف شبه مستحيلة. وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيانٍ صدر من نيروبي إن "الأطباء والممرضين في الفاشر يعملون بلا أجر، ويخاطرون بحياتهم يومياً لإنقاذ الآخرين". وأشار صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن المستشفى كان يجري يومياً عشرات الولادات القيصرية ويستقبل مئات المصابين من مختلف أحياء المدينة.

وتجاوزت أهمية المستشفى السعودي في الفاشر البعد الطبي إلى رمزية إنسانية أعمق، فهو يمثّل استمرارية لحضور الدعم الصحي السعودي في السودان، وتجسيداً لروح التضامن العربي مع المجتمعات المنكوبة.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا