آخر الأخبار

هل يجب أن تأتي مستحضرات التجميل الشهيرة الكورية فعلاً من كوريا؟

شارك
مصدر الصورة

تعد منتجات العناية بالبشرة الكورية، أو ما يعرف باسم "كيه-بيوتي K-beauty"، من المنتجات المنتشرة على نطاق واسع في شتى أرجاء العالم.

وكانت صادرات كوريا الجنوبية قد سجلت 10.3 مليارات دولار خلال العام الماضي، الأمر الذي دفع شركات مستحضرات التجميل في دول أخرى إلى طرح خطوط إنتاج على طراز "كيه-بيوتي" لكنها ليست مصنَّعة في كوريا.

والسؤال هل يُعتبر هذا الغموض في تعريف أصالة المنتج أمراً مهماً؟

وظهرت منتجات "كيه-بيوتي" على الساحة الدولية بعد عام 2010، ضمن صادرات ثقافية كورية أخرى كان من بينها الموسيقى الكورية، "كيه-بوب"، والدراما الكورية، "كيه-دراما".

ويعد نظام العناية بالبشرة في إطار "كيه-بيوتي" معقداً إلى حد ما، إذ قد يتضمن ما يصل إلى عشر مراحل مختلفة، تتطلّب كل منها منتجاً خاصاً، وقد أثار هذا النهج إعجاب الناس حول العالم، مما أدى إلى ارتفاع حاد في المبيعات.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الصادرات السنوية من كوريا الجنوبية سجلت ارتفاعاً من 650 مليون دولار في عام 2011 إلى 4 مليارات دولار في عام 2017، أي بمعدل زيادة بلغ ستة أضعاف خلال فترة لا تتجاوز ست سنوات.

وإدراكاً لهذه الزيادة الهائلة في الطلب، أطلقت علامة مستحضرات التجميل "Seoul Ceuticals" نشاطها في عام 2017، المستوحى اسمها من العاصمة الكورية الجنوبية، سيول.

وقالت آن ماجيسكي، مديرة علاقات تجارة التجزئة في الشركة: "لاحظنا تزايداً مستمراً في الاهتمام بعالم الكيه-بيوتي، فبدأنا تطوير علامة تجارية متخصصة في العناية بالبشرة لتلبية هذا الطلب، ولا سيما عندما بدأنا نرى هذا الاتجاه يبرز بوضوح في الولايات المتحدة".

وأضافت: "حققنا نجاحاً باهراً. ونتوقع أن تتجاوز مبيعاتنا 14 مليون دولار في عام 2025، كما لاحظنا قبولاً واسعاً وطلباً عالمياً على منتجات" كيه-بيوتي"، وقد بدأنا توزيع منتجات في الهند، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا، وأستراليا".

بيد أن شركة "Seoul Ceuticals" ليست كورية الأصل، فمقرها في الولايات المتحدة، وتُصنَّع جميع منتجاتها هناك أيضاً.

ولا تروّج الشركة أن مقرها في كوريا، لكنها تؤكد أنها تُنتج "منتجات العناية بالبشرة الكورية الأصلية والحقيقية".

وقد يبدو ذلك متناقضاًً، إلا أن الشركة تؤكد أن الأمر ليس كذلك، نظراً لأن المكونات التي تستخدمها في تصنيع المنتجات تأتي من كوريا الجنوبية.

وقالت ماجيسكي: "أعتقد أننا كنا أكثر حذراً في البداية، ورغبنا في توضيح الأمر بالكامل بأن جميع المنتجات تُصنّع في الولايات المتحدة".

وأضافت: "(لكننا) نحصل على مكوناتنا من كوريا، ورغبة في التحلي بالصدق والشرعية نقول إننا علامة تجارية تنتمي لعالم كيه-بيوتي".

وعلى الرغم من ذلك، ليس هناك إجماع على قبول هذا الرأي بين الجميع.

مصدر الصورة

وقال سونغ جو كيم، الشريك المؤسس لشركة مستحضرات التجميل الكورية "هوارانغ بوم": "ينبغي تصنيع هذه المنتجات بواسطة شركات تصنيع كورية".

ويدير جو كيم الشركة مع زوجته إليسا أهونبا-كي، وعلى الرغم من أن مقر شركتهما يقع في فنلندا، إلا أن جميع أعضاء فريقهم باستثناء إليسا هم من كوريا، وجميع منتجاتهم تُصنّع في كوريا الجنوبية.

وقال كيم: "الأمر الأكثر أهمية والذي نتفق عليه بكل تأكيد هو أن تقوم العلامة التجارية بتطوير أفكارها ومنتجاتها وفق منظور كوري".

وأضاف: "يمكن أن يظهر ذلك في المكونات أو التصميم، أو في العناصر الثقافية الأخرى، وأي شيء يربط العلامة التجارية بشكل واضح بكوريا، أو على الأقل يعكس تأثيراً كورياً".

وعلى الرغم من ذلك، يعترف الزوجان بأن تعريف الـ "كيه-بيوتي" لا يزال معقداً وصعب التحديد.

وقالت أهونبا-كي: "أعتقد أن مفهوم الكيه-بيوتي غامض إلى حد كبير، إذ يوجد في السوق العديد من العلامات التجارية التي يُنتجها كوريون يقيمون في الخارج".

وأضافت: "كما توجد علامات تجارية، مثل لانكوم Lancôme، وكلينيك Clinique، تصنّع منتجاتها في كوريا واليابان، إلا أن ذلك لا يجعل هذه العلامات تُصنَّف على أنها يابانية أو كورية".

ولا يوجد في الوقت الحالي تعريف رسمي للكيه-بيوتي، كما لا توجد حماية قانونية لمصدره الأصلي، على غرار ما هو معمول به في حالة منتجات مثل الشمبانيا أو جبن بارميجيانو وريجيانو.

كما لا توجد أي نية لوضع تعريف رسمي حتى الآن، حسبما أفادت منظمة صناعة الـ "كيه-بيوتي"، وهي الجهة التجارية الوحيدة المعترف بها رسمياً من جهة حكومة كوريا الجنوبية.

وقال رئيس المنظمة، تشانغ نام جانغ: "تركز منظمتنا حالياً على الترويج وتوسيع انتشار الكيه-بيوتي".

وأضاف: "في حين أن هذا الاتجاه متأصل في آسيا، إلا أنه بدأ للتو في أوروبا والولايات المتحدة، ونحن لا نرغب في كبح نموه من خلال فرض أي عقوبات على الشركات".

وعلى الرغم من ذلك، تُلزم المنظمة أعضائها ببعض القواعد، إذ يجب أن تكون الشركات مسجلة في كوريا الجنوبية، وأن تُخضع منتجاتها لاختبارات رسمية وتحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الكورية، وتعد هذه الموافقة شرطاً أساسياً للتداول داخل كوريا الجنوبية.

وقال نام جانغ: "إذا جرى تصنيع المنتج بما يتناسب مع مناخ وبيئة كوريا، واعتُرف به في السوق الكورية كمنتج قابل للتداول، فسوف نعترف به رسمياً كمنتج كيه-بيوتي".

وتتبنى شركة "هوارانغ بوم" هذا التعريف، وقد نالت بالفعل موافقة إدارة الغذاء والدواء الكورية، كما شرعت شركة Seoul" Ceuticals" في إجراءات الحصول على موافقة المنظمة، لتتمكن من تقديم منتجاتها للمستهلكين في كوريا الجنوبية.

وفي ظل ارتفاع صادرات منتجات الكيه-بيوتي من كوريا الجنوبية في عام 2024 بنسبة 20 في المئة مقارنة بعام 2023، يظل القطاع مربحاً للغاية، سواء كانت الشركات المنتجة محلية أو أجنبية.

وتحتل كوريا الجنوبية حالياً المركز الثالث عالمياً في تصدير مستحضرات التجميل، بعد فرنسا والولايات المتحدة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا النجاح أسفر عن ظهور منتجات مقلّدة ومزيّفة.

ويقول مارك لي، الرئيس التنفيذي لشركة "مارك فيجن"، ومقرها الولايات المتحدة، وهي شركة تعمل في مجال مساعدة الشركات في رصد المنتجات المقلّدة ومنعها من تداول منتجاتها: "بالنسبة لعلامة مستحضرات تجميل كورية كبرى، لا أستطيع الإفصاح عن اسمها، أجرينا مؤخراً 29 عملية شراء عبر الأسواق الأمريكية الكبرى من أجل اختبار أصالتها، وتبين أن 26 منها مزيّفة، ما يعادل نسبة تقليد قدرها 90 في المئة".

واستطاعت الشركة، خلال عام 2024، رصد منتجات كيه-بيوتي مزيّفة تبلغ قيمتها 280 مليون دولار في السوق الأمريكية فقط.

مصدر الصورة

وأثار العدد الكبير من المنتجات المقلّدة إحباطاً شديداً لدى واحدة من محبي الكيه-بيوتي، وهي غراسي توليو، وقالت: "كانت تجربة التسوق عبر الإنترنت لمنتجات كيه-بيوتي تجربة مخيفة للغاية".

ودفعت التجربة توليو، المقيمة في لندن، إلى تأسيس شركة "بيور سيول PureSeoul" عام 2019، وهو متجر تجزئة متخصص في منتجات كيه-بيوتي الأصيلة، وتستورد المنتجات مباشرة من المصنّعين الكوريين.

وقالت إنها تستقبل عملاء يزورون المتجر حاملين منتجات مشكوك فيها، للتحقق من أصالتها.

وأضافت: "عملاؤنا أيضاً أحياناً تغريهم الأسعار المنخفضة للمنتجات المقلّدة على الإنترنت، وغالباً تكون المنتجات غير أصلية في تسع حالات من كل عشر".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا