الخرطوم- أكدت مولانا انتصار أحمد عبد العال، النائبة العامة السودانية ورئيسة وفد السودان في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، في حوار مع الجزيرة نت، رفضها توسيع تفويض المحكمة الجنائية الدولية ليشمل اختصاصها التحقيق في الجرائم التي وقعت منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023.
وعزت مولانا انتصار، وهي رئيسة اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني، رفض توسيع نطاق المحكمة الجنائية، الذي أوصت به بعثة تقصّي الحقائق الدولية، لوجود أجهزة عدلية وقضاء وطني عادل وراغب وقادر على تطبيق مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
وقالت إنها طالبت بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية "بسبب جنوحها لتسييس أعمالها، ومحاولتها الزج ب القوات المسلحة في الانتهاكات ومساواتها مع المليشيا الإرهابية (في إشارة إلى قوات الدعم السريع)، إضافة لخروجها عن نطاق تفويضها ومحاولتها فرض آليات أخرى على السودان كتوسيع نطاق المحكمة الجنائية الدولية ليشمل كل السودان".
وأشارت النائبة العامة إلى أن "المليشيا" ارتكتبت انتهاكات مخالفة للقانون الوطني والدولي، ك الإبادة الجماعية ، والمجازر ضد المدنيين، والإخفاء والاحتجاز القسري، وتصفية الأسرى، والإعدام خارج نطاق القانون والقضاء، وهو ما أدى لمقتل 30 ألفا و267 شخصا، وإصابة 43 ألفا و575 آخرين. بينما بلغ حجم الخسائر في القطاعات المختلفة 771 مليار دولار منذ بدء الحرب وحتى سبتمبر/أيلول 2024.
وفيما يلي نص الحوار:
درجت معظم الدول على عدم قبول آليات تقصّي الحقائق أو التحقيق المنشأة بواسطة مجلس حقوق الإنسان، على اختلاف مسمياتها، لما فيها من مساس بالسيادة الوطنية، ولوجود أجهزة قضائية مستقلة ونزيهة وقادرة وراغبة بإنفاذ المساءلة ومنع الإفلات من العقاب.
رفض السودان ابتداء تشكيل بعثة تقصّي الحقائق منذ القرار (2/54) الذي أنشأ تفويضها، والذي انقسم بشأنه مجلس حقوق الإنسان انقساما حادا، إذ صوّت ضده 16 دولة بينها السودان، بينما أيد القرار 19 دولة، وتم تمرير القرار بفارق 3 أصوات فقط.
كما تأكد لنا عدم موضوعية وعدالة هذه البعثة، وظهر ذلك في:
من المعروف أن السودان غير موقّع على ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، وبهذا الصدد يتم التعامل مع المحكمة بناء على القرار رقم (1593/2005) الصادر من مجلس الأمن ، الذي منح المحكمة اختصاص التحقيق في الجرائم التي وقعت في دارفور منذ 2003. وظل السودان يتعاون مع المحكمة بموجب القرار المذكور، ومذكرة التفاهم التي وُقّعت في فبراير/شباط 2022.
وبخلاف ذلك، فإننا نرفض توسيع تفويض المحكمة الجنائية ليشمل التحقيق في الجرائم التي وقعت منذ بداية الحرب، لوجود أجهزة عدلية وقضاء وطني عادل لتطبيق المساءلة.
فضلا عن ذلك، فإن البعثة خرجت عن نطاق تفويضها بالتوصية بتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل كافة أنحاء القُطر.
رصدت اللجنة الوطنية انتهاكات جسيمة ارتكبتها "المليشيا الإرهابية"، مخالفة للقانون الوطني و القانون الدولي الإنساني ، وتمثلت في "جريمة الإبادة الجماعية في إطار استهدافها لأثنية المساليت في ولاية غرب دارفور، والمجازر التي ارتُكبتها في ولايات الجزيرة وشمال وغرب كردفان ".
بينما تمثلت الجرائم ضد الإنسانية متمثلة "بالمجازر ضد المدنيين، والتهجير والإخفاء والاحتجاز القسري، والانتهاكات ضد الأشخاص ذوي الإعاقة".
أما جرائم الحرب فظهرت في حصار المدن واستخدامه كسلاح ل تجويع المدنيين، وتصفية الأسرى، واستهداف المنشآت المدنية والمدنيين بطائرات قتالية بدون طيار، والإعدام خارج نطاق القانون والقضاء، والقصف المدفعي العشوائي، والاعتداء على المساعدات الإنسانية، وعلى دور العبادة، وتدمير متحف الظواهر الطبيعية.
إضافة للاعتداء على قطاعات الصحة والطاقة والنفط والزراعة، وأجهزة العدالة وجهات إنفاذ القانون، والسجون، والمحميات والحياة البرية، والاتصالات، ومحطات الكهرباء والمياه، والبنوك، المطارات والطائرات والبنية التحتية، ومقار السفارات والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية بالخرطوم، والمواقع الثقافية والتراثية.
كما تم تجنيد المرتزقة والأطفال قسرا، والحرمان من التعليم، وتدمير البنية التحتية لمشافِي ومخازن أدوية الأطفال، وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية نتيجة احتلال المستشفيات ونهب وسرقة الأدوية، والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات.
ارتكبت "المليشيا الإرهابية" انتهاكات جسيمة، لا سيما تدمير البنى التحتية، ما أدى إلى أضرار وخسائر كبيرة.
وبناء على قرار رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان رقم (186/2003) الخاص بتشكيل لجنة لإعداد رؤية اقتصادية علمية لما بعد الحرب وإعادة الإعمار والتعويضات، اعتمدت اللجنة المختصة مصفوفة بمعايير علمية وقياسات دقيقة لتقييم حجم الدمار في المؤسسات والقطاعات المختلفة.
وقدرت اللجنة حجم الأضرار والخسائر في كافة القطاعات والمساكن بالولايات التي تقع تحت وطأة الحرب، وتغطي تقديراتها الفترة من 15 أبريل/نيسان 2023 وحتى أغسطس/آب 2024، كما شملت تقييم الأضرار غير المباشرة الناتجة عن الحرب في السودان. ويُعد هذا الرقم تقديرا مبدئيا، ولم يشمل كامل فترة الحرب.
هذه الاتهامات باطلة، إذ ظلت بعض الجهات والمنظمات غير الحكومية تردد مزاعم استخدام القوات المسلحة السودانية لأسلحة كيميائية، استنادا إلى مصادر مجهولة.
وهذا قول مردود عليه، ويُقصد منه تسييس واضح لعمل المنظمات غير الحكومية. وفي السياق، يتخذ السودان الإجراءات اللازمة عبر لجنة المنظمات غير الحكومية ب الأمم المتحدة لمواجهة هذه الادعاءات.
السودان من الدول المصادقة على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية منذ 1997، واستيفاء لاستحقاقاته بموجب الاتفاقية، أصدر عام 2004 ق انون حظر الأسلحة الكيميائية.
ورغم أن هذه المزاعم والاتهامات غير صحيحة وباطلة، واستنادا إلى مبدأ الشفافية والمصداقية، شكّل الرئيس البرهان لجنة وطنية من الجهات ذات الصلة للتحقيق بتلك المزاعم.
أصدر مجلس الأمن القرار رقم (2736/2024) لفك حصار مدينة الفاشر ، إلا أن "المليشيا الإرهابية" لم تلتزم به، في مخالفة واضحة لقرارات مجلس الأمن الدولي، وواصلت حصارها للمدينة، ومنعت دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تجويع المدنيين ووفاتهم.
وتوجد إجراءات متعددة على المستوى الدولي للتعامل مع هذا الوضع، كفرض قيود على سفر قادة "المليشيا الإرهابية"، كما يجوز لمجلس الأمن فرض عقوبات اقتصادية على الأفراد أو الكيانات المتورطة في الحصار أو تجويع المدنيين، وتشمل هذه العقوبات تجميد الأصول أو حظر تجارة بعض السلع، إضافة للتحقيق والملاحقة القضائية.
رصدت اللجنة الوطنية كافة الانتهاكات التي حدثت منذ بداية الحرب وحتى الآن، وتم تقييدها في دعاوى الجنائية.
أما فيما يخص الخسائر البشرية (القتلى والجرحى) نتيجة انتهاكات "المليشيا الإرهابية"، فقد شملت الإحصائية القتلى نتيجة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لقبيلة المساليت بمدينة الجنينة، والقتلى بمعسكر الحصاحيصا للنازحين في مدينة زالنجي، ومجازر قرى ولايتي الجزيرة و سنار ، ومجزرة أم كويكة بولاية النيل الأبيض، والقتلى من الأسرى والمدنيين بمدينة الفولة، والقتلى من الأطفال.
وشملت الإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء، والهجوم على مدينة النهود ومعسكري زمزم وأبوشوك بولاية شمال دارفور، وعلى مدينة الخوي، وعلى سجن الأبيّض بطائرات بدون طيار، وتصفية المدنيين في منطقة الصالحة، وقتلى القصف المدفعي العشوائي في أم درمان ، وقتلى الأشخاص ذوي الإعاقة بالرصاص الحي، وقتلى قصف طائرة مسيرة لمركز النازحين بولاية نهر النيل/عطبرة، وقتلى قرى غرب وشمال كردفان.
وبلغت أعداد ما تم رصده من القتلى بمستشفيات الخرطوم، حسب تقرير وزارة الصحة الاتحادية، 30 ألفا و267 شخصا، والجرحى 43 ألفا و575 شخصا.
حقائق وأرقام صادمة يكشفها نائب المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في #السودان عن الأوضاع الإنسانية في #الفاشر#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/ffYzOrP0LW
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 16, 2025
وفقا لقرار تشكيل اللجنة الوطنية، فإنها تختص بالتحقيق بكافة الانتهاكات والجرائم التي وقعت منذ بداية الحرب من جميع الجهات من دون استثناء.
وبهذا الصدد، قيدت اللجنة الوطنية "366" دعوى جنائية ضد منتسبين للقوات النظامية، وخاطبت النيابة العامة الوحدات العسكرية المعنية، وتم رفع الحصانة الإجرائية عن المتهمين والتحقيق معهم وتوجيه التهم إليهم، وإحالتهم للمحكمة التي فصلت في 145 دعوى جنائية.