آخر الأخبار

أنتيفا: ما هي ولماذا يستهدفها ترامب؟

شارك
مصدر الصورة

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيصنّف حركة "أنتيفا" كـ"منظمة إرهابية رئيسية" في إطار جهوده لاستهداف ما وصفه بـ"اليسار الراديكالي"، وذلك عقب مقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك.

وفي منشور على منصته "تروث سوشال"، وصف ترامب الحركة بأنها "كارثة يسارية راديكالية مريضة وخطيرة"، متعهداً بـ"التحقيق معها بشكل كامل".

وتُعدّ "أنتيفا" حركة لا مركزية ذات توجه يساري تعارض الجماعات اليمينية المتطرفة والعنصرية والفاشية، ولطالما كانت محل غضب ترامب.

لكن خبراء سارعوا إلى التشكيك في كيفية استهداف الرئيس للحركة التي تفتقر إلى قائد محدّد أو قوائم عضوية أو هيكل تنظيمي واضح. ففي عام 2020، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي حينها، كريستوفر راي، أمام الكونغرس إن "أنتيفا" تُعرّف بشكل أفضل كأيديولوجيا أكثر منها كمنظمة رسمية.

وظلت "أنتيفا" نقطة مرجعية شائعة لدى بعض المؤثرين والسياسيين اليمينيين الذين يرون أنها جزء أساسي من شبكة يسارية يزعمون أنها تسعى إلى تقويض الولايات المتحدة وحرية التعبير وحقوق حمل السلاح.

ماذا تعني كلمة أنتيفا؟

كلمة أنتيفا اختصار لعبارة "مناهضة للفاشية"، وهي تحالف فضفاض بلا قيادة يضم في معظمه ناشطين من أقصى اليسار.

وتعود كلمة "أنتيفا" إلى الكلمة الألمانية "antifaschistisch"، في إشارة إلى جماعة ألمانية مناهضة للفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي.

مصدر الصورة

وبينما يعود وجود حركة "أنتيفا" في الولايات المتحدة إلى عقود مضت، إلا أنها برزت بشكل أكبر بعد فوز ترامب الأول في انتخابات عام 2016، ومظاهرة اليمين المتطرف في شارلوتسفيل في عام 2017، حيث بدأت مجموعات مختلفة مناهضة للفاشية في التوحد.

ومنذ ذلك الحين، كثيراً ما اشتبك الناشطون الذين يعرّفون أنفسهم كجزء من "أنتيفا" مع الجماعات اليمينية، سواء في جدالات محتدمة على الإنترنت أو في مواجهات جسدية في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة.

ويعني غياب تنظيم مركزي أن خلايا "أنتيفا" غالباً ما تتشكل بشكل تلقائي، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، ويضم ناشطوها فوضويين وشيوعيين واشتراكيين متشددين يشتركون بوجه عام في مواقف مناهضة للحكومة، ومعادية للرأسمالية، ومؤيدة لحقوق مجتمع الميم، وداعمة للهجرة.

لكن في بعض الأحيان يُستخدم مصطلح "أنتيفا" كتصنيف شامل من قبل سياسيين ومعلقين محافظين ليضم جماعات ليبرالية ويسارية أخرى يعارضونها سياسياً.

هل تتورط أنتيفا في أعمال عنف؟

ويقول منتقدون إن ما يميز "أنتيفا" عن الجماعات اليسارية الرئيسية هو استعداد بعض ناشطيها لاستخدام العنف من أجل خدمة قضيتهم، وهو ما يصفونه هم بأنه "دفاع عن النفس".

وغالباً ما يرتدي الناشطون ملابس داكنة ويغطون وجوههم في الأماكن العامة. وتُظهر مقاطع فيديو على الإنترنت، شاهدتها بي بي سي، بعضهم وهم يحملون هراوات ودروعاً وعصياً ورذاذ الفلفل خلال مسيراتهم.

وفي عام 2017، هاجم نحو 100 ناشط ملثم يحملون لافتات وأعلاماً مرتبطة بـ"أنتيفا" مجموعة من المتظاهرين اليمينيين في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا، مما أسفر عن اعتقال العديد منهم.

وخلال الاضطرابات التي اندلعت في الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد عام 2020، أطلق ناشط أعلن انتماءه لـ"أنتيفا"، يدعى مايكل رينويل، يبلغ من العمر48 عاماً، النار وقتل مؤيداً لجماعة "باتريوت براير" اليمينية المتطرفة في منطقة بورتلاند، وبعدها قُتل رينويل نفسه برصاص الشرطة.

مصدر الصورة

وينشر الناشطون المناهضون للفاشية بانتظام هويات وتفاصيل شخصية عن أشخاص يعتبرونهم ناشطين من اليمين المتطرف، وتُعرف هذه الاستراتيجية عادةً باسم "التشهير الرقمي" (Doxxing)، وتهدف إلى طرد هؤلاء الأشخاص من وظائفهم وعزلهم اجتماعيًا.

وعقب مقتل تشارلي كيرك، اطّلعت وحدة تقصي الحقائق في بي بي سي على رسائل من بعض الأفراد الذين يعرّفون أنفسهم كأعضاء في "أنتيفا"، على منصتي ريديت وإكس، يدافعون فيها عن حادثة إطلاق النار.

هل لدى ترامب السلطة القانونية لتصنيف "أنتيفا" كمنظمة إرهابية؟

لم يوضح ترامب كيف يخطط لتصنيف "أنتيفا" كمنظمة إرهابية، وقد طلبنا من البيت الأبيض مزيداً من التفاصيل حول ذلك.

ويمكن للحكومة الأمريكية تصنيف مجموعة ما كـ"منظمة إرهابية أجنبية" ، وتنص "المعايير القانونية" لذلك على أن تكون المجموعة المستهدفة "منظمة أجنبية".

ويعني تصنيف منظمة إرهابية أجنبية أن أعضاء المجموعة يمكن منعهم من دخول الولايات المتحدة أو ترحيلهم منها، كما يمنح الحكومة صلاحية مصادرة التمويل واستهداف المتبرعين.

وتدرج وزارة الخارجية حالياً منظمات مصنفة كمنظمات إرهابية أجنبية، والتي تشمل فروعاً لتنظيم الدولة الإسلامية، وبشكل متزايد كارتلات المخدرات من أمريكا اللاتينية.

لكن من غير الواضح كيف يمكن توسيع هذه الصلاحيات لتشمل "أنتيفا".

وقال لوك بومغارتنر، زميل باحث في برنامج مكافحة التطرف بجامعة جورج واشنطن: "لا توجد آلية قانونية، بحسب علمي، يمكن أن تؤسس رسمياً أي مجموعة كمنظمة إرهابية محلية".

وأضاف قائلا: "على حد علمي، هذا مجرد إعلان على منصة تروث سوشال لا يعني شيئاً، وما لم يرغب الكونغرس في اتخاذ خطوات ملموسة، فلا أرى أن ذلك سيحدث".

وأشار خبراء قانونيون آخرون تحدثوا إلى وحدة تقصي الحقائق في بي بي سي إلى أن حقوق حرية التعبير المنصوص عليها في التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة قد تحد من قدرة ترامب على تنفيذ هذا التصنيف.

مصدر الصورة

وقال البروفيسور ديفيد شانزر، مدير مركز تراينغل للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب في جامعة ديوك: "إن التعديل الأول يحمي حق تكوين الجمعيات، والذي يشمل حق الأفراد في تشكيل مجموعات، ويمنع الحكومة من التدخل في أنشطة هذه المجموعات، ما لم تكن قد انتهكت القانون بالطبع".

وأضاف قائلا: "إن تصنيف الرئيس لمثل هذه المجموعة كمنظمة إرهابية رئيسية لا يغيّر هذه الحقوق الدستورية الأساسية".

أما براد إيفانز، أستاذ العنف السياسي في جامعة باث، فحذّر من أن غياب هيكل تنظيمي أو عضوية واضحة لـ"أنتيفا" "يوفر فرصة استثنائية لتوسيع نطاق سلطة الحكومة وتطبيقها على أي شخص يُفترض انتماؤه إلى منظمة غير واضحة المعالم".

وقال: "هذا يعني أن أي شخص يُشتبه بانتمائه إلى أنتيفا سيكون مطالباً بإثبات عكس ذلك، إن مخاطر تجاوز الصلاحيات واضحة للغاية".

كما تساءل خبراء قانونيون آخرون عن سبب عدم تمكن إدارة ترامب من ملاحقة "أنتيفا" بموجب التشريعات القائمة التي تعالج جرائم مثل التحريض على العنف.

لماذا تستهدف إدارة ترامب "أنتيفا"؟

ليست هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها ترامب حركة "أنتيفا"، فقد قال في عام 2020 إنه سيصنّفها منظمة إرهابية، لكنه لم يمضِ قدماً في ذلك آنذاك.

وتأتي خطوته الأخيرة في إطار حملة أوسع ضد ما يسميه "اليسار الراديكالي" عقب مقتل تشارلي كيرك، حيث صرّح الرئيس قائلاً: "لقد أضرّ عنف اليسار الراديكالي بعدد كبير من الأبرياء وأودى بحياة الكثيرين".

وقالت السلطات إن تايلر روبنسون، المتهم بقتل كيرك، لديه "أيديولوجيا يسارية"، لكنها لم تقدم تفاصيل كثيرة، كما أنه لم يتم ربطه بشكل مباشر بحركة "أنتيفا".

ماذا تقول الدراسات عن العنف السياسي في الولايات المتحدة؟

حذفت وزارة العدل الأمريكية مؤخراً دراسة حول العنف السياسي في أمريكا خلصت إلى أن التطرف اليميني يتجاوز "جميع أشكال التطرف العنيف الأخرى".

وسألت بي بي سي وزارة العدل عن سبب حذف الدراسة، التي نُشرت عام 2024 من قبل وكالة الأبحاث التابعة للوزارة، لكنها ردت بـ "لا تعليق".

وقد راجعت وحدة تقصي الحقائق في بي بي سي 5 دراسات مستقلة تناولت الهجمات ذات الدوافع السياسية في الولايات المتحدة على مدى عقود، وجميعها تشير إلى أن هناك عدداً أكبر من حالات العنف السياسي ارتكبها أشخاص صنّفهم الباحثون على أنهم أصحاب أيديولوجيا يمينية، مقارنة بأصحاب الأيديولوجيا اليسارية.

ومع ذلك، وبسبب غياب تعريف ثابت أو عالمي لـ"الأيديولوجيا اليمينية" أو "الأيديولوجيا اليسارية"، يصبح من الصعب قياس الاتجاهات المتعلقة بالعنف السياسي عبر الزمن.

وقال البروفيسور روبرت باب، من جامعة شيكاغو، إن السنوات الأخيرة شهدت "مستويات تاريخية من الاغتيالات ومحاولات الاغتيال السياسية"، استهدفت سياسيين جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء.

وأضاف قائلا: "ما نراه في بياناتنا هو أنه عندما يلوم زعيم سياسي طرفاً معيناً على العنف، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة الدعم للعنف السياسي، وليس العكس".

شارك في التقرير: مايك ويندلينغ، ومات ميرفي، ولوسي غيلدر.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا