في خطوة مهمة تعزز مكانة قطر في مجال الابتكار الصحي، أعلنت إدارة مختبرات مؤسسة حمد الطبية في قطر بدء إجراء فحص تسلسل الإكسوم الكامل(WES) للكشف عن الطفرات الجينية المسؤولة عن الأمراض، لتفتح آفاقًا جديدة أمام التشخيص الجيني الدقيق والعلاج الشخصي المتطور، حيث يُمكّن المرضى في قطر من الحصول على تشخيصات أسرع وأكثر دقة، وخطط علاجية تُصمم وفقًا للتركيبة الجينية لكل فرد.
وقالت مؤسسة حمد الطبية -في بيان وصل "الجزيرة صحة" اليوم الخميس- إن إجراء هذا الفحص المتطور يستفيد منه مرضى الأمراض الوراثية من البالغين والأطفال، ومرضى أنواع معينة من السرطان حيث كانت ترسل عينات الدم الخاصة بهؤلاء المرضى إلى الخارج لإجراء الاختبارات المطلوبة والتي تستغرق مدة طويلة للحصول على النتائج.
تُعد تقنية تسلسل الإكسوم الكامل أداة متقدمة للكشف عن الطفرات الجينية المسؤولة عن الأمراض، إذ تركز على الأجزاء من الحمض النووي المسؤولة عن ترميز البروتينات، حيث تقع غالبية الطفرات المسببة للأمراض. وبذلك يصبح نقلة نوعية في تشخيص الأمراض الوراثية التي يصعب تحديد أسبابها، والتعرف على المخاطر الصحية المحتملة، ومنح العائلات رؤية أوضح لحالاتهم الطبية.
وتتمثل آلية الفحص في جمع عينة دم من المريض، ثم استخراج الحمض النووي، وتحليل الإكسوم باستخدام تقنيات متطورة، لتفسر البيانات بواسطة برامج حاسوبية متقدمة قادرة على تحديد الأسباب الجينية المحتملة للمرض.
وبهذه المناسبة، صرحت الدكتورة إيناس عبد العزيز الكواري، رئيسة إدارة المختبرات الطبية وعلم الأمراض بمؤسسة حمد الطبية: "يعكس بدء إجراء فحص تسلسل الإكسوم الكامل التزامنا الراسخ بدمج الطب الجيني في منظومة الرعاية الصحية. وباستخدام تقنيات التسلسل المتقدمة، سنتمكن من توفير تشخيصات دقيقة وسريعة، الأمر الذي سيُحدث نقلة كبيرة في التعامل مع الأمراض الوراثية في قطر، وسيمكن أطباءنا من تقديم رعاية صحية متطورة تتماشى مع خصوصية التركيبة الجينية لكل مريض".
وأضافت الدكتورة إيناس الكواري: "لقد أصبح الطب الجينومي جزءًا من رعايتنا الصحية اليومية في قطر، ومع بدء إجراء فحص التسلسل الإكسومي الكامل لم نعد بحاجة إلى إرسال عينات مرضانا للخارج، بل أصبحنا نوفر التشخيصات المتقدمة هنا في وطننا. إن إجراء هذا الفحص محلياً ليس مجرد نجاح علمي، بل رسالة أمل لكل مريض وأسرة تواجه أمراضًا وراثية، ودليل على تصميم قطر على الريادة في الطب الدقيق وبناء نظام صحي عالي المستوى وإنساني في آن واحد. وما هذه إلا البداية نحو مستقبل أكثر ابتكارًا وتطورًا".
تتولى مختبرات الوراثة الجزيئية التابعة لقسم الجينوم التشخيصي في إدارة مختبرات مؤسسة حمد الطبية مسؤولية تنفيذ هذا الفحص المتطور، تحت إشراف الدكتورة موزة خليفة الكواري مع فريق متخصص من الكفاءات الوطنية. وقد جرى اعتماد جميع خطوات العمل وفقًا لأرقى المعايير العالمية مثل الكلية الأميركية لعلم الوراثة الطبية والجينوم (ACMG) والكلية الأميركية لعلماء الأمراض (CAP).
كما عززت المختبرات بنيتها التحتية باستثمارات كبيرة في خوادم آمنة عالية السعة، وحوسبة متقدمة، وأمن سيبراني على أعلى مستوى، لضمان حماية البيانات وتسريع تحليل النتائج المقدمة. كما سيساعد كذلك إدخال هذا الفحص المتطور في الحد من إرسال عينات المرضى إلى الخارج للفحص الجيني.
يأتي بدء إجراء فحص التسلسل الإكسومي بالتوافق مع الإستراتيجية الوطنية للصحة ورؤية قطر الوطنية في تعزيز الابتكار الطبي والارتقاء بجودة الرعاية الصحية. إذ يساهم تسلسل الإكسوم الكامل في الكشف المبكر عن الأمراض والوقاية منها ووضع خطط علاجية فردية، ما ينعكس مباشرة على تحسين النتائج العلاجية ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين في دولة قطر.
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة موزة الكواري: "اليوم أصبح مرضانا وعائلاتهم قادرين على الوصول إلى واحدة من أحدث أدوات التشخيص في العالم. هذا الفحص سيختصر رحلة التشخيص، ويُمكّن الأطباء من اتخاذ قرارات علاجية دقيقة في وقت أسرع، بما يضمن تجربة علاجية أكثر فعالية وإنسانية".
منذ تأسيسه عام 2001، يُعد مختبر الوراثة الجزيئية أحد أبرز المختبرات المتقدمة في المنطقة، حيث يجري ما يقارب 30 ألف اختبار جيني سنويًا، ويدعم برامج وطنية كبرى مثل فحص ما قبل الزواج وفحص حديثي الولادة. وقد حصل المختبر على اعتماد الكلية الأميركية لعلماء الأمراض (CAP) منذ عام 2014، محافظًا على أعلى مستويات الجودة العالمية.
يرسّخ بدء إجراء فحص تسلسل الإكسوم مكانة مؤسسة حمد الطبية كمركز إقليمي متقدم في مجال الطب الجينومي، ويوفر رعاية صحية أكثر ابتكارًا، مع تعزيز منظومة البنية التحتية الطبية في دولة قطر.