آخر الأخبار

عملية الـبايجر: بين السياقات والسيناريوهات المحتملة

شارك الخبر

حتى الساعة، لا تزال تُطرح الكثير من الفرضيات حول العمل الأمني الذي نفذته إسرائيل، مستهدفة أجهزة الـ"بايجير" التي يحملها عناصر من "حزب الله"، من دون القدرة على الحسم في حقيقة أيّ منها، إلا أن ذلك لا يلغي أن لهذه العملية مجموعة واسعة من الأهداف التي من الضروري التوقف عنها، لا سيما بالنسبة إلى السياقات التي جاءت بها، بالإضافة إلى السيناريوهات المحتملة التي من الممكن أن تترتب عليها.

في هذا السياق، لا يمكن فصل هذه العمليّة عن مجموعة من الأحداث التي جاءت بالتزامن معها، خصوصاً لناحية تصاعد وتيرة التهديدات الإسرائيلية، في الأيام الماضية، بالذهاب إلى عملية عسكرية واسعة تقود إلى تغيير المعادلة على الجبهة الجنوبية، الأمر الذي يدفع إلى السؤال أولاً عما إذا كانت تأتي ضمن هذا الإطار، أو تساعد في تحقيق الهدف الأساسي المعلن، أيّ السعي إلى إعادة سكان المستوطنات الشماليّة إلى منازلهم، الذي باتت تعتبره تل أبيب من أهداف الحرب.

من حيث المبدأ، تجمع القراءات الإسرائيلية، التي أشادت بالعملية من دون تبنٍّ رسمي لها، على أنها لن تساهم في تحقيق هذا الهدف، لا بل تعتبر أنها قد تقود إلى تعقيد المشهد على الجبهة، خصوصاً أن "حزب الله" سيبادر إلى الرد عليها، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى إتساع رقعة التهجير من المستوطنات الشماليّة، ما يفتح الباب إلى السؤال عن الفرضيات التي دفعت تل أبيب إلى الإقدام على هذه الخطوة، التي تدرك جيداً حجم تداعياتها.

وترى مصادر سياسية متابعة أنّه من الممكن الحديث عن 3 فرضيات أساسيّة: الأولى أن تكون العملية مقدّمة لعمل عسكري كبير، الثانية أن يكون الهدف منها توجيه رسالة "رادعة" إلى الحزب بديلاً عن هذا العمل، أما الثالثة فهي تلك التي تداولت بها بعض وسائل الإعلام، لناحية أنّها قررت تنفيذها، بعد أن وجدت مؤشّرات على إمكانيّة الكشف عما كانت تخطط له من قبل الحزب.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الفرضية الأولى كان من الممكن أن تكون هي المخطط الأساسي، لكن بعد التنفيذ ومرور الوقت، بات من الواضح أن إسرائيل غير جاهزة للذهاب إلى عمل من هذا النوع، أما بالنسبة إلى الفرضية الثانية فهي تبقى قائمة، لكنها من الناحية العملية لم تحقق الأهداف الإسرائيلية، سواء بالنسبة إلى إعادة سكان المستوطنات أو ردع "حزب الله"، بدليل أن الحزب سارع إلى تحميلها المسؤولية والتأكيد أنه سيرد عليها.

في هذا المجال، تبقى الفرضيّة الثالثة، التي قد تكون الأكثر منطقية من وجهة نظر المصادر نفسها، نظراً إلى أنّ تل أبيب، من حيث المبدأ، كانت تملك ورقة قويّة، قرّرت التضحية بها في هذا التوقيت، ومن المؤكّد أن وقعها، خلال عملية عسكرية أو قبلها بوقت قصير، سيكون أكبر، بسبب حالة الإرباك، على الأقل، التي كانت ستتسبب بها، إلا أنّها تشدد على أن المسألة لا يمكن الجزم بها بشكل مطلق.

على الرغم مما تتقدم، ترى المصادر السياسية المتابعة أن قراءة هذه العملية من المفترض أن تتم من ضمن سياق مجموعة من الأحداث التي تزامنت معها أو سبقتها بوقت قصير، أبرزها العدوان الإسرائيلي على مصياف في سوريا والحديث عن عملية إنزال تم تنفيذها في المنطقة، بالإضافة إلى تأكيد "حزب الله" المعلومات الصحافية التي تناولت عدد القتلى والجرحى في الهجوم الذي نفذه رداً على إغتيال القيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر، من دون تجاهل مبادرة تل أبيب إلى الكشف عن عمليّة إغتيال كان يحضر لها الحزب، تستهدف رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي.

هذا الواقع، يدفع هذه المصادر إلى التأكيد بأنه إلى جانب الحرب العسكرية، القائمة بين الجانبين، هناك أخرى أمنيّة لا تقل خطورة، لكنها توحي بأن الأولوية لها، على إعتبار أنها تحول دون ذهابهما إلى المواجهة الشاملة، حيث تبقى القدرة على ضبطها أو منع خروجها عن السيطرة أكبر، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى التصعيد العسكري، خصوصاً أن بعض أسرارها قد لا يتم الكشف عنها أو يتأخر ذلك لأسباب متعددة.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أنّ ما حصل أعاد الأوضاع على هذه الجبهة إلى ما كانت عليه قبل تنفيذ "حزب الله" ردّه على إغتيال شكر، حيث كان الجميع ينتظر الرد والتداعيات التي من الممكن أن تترتب عليه، بما يعنيه ذلك من السيناريوهات المطروحة على الطاولة، من الرد المحدود، سواء كان أمنياً أو عسكرياً، إلى الرد المتوسط الذي لا يقود إلى الحرب الشاملة، وصولاً إلى الرد الذي يقود إلى تلك الحرب، لا سيما أن الحزب بات مضطراً إلى خطوة تعيد التوازن إلى هذه الجبهة، في ظل التمادي الإسرائيلي المستمر في الإعتداءات.

النشرة المصدر: النشرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا