آخر الأخبار

الأغلبية والمعارضة تبسطان إشكالات مشاركة "مغاربة العالم" في الانتخابات

شارك الخبر

على بعد سنتين تفصلان المغرب عن محطة استحقاقات 2026 الانتخابية يطفو النقاش مجددا حول حق مشاركة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج في المحافل الانتخابية الوطنية، خاصة أن الفاعل السياسي المغربي مازال يتمسّك بملاحظاته حول ما “يقف” أمام تمتّع مغاربة العالم بهذا الحقّ الدستوري، من “غيّاب مكاتب التصويت ببلدان الإقامة، ومحدودية صيغة التصريح بواسطة الوكالة”، و”قصر المقتضيات الجديدة على مستوى الترشيح في ضمان تمثيلية عالية لمغاربة العالم بمجلس النواب”.

ولا تخفي الأغلبية في حديثها لهسبريس استعدادها لإعادة هذه “الإشكالات” إلى طاولة النقاش البرلماني خلال السنة التشريعية المطلة على الأبواب، وفتح أفق “لاقتراح تعديلات تشريعية على القوانين الانتخابية لتجاوزها”، في حين تبدي المعارضة تفّهم “التعقيدات التي ينطوي عليها الاتجاه نحو إقامة مكاتب التصويت ببلدان الإقامة، وإحداث دوائر انتخابية مخصصة للمغاربة المقيمين بالخارج”، مستبعدّة “طرح مقترحات قوانين جديدة بهذا الخصوص، إلا في حال كانت مقتضياتها محط إجماع من لدن فرق المعارضة والأغلبية”.

وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ذكّر مؤخرا بالمقتضيات التشريعية الجديدة التي جرى إدراجها عشية انتخابات الثامن من شتنبر للنهوض بتمثيلية مغاربة العالم بالمؤسسة التشريعية على وجه الخصوص، مشيرا إلى أنه “منذ هذه الانتخابات أصبح كل حزب سياسي ملزما بوضع مترشحة مقيمة بالخارج على رأس لائحة ترشيح جهوية واحدة على الأقل، تحت طائلة عدم استفادته من التمويل العمومي”.

وأضاف لفتيت، في جواب كتابي عن سؤال تقدّمت به مجموعة العدالة الاجتماعية بمجلس المستشارين حول “مشاركة المغاربة القاطنين بالخارج في الاستحقاقات الانتخابية”، أنه “تم بالموازاة مع ذلك إقرار تحفيزات مالية مهمة لفائدة الأحزاب السياسية قصد تشجيعها على إدماج مترشحين ذكورا وإناثا من أفراد الجالية في لوائح ترشيحها المحلية المقدمة برسم مجلس النواب”.

مذكّرا بكيفية سير عملّية التصويت بالنسبة لأفراد الجالية أكد وزير الداخلية، في وثيقة الجواب التي اطلعت عليها هسبريس، أنه “يمكن لكل مواطن مقيم بالخارج التصويت إما مباشرة بمكتب التصويت التابع له إذا كان متواجدا بأرض الوطن يوم الاقتراع أو انطلاقا من بلد الإقامة عن طريق الوكالة”؛ فيما لفت بخصوص عملية الترشيح إلى أنه “يحق للمواطنات والمواطنين المقيمين بالخارج والمستوفين للشروط المطلوبة قانونا المشاركة في انتخابات مجالس الجماعات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجهات، وكذا مجلسي النواب والمستشارين”.

“حاجة إلى التعديل”

العياشي الفرفار، عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أحد فرق الأغلبية بمجلس النواب، شددّ بداية على أن “الفريق مؤمن بدوره بضرورة تمكين أفراد الجالية المغربية المقيمة الخارج من جميع حقوقهم الدستورية؛ وضمنها الحق في التصويت والترشح للانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية”، مسجّلا أن “ممارسة مغاربة العالم هذا الحقّ مازالت مسيّجة بمجموعة من الإشكالات التي ستدفع الفريق خلال السنة التشريعية الجديدة إلى التشاور مع فرق الأغلبية لطرح مقترحات قوانين تحمل تعديلات تشريعية جديدة لتجاوزها”.

وبخصوص تصويت الجالية أوضح الفرفار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “صيغة التصويت عن طريق الوكالة تنطوي على إشكالات عديدة تبدأ من كونها منافية لكون التصويت حقّا أصليا لا ينبغي تفويضه، ولا تنتهي عند صعوبة تمكّن كل أفراد الجالية من تسليم الوكالة شخصيا لأفراد عائلتهم”، مردفا بأن “هذا يفرض طرح تعديلات تشريعية لاستبدال هذه الصيغة بالتصويّت الإلكتروني الذي يعد أكثر فاعلية، وسيجنّب الناخبين مشاق الإجراءات الإدراية أو التنقل إلى أرض المملكة للتصويت”، وزاد: “في حال لم يتمّ قبول هذه الصيغة المقترحة فلا منّاص من إقامة مكاتب التصويت بالخارج”.

وأضاف عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن “تمثيلية أفراد الجالية داخل البرلمان المغربي مازالت بدورها محط إشكال، وهو ما سيدفع أيضا في اتجاه إيجاد تعديلات تشريعية لتجويد هذه التمثيلية؛ على ألا تنطلق في نظرنا كفريق من هاجس الرفع من العدد في حد ذاته، وإنما من مقاربة تستحضر أهميّة الاستفادة من كفاءات مغاربة العالم على مستويات مهنية وأكاديمية وعلمية في تجويد العمل البرلماني بالمملكة”.

“التحرك رهين بالإجماع”

إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، تفّهم بداية وجود “إشكالات عديدة يطرحها تعزيز مشاركة مغاربة العالم في الاستحقاقات الانتخابية، تصويتا أو ترشيحا”، موردا: “بخصوص عمليّة التصويت انطلاقا من بلدان الإقامة يبقى إقامة مكاتب التصويت بعدد من بلدان العالم غير ممكن، وفي مقدمتها فرنسا التي يفوق عدد المغاربة المتواجدين بترابها مليون شخص؛ أما بالنسبة لعمليّة الترشيح فخلق دوائر خاصة بالخارج يثير بدوره تساؤلات حول ما إذا كان سيتم تجميع دول في دائرة أو تخصيص دائرة لكل دولة. وفي هذه الحالة إذن سنحتاج إلى برلمان خاص بمغاربة الخارج”.

وأضاف السنتيسي في تصريح لهسبريس: “المقتضيات التشريعية الجديدة التي تمّ سنّها لتجاوز إشكالات التمثيلية رغم تثميننا لها فإنها تبقى غير كافية للنهوض بتمثيلية مغاربة الخارج؛ فبخصوص إلزامية وضع امرأة من الجالية على رأس اللائحة على سبيل المثال نسجّل أن شخصا واحدا لا يمكنه أن يمثلّ صوت الملايين من مغاربة العالم”، مردفا بأن “إشكالية صيغة التصويت عبر الوكالة مازالت بدورها محط إشكال؛ إذ يواجه العديد من أفراد الجاليات المقيمة بالخارج إشكالية بعد القنصليات”.

وتابع رئيس فريق “السنبلة”: “هذه الإشكاليات هي موضوع نقاش عريض نلمس فيه صراحة انفتاحا من لدن وزارة الداخلية”، مؤكدا أن “الفريق الحركي تقدّم سابقا بمجموعة من مقترحات القوانين التي تحمل تعديلات تشريعية تروم تجاوز هذه الإشكاليات، وهو مستعدّ لإثارة النقاش داخل البرلمان بشأن هذه الأخيرة مجددا خلال السنة التشريعية المقبلة”.

وبخصوص طبيعة الخطوات التي سيتخذها الفريق في هذا الإطار استبعدّ السنتيسي كليّا أن يتقدّم الحركي بمقترحات قوانين أخرى لمعالجة إشكالية مشاركة مغاربة العالم في الاستحقاقات الانتخابية؛ “إلا في حالة وجود إجماع من لدن كافة فرق الأغلبية والمعارضة على المقتضيات التي سيأتي بها هذا المقترح حتى نضمن المصادقة عليه وإقراره”.

وأوضح رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، في ختام تصريحه لجريدة هسبرس، أن “هذا الموضوع يحتاج إلى مدة طويلة لملامسته من جميع جوانبه، والانفتاح على رؤى ومقترحات الجالية المغربية المقيمة بالخارج بشأن معالجة الإشكاليات التي تواجهها على مستوى الترشيح أو التصويت ، فضلا عن دراسة التجارب الدولية التي تمكنّت من رفع تمثيلية جاليتها داخل مؤسساتها التشريعية وتسهيل عمليّة تصويتها في الاستحقاقات الانتخابية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا