آخر الأخبار

هل قضى تصعيد الجيش السوداني على فرص السلام؟

شارك الخبر

أكد خبراء سودانيون أن تصعيد الجيش السوداني لعملياته العسكرية في البلاد، يضيّق فرص التوصل لتسوية لإنهاء الأزمة عبر طاولة التفاوض، ويفتح الباب نحو إطالة أمد الحرب التي تعصف بالبلاد لأكثر من عام ونصف.

وكان قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، يرفض بشكل مستمر دعوات التفاوض لوقف الحرب، آخرها محادثات جنيف السويسرية، في وقت ظل فيه يراهن على الحل العسكري من أجل الانفراد بالسلطة.

ومنذ انفضاض محادثات جنيف في الرابع والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، صعّد الجيش السوداني من عملياته العسكرية، خاصة بسلاح الطيران، ضد قوات الدعم السريع في الفاشر، والخرطوم، وسنار؛ ما أسفر عن مقتل العشرات وسط المدنيين.

وبالتزامن مع هذا التصعيد العسكري، توقع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان المتحالف مع الجيش السوداني، مالك عقار، أن تنتهي الحرب في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بالقضاء على قوات الدعم السريع وحلفائها، على حد قوله.

في وقت حذّر فيه سودانيون من لجوء قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان إلى استخدام أسلحة محرمة دوليًا، منها الغاز السام، وصواريخ إيرانية الصنع؛ ما قد يقود إلى ارتكاب إبادة جماعية بحق شعبه، شبيهة بالتي ارتكبها سلفه عمر البشير خلال عامي 2003 و2004، في إقليم دارفور.

ويأتي ذلك التحذير، بالتزامن مع اتهامات وجهت بالفعل للجيش السوداني بشنه في الآونة الأخيرة، غارات جوية على مناطق متفرقة، استخدم خلالها غازات سامة أدت إلى وقوع اختناقات وسط المدنيين.

وقصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني يوم الجمعة الماضي، المدينة السكنية للمهندسين والفنيين العاملين بمصفاة الجيلي للنفط شمالي الخرطوم بحري، مستخدمًا صواريخ يشتبه بأنها “مزودة بالغازات السامة”؛ ما تسبب بإصابات ودخول عشرات العاملين في اختناقات تنفسية حادة”.

توازن قوة

ويرى المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، أن رفض الجيش للتفاوض واللجوء للتصعيد العسكري، يأتي ضمن محاولات لتغيير ميزان القوة الذي فقده لصالح قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب.

وقال جمعة لـ”إرم نيوز”، إن إصرار الجيش على التصعيد العسكري دائمًا يرتد عليه بنتائج عكسية، وفقًا لمجريات الأحداث خلال الفترة الماضية، موضحًا أنه “كل ما ينسحب الجيش من طاولة التفاوض يفقد منطقة جديدة من مناطق سيطرته لصالح قوات الدعم السريع”.

وأشار إلى أن الجيش بعد أن رفض الذهاب لمحادثات جنيف اتجه إلى التصعيد العسكري عبر الطيران الحربي في محاولة لإيقاع خسائر، وسط قوات الدعم السريع تساعده باستعادة بعض المواقع التي فقدها، مبينًا أن الجيش حاليًا يحاول الاستفادة من فصل الخريف الذي عطل حركة قوات الدعم السريع، من خلال تفعيل سلاح الطيران، حتى إذا جاء موعد تفاوض جديد يذهب وهو في يده بعض التقدم.

وذكر أن الإسلاميين المسيطرين على قرار الجيش لن يتركوه يذهب إلى التفاوض من دون استعادة بعض المواقع التي تسمح لهم بفرض شروطهم على طاولة التفاوض.

وأضاف أن “رفض دعوات التفاوض تأتي من معسكر الإسلاميين داخل الجيش وهو الأقوى في المؤسسة العسكرية، حيث يسعون عوضًا عن وقف الحرب إلى استنفار المواطنين والقبائل بشعارات عاطفية”.

وتوقع جمعة أن يحتدم التصعيد العسكري الذي سيستمر إلى ما بعد فصل الخريف، في وقت توقفت فيه المبادرات الدولية، مشيرًا إلى احتدام المعارك في الفاشر.

تراجع الضغط الدولي

من جهته، أكد المحلل السياسي علي الدالي، أنه كل ما حدث تصعيد عسكري على الأرض ضاقت فرص التوصل لتسوية توقف الحرب عبر التفاوض.

وأوضح لـ”إرم نيوز” أن التصعيد لا يغلق باب الحوار والجلوس للسلام بشكل نهائي، وإنما يضيّق الخيارات، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي مغرٍ لمواصلة الحرب أكثر من الجلوس للحوار.

وتوقع الدالي أن يتراجع الضغط الدولي والإقليمي على طرفي الحرب لأسباب عديدة منها انشغال الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة المقبلة بوضعها الداخلي من خلال الانتخابات الرئاسية التي تُجرى فيها؛ مما يؤثر كثيرا في مسار السلام، باعتبارها الراعي الأول لعملية السلام في السودان.

كما توقع أن يتعطل ملف التفاوض في السودان حتى شهر يناير المقبل موعد استلام الرئيس الجديد، موضحًا أن البلاد ربما تشهد معارك طاحنة خلال الـ 5 أشهر المقبلة، ريثما يرتب الرئيس الجديد في أمريكا ملفاته الخارجية، خصوصًا أن هنالك ملفات كثيرة أمام واشنطن التي قد يكون السودان في ذيل هذه الملفات، وفق قوله.

وقال إن التصعيد العسكري سيستمر في وقت أصبحت فيه فرص التفاوض ضيقة جداً، مشيرًا إلى أن سقوط مدينة الفاشر من عدمه سيحدد مصير الجولة المقبلة من التفاوض.

وقبل يومين، أعلن مساعد القائد العام للجيش السوداني، الجنرال ياسر العطا، أن “الجيش لن يتخلّى عن السلطة، بل سيظل على رأس الدولة في فترة ما بعد وقف الحرب، ولن يتخلّى عن السلطة خلال الفترة الانتقالية، بل سيستمر فيها حتى إلى ما بعد 3 دورات انتخابية”.

وظل البرهان يراوغ في وقف الحرب عبر التفاوض، منذ منبر جدة السعودية الذي انطلق منذ وقت مبكر لمحاصرة الأزمة السودانية، وحتى منبر جنيف السويسرية الأخير، الذي قاطعه البرهان، بعد مشاركة قوات الدعم السريع في اجتماعاته.

وأسفر النزاع الدائر في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل أكثر من 16650 سودانيًا في جميع أنحاء البلاد، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص، لجأ مليونان منهم إلى الدول المجاورة.

إرم نيوز

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا