آخر الأخبار

السعودية تلقت تحذيرات بريطانية من عواقب قمع الصحوة الإسلامية ومقاومة دعوات الإصلاح – وثائق

شارك الخبر

كشفت وثائق عن أن بريطانيا مارست ضغوطا على الحكومة السعودية لاتخاذ خطوات للانفتاح والإصلاح السياسي والعدول عن سياسة القمع في تعاملها مع أنصار الصحوة الإسلامية التي تصاعدت في المملكة خلال ثمانينيات القرن الماضي.

وحسب وثائق لوزارة الخارجية البريطانية، اطلعت عليها، فإن الوضع الداخلي المتوتر في السعودية في ذلك الوقت كان موضع نقاش بين البلدين على أعلى مستويات المسؤولين، بمن فيهم العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز ورئيس الحكومة البريطانية السابق جون ميجور.

وتشير الوثائق، غير المسبوقة، إلى أن التقييم البريطاني خلص إلى أن مواجهة التطرف في المملكة يقتضي علاج أسباب المشكلة الرئيسية التي تشمل، من وجهة نظرهم، الفساد والاستبداد وأسلوب الحكم، وليس أعراضها.

نشأ تيار الصحوة الإسلامية في الجزيرة العربية بعد نجاح الثورة الإيرانية، بقيادة آية الله الخميني، في الإطاحة بنظام شاه إيران رضا بهلوي المستبد في عام 1979. ثم نما بفعل تبني علماء سعوديون بارزون لأفكاره.

وأصبحت ملامح هذا التيار أكثر وضوحا بالمملكة في عهد الملك فهد، الذي كانت تربطه علاقات جيدة مع حكومة ميجور.

وبعد تدفق القوات الأجنبية إلى الجزيرة العربية للمشاركة في حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي التي انتهت رسميا في شهر فبراير/شباط 1991، زاد تأثير الصحوة . وبدأ الصراع بين رموزها وبين السلطة السعودية.

وكان من نتائج الصراع اعتقال عدد من قادة تيار الصحوة، الذي استقطبت أفكاره مختلف فئات الشباب السعودي عبر المحاضرات والخطب الدينية، دون محاكمة. ومن أبرز هؤلاء الشيوخ سلمان العودة وعائض القرني وسفر الحوالي.

تشير الوثائق إلى أن بريطانيا تنبهت إلى تصاعد موجة الصحوة بعد انتصار الثورة الإسلامية. وفي أواخر عام 1980، قررت وزارة الخارجية تحديث مراجعة أجرتها عام 1978 بشأن "الخطر الملموس" أو "التأثيرات المستقبلية الجدية" للإحياء الإسلامي على المصالح البريطانية.

وكلفت الوزارة إدراتها المعنية بأن "تفعل أقصى ما بوسعها لمواصلة مراجعة تطور الاتجاهات الهامة في الإسلام، وللحفاظ على تقييم محدث دائما للآثار المحتملة لهذه الاتجاهات، وخاصة نمو ما يسمى بالتطرف، أو الأصولية، الإسلاميين".

وحرصت الوزارة على التأكيد على أهمية رصد "مواقف حكومات الشرق الأوسط المختلفة تجاه هذه الاتجاهات ومدى ضعفها (في مواجهتها)". كما أكدت على السعي للتنبوء بتأثير تلك الاتجاهات "على المصالح الغربية والبريطانية".

وإضافة إلى نظرائه في 14 دولة إسلامية، طُلب من سير جيمس كريغ، السفير البريطاني في جدة تقرير عن حالة الإسلام في السعودية.

وفي تقريره، رأى سير جيمس أن حكام المملكة يعرفون كيف يستغلون الإسلام كمسوّغ شرعي لحماية حكمهم.

وقال إن "آل سعود أنفسهم أساتذة فن تسخير الحماس الإسلامي لتحقيق أغراض سياسية، والأغراض في حالتهم هي بقاؤهم السياسي".

"حذر مميَّز"

بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، شُغلت بريطانيا بأحوال المملكة بعد أن ازداد تصاعد نشاط الإحياء الديني، الذي كان يعتبره أنصاره نهضة إسلامية.

وانطلقت متابعتها لتلك الأحوال من"إدراك شدة التدين ذي الخصوصية التي تميز مهد الإسلام وتعزز نظام آل سعود الذي يحكم طوال الـ 60 عاما الأخيرة"، حسبما يقول تقرير لإدارة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية.

وشهد صيف عام 1992 ذروة الصراع العلني بين دعاة أنصار الصحوة ونظام الملك فهد بعد أن وقّع علماء الصحوة وأساتذة جامعيون، بمبادرة من الشيخ العودة، ما وصف حينها بـ "مذكرة النصيحة" التي وُجهت إلى الملك، وتضمنت مطالب بإصلاح شامل، في إطار الشرع الإسلامي، يتضمّن إنهاء الامتيازات الممنوحة لأفراد أسرة آل سعود الحاكمة.

وكان تقدير بريطانيا لموقف الملك فهد من هذه المذكرة، حسب تقرير لوزارة الخارجية، هو أنه "تعامل مع الوضع بحذر مميز". وفسّر التقرير هذا بأن فهد أراد "الحفاظ على توازن، وتجنب مواجهة".

ورأى البريطانيون أن سلوك علماء الصحوة في بلد مثل السعودية بظروفه حينها متجاوز لتقاليد متبعة منذ سنوات طويلة.

قال التقرير"النشطاء الدينيون تجاوزا الحد بنشر المذكرة. فهذا دفع هيئة كبارالعلماء (ممثلة المؤسسة الدينية الرسمية الموالية للحكومة ) إلى إدانتها".

بعد هجوم هيئة العلماء على أنصار الصحوة، وجه الملك تحذيرا صريحا من تدخّل "المتطرفين" في الشؤون المدنية ومن استخدام "المنابر لإرسال رسائل سياسية".


إقرأ أيضا