آخر الأخبار

الإمبريالية اليابانية.. يوم غزت طوكيو بكين

شارك الخبر

عاشت اليابان فترة طويلة من تاريخها منكفئة على نفسها في ظل الحكم الإمبراطوري والإقطاعي، حتى إنها في عام 1639 وبعد فترة من الانفتاح على التجار الغربيين أصدرت قانونا يُعرف باسم "ساكوكو" قررت فيه عقوبة الموت على أي شخص يدخل البلاد أو يخرج منها.

وكانت قبل هذا القرار أصدرت أمرا بطرد كل الأجانب الأوروبيين من اليابان، لا سيما التجار والمبشرين الكاثوليك الذين جاؤوا بأعداد كبيرة من إسبانيا والبرتغال منذ النصف الثاني من القرن الـ16.

وقد استمر سريان هذا القانون -الذي جعل البلاد في حالة عُزلة تامة عن العالم المحيط بها- لأكثر من 3 قرون حتى مجيء النصف الثاني من القرن الـ19، وفيها ارتقى الإمبراطور الشاب موتسوهيتو رأس السلطة في البلاد، وتلقب باسم الإمبراطور مايجي، أي المصلح أو صاحب السلطة العادل.

ورغم صغر سنّه، فقد أثار إعجاب معاصريه من المؤرخين، لأنه قاد أكبر عملية إصلاح سياسي وإداري وانفتاح للبلاد على العالم.

موتسوهيتو الذي لقب بمايجي وهو بالزي العسكري 1872 (شترستوك)

ثورة الإمبراطور مايجي

ففي مارس/آذار 1868، أعلن الإمبراطور مايجي عن مبادئ الإصلاح الخمسة التي نصّت على عقد تجمعات شعبية من أجل مناقشة القرارات العامة والإجراءات التي سوف تُتخذ بعد كل نقاش مجتمعي، وإقرار المساواة وتعزيز الاقتصاد الوطني، وردع التعدي والظلم من أجل الصالح العام، وتوحيد السلطتين المدنية والعسكرية بدعم من الجماهير لحماية الأمة، وأخيرا العمل لاكتساب المعرفة من جميع أقطار العالم.

تبع هذا الإعلان إصلاحات بنيوية داخل المجتمع الياباني أدت إلى نهضة شاملة أدخلت البلاد إلى مرحلة الدولة المركزية ذات السيادة المطلقة على أراضيها، والطموح التوسّعي تجاه الدول المجاورة، وفتح الباب أمام إنشاء الأحزاب السياسية.

وهكذا أدت إصلاحات الإمبراطور مايجي إلى إنشاء الدولة اليابانية الحديثة التي يقف على رأسها هذا الإمبراطور، وتعاونه مع الحكومة والأحزاب والطبقات الشعبية التي باتت تشعر بعدالة أكثر مقارنة بحقب الماضي.

أدت البعثات اليابانية التي انطلقت إلى جميع أقطار العالم -وبعضها ذهب إلى أوروبا ومصر وأميركا وغيرها- إلى تطور صناعي وعسكري وتعليمي ضخم، وبعد عقدين تقريبا من إصلاحات مايجي بدأت الجهود تؤتي ثمارها في ميدان الاقتصاد والتجارة الخارجية مع كبريات دول العالم الإمبريالية وقتئذ، مثل بريطانيا وغيرها.

ومع هذا الاستقرار السياسي والاقتصادي والتطور الصناعي والعسكري، بدأت اليابان في التحول إلى دولة كبرى إمبريالية آسيوية، لا سيما مع تنامي قدراتها العسكرية والاقتصادية، وبحلول أواخر القرن الـ19 أصبحت اليابان تُعامل القوى الأوروبية معاملة ندية، وأمست الشريك الأساسي المنافس "لبريطانيا العظمى" في شرق آسيا.

وكانت الإصلاحات التي أُدخلت على الجيش الياباني في ميدان الأفرع الرئيسية مثل القوات البرية والبحرية، وكذلك في ميدان تصنيع الأسلحة أحدثت ثورة كبرى في تطور الجيش وزيادة قوته الإقليمية والعالمية، للدرجة التي جعلت الولايات المتحدة الأميركية تكثف من تجسسها العسكري تجاهه حينذاك، وتسرع في الاستيلاء على جزيرة هاواي، وتتخذ مواضع لها في الفلبين، خوفا من هذا التقدم العسكري الياباني.

الإصلاحات التي أدخلت في عهد مايجي على الجيش أحدثت ثورة كبرى في تطوره وزيادة قوته الإقليمية والعالمية (شترستوك)

الأطماع اليابانية في الصين

وكان الخوف الأميركي في محله، فبعد 6 سنوات فقط من إعلان إصلاح الإمبراطور مايجي حصلت اليابان على موافقة الصين في السيطرة على جُزر ريوكيو، وفي العام التالي 1875 سيطرت على أرخبيل جزر الكوريل الشمالي من روسيا.

وفي عام 1874، أرسلت حملة عسكرية تأديبية إلى تايوان -التي كانت تابعة للصين وقتها- لأن صيادين منها تعدوا على صيادي ريوكيو اليابانيين، وأُجبرت الصين على الموافقة على دفع تعويضات.

ولم يتوقف التوسع الياباني واستعراض القوة على حساب الصين عند هذا الحد، إذ أرادت التدخل في كوريا التي كانت تُحكم مِن قِبل أُسرة تُسمى مين.

كانت اليابان تعتبر كوريا منفذها البري إلى القارة الآسيوية وخيراتها التي كانت تطمح إليها، ولهذا السبب استغلت قيام ثورة داخلية في كوريا -للفلاحين ضد الضرائب والظلم الاجتماعي الحاصل- لتحقيق مشروعها، ولكن في المقابل ولأنها كانت تخضع بصورة رسمية للحكم الإمبراطوري الصيني، فكان من الطبيعي أن ترفض الصين التدخل الياباني في كوريا.

كانت المسألة الكورية هي العامل الأساسي في اندلاع الحرب اليابانية الصينية الأولى بين يوليو/تموز 1894 وأبريل/نيسان 1895، وفيها دخلت اليابان مُسلحة بربع مليون جندي، وظهر تقدّم تسليحي وعسكري واضح مقارنة بالصين التي كانت لا تزال قواتها بدائية متأخرة.

قوات مايجي اليابانية وتشينغ الصينية في أثناء الحرب الصينية اليابانية الأولى 1894 (شترستوك)

وكان الأسطول الياباني البُخاري السبب المباشر في الانتصار على الأسطول الصيني المتأخر في البحر الأصفر قبالة كوريا.

وأمام هذه الهزيمة، اعترفت الصين بما لا يقبل الشك باستقلال كوريا الكامل، وإلغاء جميع التعهدات الكورية نحو الصين، وأُعطيت اليابان حق السيطرة على تايوان والجزء الشرقي من شبه جزيرة لياوتانغ في شمال شرقي الصين، مع دفع تعويضات ضخمة، وفتح أهم مدنها وشواطئها أمام اليابانيين تجارا وزوّارا.

واستمرت اليابان في إبراز قوتها الإقليمية في جنوب شرقي آسيا، حتى إنها دخلت في حرب جديدة ضد الجارة الشمالية روسيا القيصرية التي كانت تنافس اليابان في السيطرة على منشوريا في أقصى الشرق الصيني وفي شبه الجزيرة الكورية التي كانت اليابان قد رفعت يد الصين عنها وزاد فيها نفوذها السياسي والاقتصا ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا