آخر الأخبار

بعثر آبي أحمد الأوراق فوقّعت مصر اتفاقية دفاعية مع الصومال

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب الماضي، كان الصومال على موعد مع حدث غير مسبوق في العقود الأربعة الفائتة. طائرتان مصريتان محملتان بالمساعدات العسكرية من الأسلحة والذخائر، إضافة إلى أفراد ذوي مهام محددة، هبطتا في مطار مقديشو، في أول تطبيق فوري لاتفاقية التعاون الأمني بين البلدين التي وُقعت في وقت سابق من الشهر نفسه خلال زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى القاهرة، ويُعتقد أنها تسمح بنشر ما يصل إلى 10 آلاف جندي مصري على الأراضي الصومالية، فضلا عن توفير المشورة العسكرية المصرية والأسلحة للصومال.

في ظاهرها، تهدف الاتفاقية المصرية الصومالية إلى تعزيز التعاون الأمني بين الطرفين في مجالات مكافحة الإرهاب وأمن الملاحة وتبادل الخبرات حول الأمن الإقليمي والعالمي، ولكن في جوهرها، كانت الاتفاقية تستبطن خصما مشتركا أثارت تحركاته القلق في القاهرة ومقديشو على السواء، ألا وهو إثيوبيا.

كانت أديس أبابا قد استهلت العام الحالي (2024) بتوقيع اتفاقية مع إقليم أرض الصومال (وهو إقليم انفصالي يطالب بالاستقلال عن الصومال)، تمنحها حق الوصول إلى ميناء بربرة على البحر الأحمر واستعماله تجاريا وعسكريا، مقابل حصة في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، والأهم اعتراف سياسي باستقلال أرض الصومال.

حيث ومن وجهة نظر الصومال، تنتهك الاتفاقية الإثيوبية سيادة الصومال، وتتجاهل حكومته المركزية، وتعزز من قوة إقليم ذي نزعات انفصالية، وهو ما يفسر استياء مقديشو من جارتها الأفريقية وحليفتها المؤقتة حتى وقت قريب. أما القاهرة، فعلى الرغم من أن مسرح الاتفاقية يبعد آلاف الكيلومترات عن أراضيها، فإنه يرتبط بأهم قضيتين في منظومة الأمن القومي المصري، وهما أمن المياه، وحماية الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.

يعني وجود قاعدة عسكرية إثيوبية محتملة في ميناء بربرة في إقليم أرض الصومال امتلاكَ إثيوبيا القدرة على رقابة وتحجيم التحركات المصرية في البحر الأحمر (الجزيرة)

ويعني وجود قاعدة عسكرية إثيوبية محتملة في ميناء بربرة امتلاكَ إثيوبيا القدرة على رقابة وتحجيم التحركات المصرية في البحر الأحمر، والأهم أن أديس أبابا ستضع قواتها بشكل دائم على مدخل البحر قرب مضيق باب المندب، مما يجعلها قادرة على تهديد الملاحة في قناة السويس. عند هذه النقطة، أيقنت القاهرة أخيرا أن عليها التصدي بجدية أكبر لنوايا أديس أبابا التوسعية في المنطقة، من خلال تطوير العلاقات وتكوين رؤية إقليمية مشتركة مع دول القوى الفاعلة في منطقة القرن الأفريقي.

يستبطن هذا التوجه المصري الناشئ عمقا تاريخيا لا يمكن تجاهله، حتى لو كانت القاهرة نفسها تنكرت له لفترة طويلة. ففي ذروة الحرب الباردة خلال ستينيات القرن الماضي، وبالتزامن مع حصول معظم الدول الأفريقية على استقلالها من الاستعمار، تَحوَّلت منطقة القرن إلى واحدة من أهم ساحات التنافس العالمي بين الشرق والغرب.

وقتها، كانت القاهرة في مقدمة الداعمين لمشروعات التحرر الوطني في القارة تحت قيادة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وقتها، صرح "هيلا سيلاسي" آخر الأباطرة الإثيوبيين بأن فكرة "الصومال الكبير" التي تعني ضم الأقاليم الخمسة للصومال -الذي قُسم بفعل الاستعمار- في دولة موحدة، هي فكرة مصرية زُرعت في نفوس الصوماليين لزعزعة استقرار إثيوبيا، الحليف القوي للغرب وحائط الصد للتمدد السوفياتي في المنطقة.

منذ ذلك التاريخ، حدثت تحولات مأساوية تبدلت فيها مواقع اللاعبين، وجرت مياه جديدة في نهر السياسة، وحتى في مجرى النيل نفسه الذي اعتاد أن يصل بفيضانه كل عام إلى دولتي المصب، قبل أن تعترضه مؤخرا كتلة خرسانية هائلة وضعتها إثيوبيا في مسار جريانه، تعتبرها أديس أبابا اليوم حجر الأساس في مشروع طموح للهيمنة الإقليمية، يتضمن -للمفارقة- امتلاك موطئ قدم على البحر الأحمر، الذي لا تمتلك إثيوبيا وصولا جغرافيا إليه منذ انفصال إريتريا عنها مطلع التسعينيات.

وخلال العقدين الماضيين، لم تلعب الديناميات السياسية في المنطقة لصالح مصر التي انعزلت عن عمقها الأفريقي، تاركةً الساحة لإثيوبيا للعب منفردة. لكنّ ما حدث هو أن طموحات أديس أبابا الواسعة وسياستها بدأت تثير مخاوف جيرانها وحلفائها السابقين، وهو ما يمنح القاهرة فرصة جديدة لإعادة تشكيل سياستها في هذه المنطقة الحيوية.

خلط الأوراق

كان اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال في يناير/كانون الثاني الماضي على الأغلب، هو النقطة التي تبعثرت معها أوراق اللعب فوق الطاولة تماما. كان رد الفعل الصومالي على مذكرة التفاهم سريعا وحاسما ومتعدد الاتجاهات، فلم تكد تمر 24 ساعة على توقيع مذكرة التفاهم، حتى أجرى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود اتصالا هاتفيا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعقبه وصول وفد مصري رفيع المستوى إلى مقديشو حاملا دعوة رسمية إلى الرئيس الصومالي لزيارة القاهرة.

وهو ما تحقق بعد ذلك بأيام، حيث عُقد مؤتمر صحفي وجّه فيه الرئيس المصري -بحضور الرئيس الصومالي- رسائل شديدة اللهجة إلى إثيوبيا، محذرا إياها من خطورة "القفز" على أراضي جيرانها، ومؤكدا وقوف مصر بجانب الصومال في رفضه اتفاقية أرض الصومال، ومشيرا إلى تمتع مقديشو -بوصفها عضوا في جامعة الدول العربية- بحقوق الدفاع العربي المشترك.

قبل زيارة القاهرة، كانت طائرة الرئاسة الصومالية قد هبطت في مطار أسمرا الدولي، حيث كان الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في استقبال نظيره الصومالي، ضمن أول زيارة خارجية للأخير بعد توقيع مذكرة التفاهم، حيث أكد أفورقي على الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته ورفضه للتحرك الإثيوبي.

وتزامنا مع زيارة الرئيس الصومالي لإريتريا، وصل وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري إلى أسمرا، حاملا رسالة خطية من الرئيس المصري إلى الرئيس الإريتري، تناولت سبل دعم العلاقات بين البلدين في ضوء تطورات الأوضاع في القرن الأفريقي -حسب بيان وزارة الخارجية المصرية- مع دعوة أفورقي إلى زيارة القاهرة، ليصدر بعدها بيان من وزارة الإعلام الإريترية يفيد بوصول الأخير إلى مصر في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، لتتوالى بعدها الزيارات واللقاءات بين مسؤولي الدول الثلاث.

وضعت هذه التحركات -على ما يبدو- ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا