آخر الأخبار

"شبه تقارب" بأبعاد وحسابات معينة ..ماذا بعد زيارة الرئيس المصري إلى تركيا؟

شارك الخبر

الجزائر الآن ـ وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، إلى تركيا في أول زيارة منذ 12 عاما، وذلك على وقع تقدّم العلاقات بشكل ملحوظ بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد  من الزمان.

وبحسب المراقبين ،فإن الرئيس التركي  الطيب أرردوغان يسعى مجددا للعودة لتطبيق قاعدة” تصفير المشاكل “مع مختلف الدول بما فيها دول الجوار و المنطقة وتلك الفاعلة إقليميا وعالميا لتحقيق أهدافه الجيو اقتصادية .

أما الرئيس المصري  عبد الفتاح السيسي فهو الآخر يسعى  لإيجاد نقاط مشتركة مع الأتراك لتجنب الصدام معهم ، خاصة وأن مصر لديها ما يكفيها من جبهات مفتوحة عدد منها يعني أمنها القومي مباشرة . 

وبالتالي بحسب المراقبين فإن هذا ” الشبه تقارب ” بين تركيا ومصر هو تقارب الأمر الواقع ، ونتائجه ستتضح مع مرور الأيام والشهور ، لأن كلا الرئيسان ، سواء كان “أردوغان أو السيسي” يتقنان جيدا تطبيق السياسية بمفهومها البرغماتي الصرف. أما الباقي فهو عباءة ترتدى حسب الظرف و الفصل السياسي لا أكثر و لا أقل  ، فالمسألة لدى الرئيس أردوغان أو الرئيس السيسي هي مسألة مصالح و كيف يمكن تنميتها ،أو على الأقل المحافظة عليها .

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس المصري في المطار بالعاصمة أنقرة وسط مراسم رسمية، قبل أن يتوجها إلى المقر الرئاسي حيث تجري المباحثات بين الجانبين.

وأعرب  الرئيس السيسي في تدوينة عبر حسابه على منصة “فايسبوك”، عن “سعادته البالغة” بزيارته الأولى للجمهورية التركية، ولقائه مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتأتي زيارة الرئيس  السيسي لتركيا بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة في شهر فيفري الماضي، وهي أول زيارة له إلى مصر منذ عام 2012، متخذا خطوة كبيرة نحو إعادة بناء العلاقات التي توترت بشدة على مدى عقد من الزمن.

وانهارت العلاقات بين أنقرة والقاهرة في عام 2013 بعدما أعلن قائد الجيش المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس الراحل محمد مرسي.

وبدأت العلاقات المصرية التركية بالتحسن عام 2020، عندما أطلقت أنقرة حملة دبلوماسية لتخفيف التوترات مع قوى منافسة لها بالمنطقة، بما في ذلك الإمارات والسعودية ومصر.

وفي العام الماضي، تبادلت تركيا ومصر تعيين السفراء، وأعلنت أنقرة أنها ستزود القاهرة بطائرات مسيّرة مسلحة، وقال أردوغان في القاهرة إنّ البلدين يريدان تعزيز التجارة إلى 15 مليار دولار في الأمد القريب من 10 مليارات دولار.

ـ أردوغان يريد علاقات بصفر مشاكل مع دول الجوار

يرى مراقبون أنّ سياسة التقارب التي أبداها الرئيس التركي مع السلطات المصرية، هي جزء من استراتيجيته الجديدة في الوصول إلى “صفر مشاكل” مع دول الجوار، وهذا في سعيه إلى تحقيق “قرن تركيا” وهو الشعار الذي رفعه خلال الاحتفال بالذكرى 99 لتأسيس الجمهورية التركية، حيث قدّم رؤيته للمائة سنة القادمة، وهذا من أجل الحفاظ على فكرة “تركيا القوية” المؤثرة في العالم، وتعزيزها.

وقد تمكن أردوغان على مدى السنوات الثلاث الماضية من ترميم كثير من الشقوق التي أحدثتها سياسته الخارجية في السنوات العشر الأخيرة، بعد أن اختار وفريقه ما عُرفت بـ”سياسة العزلة القيّمة” التي خاضت إلى عزلة كاملة وشبه قطيعة مع محيط تركيا الإقليمي، لا سيما في الشرق الأوسط بعد انتفاضات ما سمي “الربيع العربي”.

وتمكن إردوغان من إعادة ضبط علاقات تركيا بدول الخليج العربي، خاصة السعودية والإمارات وهو ما يحدث مع مصر، حيث قطعت العلاقات بين البلدين شوطا كبيرا في ترميمها، وذلك من خلال تبادل السفراء، وهي الفكرة التي تجسدت بعد مبادرة من الرئيس المصري من خلال تهنئته لأردوغان على الفوز بالانتخابات الرئاسية، وتعرف اليوم حلقة جديدة من خلال الزيارة التاريخية التي تقود عبد الفتاح السيسي لتركيا.

هكذا حدث “شبه التقارب” بين مصر وتركيا

وصف الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية أحداث عام 2013 ، التي أوصلت عبد الفتاح السيسي إلى رئاسة مصر بأنّها “انقلاب”، وطوال السنوات الموالية، كان هذا هو الوصف المستعمل من طرف الديبلوماسيين الأتراك، وهو ما أثر بشكل كبير على العلاقات بين البلدين، ولكن منذ عام 2019، عندما اتُخذ قرار تطبيع العلاقات، أزال موقع وزارة الخارجية التركية مصطلح “انقلاب“، رغم أنّه بقي يستعمل عبارة “بعد انتهاء حكم الرئيس مرسي في 3 جويلية 2013، جرى تنفيذ التمثيل الدبلوماسي في عاصمتي البلدين على مستوى القائم بالأعمال منذ نوفمبر2023“.

وخلال عملية التطبيع مع مصر، أصبحت تركيا ترفض السماح بالأنشطة والدعاية المناهضة لنظام  الرئيس السيسي  من قبل أنصار جماعة “الإخوان المسلمين” المقيمين في تركيا، وخاصة في إسطنبول، ورحيل العديد منهم من البلاد من بين أهم الخطوات في الجهود الرامية إلى استعادة العلاقات الثنائية.

ويرى مراقبون أنّ دوافع أردوغان من هذه التغيرات كانت المتغيرات الدولية والإقليمية التي وضعت المنطقة أمام خيار “تجميع القوى” وتنحية الخلافات.

بعد ذلك، دخلت تركيا ومصر في علاقات ثنائية مكثفة، وكانت الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا في 6 فيفري 2023 من أهم نقاط التحول في هذه العملية. إذ شاركت مصر إرسال مساعدات إنسانية إلى تركيا إضافة لدول أخرى، وجاء وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري إلى تركيا لفحص الأماكن المتضررة من الزلزال وتنسيق المساعدات.

ويشير مراقبون إلى أنّ ماعزز الحوار التركي المصري مؤخرا، هو حرب الإبادة التي تشنها القوات الصهيونية على قطاع غزة منذ السابع أكتوبر الماضي، وتحدث وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي زار القاهرة عدة مرات خلال هذه الفترة، بتقدير عن جهود الإدارة المصرية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة ومساعي وقف إطلاق النار.

ـ وجهات نظر متناقضة في الملف الليبي

رغم التقارب الحاصل حاليا بين القاهرة وأنقرة، إلا أنّ هناك الكثير من القضايا التي تبقى محل خلاف بينهما، مرتبطة بمصالح جيوسياسية وجيو اقتصادية لكل دولة، خاصة في ليبيا، فالبلدان على جانبين متعارضين في الحرب الدائرة  في ليبيا، ولم يتغير هذا الوضع من حيث المبدأ، رغم المؤشرات التي أظهرها كل طرف خلال زيارة أردوغان إلى مصر مطلع العام الحالي.

وأكد الرئيس المصري وقتها على ضرورة “تعزيز التشاور بين مصر وتركيا في الملف الليبي بما يساعد في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتوحيد المؤسسة العسكرية في البلاد”. وأضاف، “نجاحنا في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا سيمثل نموذجاً يحتذى به، إذ إنّ دول المنطقة هي الأقدر على فهم تعقيداتها وسبل تسوية الخلافات القائمة فيها”.

وحسب مراقبين ومحللين، فإنّ تصريحات السيسي تؤكد أنّه بالقدر الذي تمثله المحادثات بين مصر وتركيا حول الوضع السياسي الليبي والتوصل إلى اتفاق بينهما في شأنه، فإنّه يمثل طوق نجاة للعلاقات المشتركة التي عكر صفوها هذا الملف أكثر من غيره منذ تسلم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منصبه عام 2013، وجعلهما يقفان على شفا مواجهة عسكرية مباشرة في الأراضي الليبية بين عامي 2019 و2020.

ويذهب مراقبون إلى التأكيد على أنّ من مصلحة ليبيا ومصر وتركيا أن تحل القاهرة وأنقرة خلافاتهما الخاصة بليبيا لجني المصالح للأطراف الثلاثة، خاصة أنّ التقارب الحاصل منذ سنة انعكس على الملف الليبي بأن سمح لتركيا أن تتواصل مع السلطات في شرق البلاد، ولولا أن مصر أعطت الضوء الأخضر ووافقت على التقارب لما تمكنت تركيا من الدخول إلى هناك وإقامة المعارض وزيارة السفير التركي أكثر من مرة إلى بنغازي.

لكن في نفس الوقت يبقى من الصعب الوصول إلى تسوية مرضية للقاهرة وأنقرة حول ليبيا، فالملف الليبي أحد أهم شواغل مصر وتركيا باعتبارهما أصحاب نفوذ في شرق ليبيا وغربها، والمصالح بينهما متناقضة وبالتالي فمن المستبعد تنازل أي طرف عن مصالحه للطرف الآخر بسهولة.< ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزائر الآن المصدر: الجزائر الآن
شارك الخبر

إقرأ أيضا