آخر الأخبار

غارات إسرائيل تفضح مخازن حزب الله بين المدنيين

شارك الخبر





"ليلة مرعبة" عاشها سكان عدد من القرى في منطقة البقاع اللبناني، بعد غارات عنيفة شنها الطيران الإسرائيلي ليل الاثنين، مستهدفاً ما تبين أنه مخزن مقذوفات صاروخية لحزب الله، ما أدى إلى انفجارها واشتعال النيران فيها، وتطاير الصواريخ والمقذوفات منها نحو المناطق المحيطة بها لنحو أربع ساعات متوالية.

"ما عدنا نعلم من أين ستأتينا الضربة، من الطيران، أم من الصواريخ العشوائية. اختبأت مع أولادي في أبعد غرفة عن اتجاه الغارة، جلسنا على الأرض بعيدا عن الشبابيك، المشهد نفسه في المكان نفسه الذي اختبأنا فيه خلال حرب 2006، كنت طفلة خائفة في حينها، أصبحت اليوم أم خائفة أكثر"، تقول زهراء، التي تعيش على أطراف بلدة تمنين التحتا، القريبة من موقع القصف، في حديثها لموقع "الحرة".  

"رعب رعب، هذا باختصار ما يمكنني أن أقوله، ولن يفهم إلا من اختبر الأمر، القصف معروف أنه موجه نحو هدف محدد، ولكن انفجار مخزن صواريخ وتطايرها بهذا الشكل العشوائي، يعني أننا خارج إطار السيطرة، الأمر بات مرهونا بالقدَر والنصيب، كان الوضع أشبه بانفجار بركان مقابل المنزل ظهر من العدم، لا نعرف أين ستصيب حممه المتطايرة"، يصف بدوره أحمد، الذي يعيش قرب بلدة الحلانية، المشهد الذي تابعه من شرفة منزله.

وأعلن الجيش الإسرائيلي بأن طائرات حربية تابعة لسلاح الجو أغارت على عدد من المستودعات لتخزين الوسائل القتالية التابعة لحزب الله "في منطقة البقاع في عمق لبنان".

ونشر سكان محليون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، لقطات مصورة لانفجارات وتطاير مقذوفات من المكان المستهدف، بُعيد وقوع الغارات الإسرائيلية. 

أعادت واقعة ليل الاثنين، تسليط الضوء على المخاطر التي يعيشها المدنيون في لبنان، خاصة في أماكن نفوذ حزب الله، على مقربة من مخازن سريّة لصواريخ وأسلحة تابعة للميليشيا المدعومة من إيران، والتي قد تكون هدفاً عسكرياً في أي وقت.

وكان جنوب لبنان شهد حادثة مشابهة في يوليو الماضي، وتحديداً في منطقة عدلون التي شهدت كذلك استهداف مستودع أسلحة أخذت تتطاير منه الصواريخ باتجاه القرى والبلدات المجاورة مثل بلدة الخرايب حيث سجل سقوط إصابات في صفوف المدنيين نتيجة ذلك، فيما انتشرت فيديوهات الانفجارات التي استمرت لفترة طويلة بعد القصف.

لم يكن المخزن المستهدف ليل الاثنين في منطقة سكنية مكتظة، وإنما هنغار حديدية في منطقة زراعية سهلية، وهذا واضح من خلال المشاهد والصور الجوية، فضلاً عن شهادة القريبين من المكان، إلا أن الشظايا والصواريخ تتطاير أحيانا لمسافة تصل إلى كيلومترات في الجو قبل أن تسقط في أماكن بعيدة عن مكان الغارة، ما يهدد عشرات القرى والبلدات المحيطة بموقع تخزينها.

وحدثت وزارة الصحة في لبنان حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية مساء الاثنين على البقاع، حيث بلغ عدد الجرحى 11 شخصاً، دون تحديد طبيعة أو أسباب أو مكان حصول الإصابة، لتبيان ما إذا كانت ناجمة عن القصف الإسرائيلي أم عن الصواريخ المتطايرة بعد القصف، إلا أن المؤكد أن الحادثة برمتها لم تكن بعيدة عن المدنيين اللبنانيين، وكان يمكن أن تتسبب بكارثة تهدد آلاف القاطنين في المنطقة.

وقطعت فرق الدفاع المدني الطريق الدولية المؤدية إلى مدينة بعلبك، والتي عادة ما تشهد حركة نشطة في الوقت الذي حصلت فيه الغارة، خشية تساقط المقذوفات على سيارات المارة، فيما أعلنت مؤسسات وشركات عن توقيف أعمالها في اليوم التالي نتيجة سقوط صواريخ غير منفجرة في محيطها.

وأعلن المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، ميشال أفرام في بيان، "إقفال محطات الأبحاث في البقاع، بعد الغارات الإسرائيلية التي حدثت، بحيث سقطت صواريخ لم تنفجر بالقرب من محطة تل عمارة".

وأضاف البيان: "تحسباً لأي تطور سلبي وحفاظاً على أرواح الزملاء تقفل محطات تل عمارة وكفردان ورياق أبوابها في انتظار جلاء الموقف".

"غير مقبول"

يؤكد أحمد أنه لم يكن هناك أي مؤشرات تدل على أن المكان ذو طابع عسكري، "مجرد خيمة زراعية، يتواجد بالقرب منها مزارعين في العادة، حتى أننا في البداية ظننا أن الاستهداف وقع في منطقة زراعية مفتوحة لسيارة أو دراجة، إلى أن بدأت الانفجارات من المخزن."

ويعتقد أحمد أن المخزن كان تحت الأرض وليس فوقها في الخيمة، "بدأت الصواريخ والشظايا بالتطاير من فوقنا باتجاه الأماكن الأبعد عنا حيث كنا قريبين جدا من موقع الضربة، ومن الساعة الثامنة وخمس دقائق مساء حين وقع القصف، وحتى الساعة 12 منتصف الليل تقريباً، استمرت الانفجارات والارتجاجات وتوهج اللهب الذي كان يصدر هديراً غريباً، 4 ساعات من مشهدية مرعبة جعلت كل المنطقة المحيطة تعيش حالة هلع غير مسبوقة."

يفضل أحمد ومثله زهراء أن يكتفيا بذكر اسمهما الأول، بكونهما يقطنان في أماكن نفوذ لحزب الله، تجنباً لتبعات إبداء قلقهم ومخاوفهم واعتراضهم على نشر حزب الله لمخازنه قرب بيوتهم وقراهم.

يقول أحمد "مهما أخفوا الأمر أو تغاضوا عنه، بالأمس كان هناك موجة غضب كبيرة على حزب الله في المنطقة، وفي أحسن الأحوال نقول عتب كبير، بسبب اختيار مكان تخزين الصواريخ قرب منطقة سكنية، هناك أنصار لحزب الله، كانوا بالأمس يقولون: "إن صح أن ذلك وكان ما انفجر مخزنا، فهذه قلة أخلاق من جانب حزب الله". كانت الناس مزعوجة بالفعل، ولكن ليس أمامهم أي خيارات سوى الترقب والقلق مما هو آت."

ويضيف "في نهاية الأمر الروح عزيزة وكل الناس لديها عائلات وأولاد وأرزاق، ولا أحد مستعد للتعايش مع ألغام بهذا الحجم، مزروعة من حوله، خاصة إن كان لا يعلم بشأنها ولا يمكنه أخذ احتياطاته، أو الرحيل أقله عن المكان احتياطاً."

من ناحيتها ترى زهراء أن ما حصل بالأمس "غير مقبول صراحة"، وتضيف "مهما كانت القضية والرأي منها، وأيا تكن الأسباب، لا يمكن تفخيخ المجتمع والمناطق المدنية بهذه الطريقة، لا يمكن تحويل الناس إلى وقود حروب، وهذا المزاج العام فعلياً هنا."
تعبر زهراء عن خشية وقلق مستمرين حول منزلها وتنقلاتها لجهلها بمدى قربها من أي هدف عسكري محتمل، "منذ الصباح أنظر إلى كل ما يثير الشكوك في محيطي، بدأت أضع لائحة بأماكن سأتجنبها خلال تنقلاتي المقبلة، بصراحة لا أعلم كيف أتوجه أو إلى أين، لا مكان آمن بعد الآن هنا، يجب أن نخرج من كل المنطقة، ولكن إلى أين؟".

يستذكر أحمد أنه خلال حرب عام 2006، "كان بين أيدي الناس بعض الأموال وكانت الأحوال أفضل، وكانت سوريا آمنة ومفتوحة أمام الهاربين من الحرب، أو النازحين عن أماكن مهددة أو قريبة من مراكز لحزب الله، أما اليوم فكل ذلك غير متوفر، لا مكان تهرب إليه الناس، اليوم ابن منطقة البقاع ليس لديه أصلاً ما يكفي من المال لينزح، معظم المجتمع مزارعين أو موظفين، معدل مدخولهم الشهري يقارب 300 دولار، كيف سيكفي هؤلاء مصروف الحرب والنزوح؟"

انتهاك للقانون الدولي

وكان للبنانيين تجربة سابقة مع استخدام حزب الله للمناطق اللبنانية في سبيل أنشطته العسكرية، لا سيما في حرب عام 2006، حيث أجرت منظمة هيومن رايتس ووتش تحقيقاً موسعاً حول أداء حزب الله خلال تلك الحرب، بيّن أن الميليشيا التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، عرّضت في مواقف عدة موثقة بالتواريخ والأمكنة حياة المدنيين للخطر، إما بسبب نشاطها العسكري أو بسبب إخفاء مخازن أسلحة بين المدنيين. 

ووثقت المنظمة  حينها عدداً من الحالات التي انتهك فيها حزب الله قوانين الحرب عبر تخزين الأسلحة والذخيرة في مناطق مأهولة وعدم بذل أي جهد بغرض إبعاد المدنيين الواقعين تحت سيطرته عن تلك المناطق.

كما نقل التحقيق معلومات مفادها أن حزب الله خزن أسلحةً في مناطق مدنية بضواحي بيروت الجنوبية. وقابل مدنيين في الضاحية الجنوبية نقلوا لـ"هيومن رايتس ووتش" مشاهداتهم لتخزين ونقل الأسلحة من مبان سكنية في الضاحية الجنوبية والاحتماء في ملاجئ مدنية، وهو ما اعتبره التحقيق انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني بتعريض المدنيين للخطر.

في حينها، ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الحرة المصدر: الحرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا