آخر الأخبار

علماء يحذرون من مخاطر الضوضاء على مخ الأطفال

شارك الخبر

لجأت بعض المدن، في ظل تنامي الوعي بتأثير الضوضاء على صحة الأطفال وتعليمهم، إلى وضع خطط إرشادية تهدف إلى تصميم فصول دراسية تتسم بالهدوء بغية الحفاظ على صحة الأطفال وجودة العملية التعليمية.

شهد أحد الفصول الدراسية في نيويورك مستويات عالية جدا من الضوضاء لدرجة أن المعلم كان يضطر إلى الصراخ أحيانا كي يسمعه طلابه داخل الفصل، إذ كان هذا الفصل الدراسي يقع على مقربة من قطار أنفاق يسير على مسارات مرتفعة تمر بجوار المدرسة العامة في مانهاتن نحو 15 مرة يوميا، الأمر الذي كان يتسبب في توقف للعملية التعليمية خلال اليوم.

وعلى مدار سنوات عديدة، شكا كثيرون من مستويات الضوضاء في تلك المدرسة، وفي عام 1975، نشرت أرلين برونزافت، الأستاذة المساعدة في علم النفس في كلية هربرت إتش ليمان بجامعة سيتي في نيويورك، دراسة سلطت الضوء على تأثير الضوضاء على قدرة الأطفال على القراءة.

وخلصت الدراسة إلى أن الطلاب الذين كانوا يجلسون على الجانب الأكثر ضوضاء من مبنى المدرسة، ذلك الجانب المجاور لمسارات القطار، جاء أداؤهم ضعيفا في اختبارات القراءة مقارنة بأولئك الذين كانوا يجلسون على الجانب الهاديء من المبنى، إذ تراجع متوسط درجات القراءة للفصول في الجانب الأكثر ضوضاء خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر مقارنة بدرجات الطلاب في الجانب الأكثر هدوءا.

وبناء على نتائج دراسة برونزافت اتخذت هيئة النقل قرارا بتركيب وسادات مطاطية على المسارات لتقليل الضوضاء، كما زود مجلس التعليم الفصول الدراسية بمواد تمتص الصوت بغية تهيئة بيئة تعليمية أفضل.

ويعد التلوث السمعي الناتج عن الضوضاء مشكلة عالمية متزايدة، ففي ظل زيادة تعداد السكان، تزداد مستويات الضوضاء التي تشكل المشهد الصوتي في المدن، وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من أن التلوث السمعي الناتج عن الضوضاء في المدن أصبح "تهديدا لعالميا لصحة العامة"، ويؤدي بالفعل إلى 12 ألف حالة وفاة مبكرة كل عام في الاتحاد الأوروبي، ويؤثر على ما يقدر بنحو 100 مليون أمريكي.

كما تمثل الضوضاء في البيئة المحيطة، لا سيما الضوضاء الناتجة من حركة المرور في الشوارع وكذلك ضوضاء الطائرات، عوامل أكثر ضررا بالصحة، بعد تلوث الهواء.

وخلصت دراسة إلى أن مثل هذه الضوضاء تزيد من التوتر المزمن وتسبب اضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم، كما ربط العلماء بين الضوضاء والانزعاج بحدوث اعتلال للصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق، ورصدوا أن التعرض للضوضاء يزيد خطر الإصابة بمرض السكري، كما يمكن أن تؤدي الضوضاء العالية الصادرة عن مصادر مثل الموسيقى من خلال سماعات الرأس والدراجات النارية، بمرور الوقت إلى فقدان السمع وطنين الأذن.

كما يفضي التلوث السمعي الناتج عن الضوضاء، أي تلك الأصوات غير المرغوب فيها أو المزعجة، بسبب زيادة حركة المرور والمدارس المزدحمة، إلى حدوث تأثير ضار على صحة الرضع والأطفال ونموهم، وينطبق هذا بشكل خاص على الأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة، والذين يتعرضون لمستويات أعلى من الضوضاء البيئية.

وبدأت مدن، من بوينس آيرس إلى برشلونة، تطبيق تدابير تهدف إلى التصدي للتلوث السمعي الناتج عن الضوضاء، وحماية صحة الأطفال، وإعطاء الأولوية للمشاة من خلال تحسين المساحات الخضراء داخل المدن، وتقليل حدود السرعة وإدخال عدادات الصوت.

طرق تصم الأذن

تعد حركة المرور في الشوارع والسكك الحديدية والطائرات أبرز مصادر التلوث السمعي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وخلصت دراسة أجريت عام 2022 إلى أن الضوضاء الناتجة من حركة المرور في الشوارع، والتي يعاني منها أطفال المدارس الابتدائية في برشلونة بإسبانيا، أدت إلى تراجع ذاكرتهم النشيطة وقدراتهم على الانتباه، وهو ما يعتبر ضروريا لسير العملية التعليمية بما في ذلك حل المشكلات والاستدلال والرياضيات وفهم اللغة.

واختبرت الدراسة 2700 طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات في 38 مدرسة في برشلونة بإسبانيا، أربع مرات في السنة، واستطاع الباحثون قياس الضوضاء الخارجية، في نقاط محددة داخل كل فصل دراسي، وكرروا العملية بعد ستة أشهر لتحديد متوسط المستوى الأساسي للتلوث السمعي الناتج عن الضوضاء، وعلى مدار عام، أجرى الفريق اختبارات معرفية عبر الإنترنت لتقييم الذاكرة والانتباه على المدى القصير لدى الأطفال كل ثلاثة أشهر.

وخلصت دراسة برشلونة، التي اعتمدت على أبحاث سابقة، إلى أن مستويات الضوضاء الناتجة عن حركة المرور في الشوارع والطائرات والسكك الحديدية يمكن أن تحمل آثارا سلبيا على وظائف الإدراك لدى الأطفال خلال مراحل مهمة من نمو المخ، ورصدت الدراسة أن الضوضاء غير المرغوب فيها في الفصل الدراسي يمكن أن تجعل الطفل يعاني من العديد من الاستجابات السلبية المحتملة، مثل العجز عن التعلم، أي تراجع الدافع للتعلم بسبب عدم السيطرة على بيئته، فضلا عن ضعف التركيز.

وتعد دراسة برشلونة أول دراسة تبحث في تأثير التعرض لتقلبات الضوضاء، ورصد الباحثون أن التقلبات المفاجئة في الضوضاء، الناتجة عن حركة المرور خارج الفصل الدراسي، مثل أبواق السيارات أو المحركات، كانت أكثر عوامل تشتيت انتباه الأطفال، وضياع معلومات مهمة، حتى عند مستوى ضوضاء أقل من المتوسط.

وتقول ماريا فوريستر، المشرفة الرئيسية على الدراسة والباحثة في علم الأوبئة وخبيرة الضوضاء والصحة، إن الباحثين قرروا التركيز على تقلبات الضوضاء نظرا لعدم وجود إرشادات دولية معمول بها لقياس ذلك.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بأقل من 35 ديسيبل (وحدة قياس الصوت) من الضوضاء في الفصول الدراسية لضمان ظروف تعليمية جيدة، إذ يتعرض أكثر من نصف سكان برشلونة لمستويات ضوضاء تزيد على 65 ديسيبل بين الساعة 8 صباحا و10 مساء.

وتضيف فوريستر: "لا تتحدث الإرشادات عن التقلبات وساعات ذروة الضوضاء، وفي كل مرة تكون هناك ذروة للضوضاء، يكون ذلك بمثابة إلهاء يمكن أن يؤثر على انتباه الأطفال والذاكرة النشيطة".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا