أحد الزملاء في واحدة من مجموعات الصحافيين، كتب عند وفاة الشاب أحمد ذياب من طمرة، معقبًا على الضجة التي أثيرت بعد الجريمة وكم الاستنكارات والتعليقات، بأن "هذا لا يحظى به كل من يُقتل، وأن حتى الصحافة وحتى الناس في مواقع التواصل، يميزون بين الضحايا"، وربما يكون محقًا فيما يقول، فكل قتيل هو عالم بأكمله، معه تُقتل حياة كاملة، تشمل مسيرة عملية وأحلام وقصص كثيرة، وتشمل عائلة وأحباب وأصدقاء، وكل قتيل، يشكل مقتله كارثة بالنسبة لذويه، ويجب أن تُثار ضجة واسعة على مقتله، هذا صحيح جدًا، ولا جدل فيه، ولكنه لا يحصل، ربما لكثرة جرائم القتل التي بات عدّها أصلًا غير ممكن، فهي تزداد بشكل يومي، أو خلال ساعات، وربما لكثرة الأخبار أصلًا وكثرة هموم الناس، فلو أردنا الانشغال فقط بأخبار الحرب في غزة، لاستولت اخبارها على كل وقتنا، إلّا ان جريمة قتل لشاب مثل احمد ذياب، مدقق حسابات، متزوج منذ أيام فقط، ناشط على مستوى بلده، معروف بين الناس بطريقه السليم والبعيد عن كل ما يتعلق بالإجرام، لدرجة أنه آخر من يمكن أن يتوقع المرء بأن يُقتل، جريمة مثل هذه، لا يمكن أن تمر دون ضجة ودون أن يتحرك المجتمع كله بسببها.

لم نصدق بعد

"نحن حتى الآن لا نصدق أن أحمد قُتل، في وضع طبيعي، نحن يجب أن نكون ما زلنا في أجواء زفافه" يقول نزار ذياب، عم الشاب احمد، ويضيف بينما لم يستطع حبس دموعه "قبل ما حصل مع احمد، لم نكن في العائلة نعرف أو نفهم معنى المقولة بأن وفاة أحدهم كسرت ظهر عائلته، إلى أن جربنا الأمر على جلدنا، أو بكلمات أدق، بدم ابننا، وهذه الضجة في التي حصلت في طمرة وفي المجتمع بعد وفاته، سببها أن مقتل أحمد هو اعلان رسمي وصريح بأن كل شبابنا وكل بيوت مجتمعنا معرضة لهذا الامر، احمد كان شابًا يحمل كل الصفات التي تجعله في أفضل مكان ممكن، والتي تبعده من وضعية يكون فيها قتيلًا بالرصاص، ثقافيًا واجتماعيًا وأكاديميًا، أحمد كان مدقق حسابات شاب، عريس جديد، شاب وسيم، من عائلة لم يكن لها قط أي علاقة بأي خلافات، وقُتل، فكيف لا يثير مقتله ضجة واسعة؟ وكل هذه الضجة التي أثيرت، لا توفي شاب مثل احمد حقه".

الحديث عن أحمد ذياب في الإعلام وفي الشارع العربي، لم يبدأ عند وفاته مساء يوم الاثنين 25.6.2024، بل عند إصابته بجريمة اطلاق نار يوم الخميس 6.6.2024، أثناء تواجده في مكتب تدقيق الحسابات الذي كان يعمل به في مدينته، طمرة، بعد 4 أيام من عودته مع زوجته من شهر العسل، حيث أصيب وقتها بجراح خطيرة ونقل لمستشفى رامبام، حيث نشر أصدقائه وأقاربه صورته في صفحات التواصل، مع دعوات للناس بأن يطلبوا من الله عز وجل أن يشفيه.

ط ....