آخر الأخبار

هل أصبح الذكاء الاصطناعي آلة للقتل الجماعي؟ وما دور إسرائيل؟

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

تخبرنا العمليات العسكرية التي تجري على أكثر من جبهة في العالم من أوكرانيا حتى غزة أن عصرا جديدا من الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي قد أصبح واقعا لا يمكن التنكر له أو الاستهانة به. وعلى الرغم من الاتجاهات المتداخلة والمتغيرة في هذا العصر الجديد من عسكرية، واقتصادية، وأخلاقية، إلا أن الثابت الوحيد الذي يبرز كتحدٍ مُلحٍ هو سرعة الاختراق الذي يحققه الذكاء الاصطناعي في القطاع العسكري بشكل لا تواكبه المنظومات السياسية والعسكرية القائمة ولا حتى البنى المؤسساتية والأخلاقية.

هناك تسابق محموم بين الدول المتقدمة إلى إحداث طفرات متسارعة في إدماج الذكاء الاصطناعي في المنظومات القتالية لديها وهو الأمر الذي استتبعه ظهور تخوفات جدية من أن البشرية على أعتاب تسابق تسلح "ذكي" ربما يكون له تبعات خطيرة على النظام الدولي ومراكز القوى فيه على المدى المنظور.

وفي ظل غياب توافق بين الدول العظمى على أسس ناظمة لتأطير دمج واستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب بما يضمن عدم الإخلال بالمبادئ المكتسبة لحقوق الإنسان وقواعد السلم والحرب، فإن القوى الأسبق في عملية الدمج هذه هي التي سيكون لها اليد العليا في رسم سياسات ومنهجيات وقواعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب من حيث الممارسة والتطبيق.

والاستنتاج الأخير هذا يزيد من قتامة المشهد من ناحية أن أي تبنٍ جديد لتكنولوجيا حديثة في العمل العسكري يطلب بشكل عام توفر شرطين اثنين يتعلق أولهما ببيئة الصراع، والآخر بالفواعل المنخرطة بالعمليات القتالية. وبالنظر إلى أن التفصيل في هذين الشرطين لا تسمح به مساحة هذا المقال، يكفي النظر إلى بيئات الصراع الساخنة على الساحة الدولية في الوقت الراهن وطبيعة الفواعل لنستنتج أن المخاوف من الذكاء الاصطناعي في الحروب حقيقية ولا يمكن الاستهانة بها.

فمن جهة الفواعل هناك لاعبون ينتمون لأنظمة شمولية لا يكترثون أبدا لقيمة الإنسان بغض النظر عن بيئة القتال أكان فيها الإنسان مقاتلا أم مدنيا مثل الصين وروسيا على سبيل المثال. وهناك لاعبون آخر ينتمون لأنظمة ديمقراطية تتشدق بحقوق الإنسان والليبرالية. وبالرغم من محاولة هؤلاء اللاعبين (مثل الولايات المتحدة وإلى حد ما إسرائيل) سن بعض القوانين الناظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجهود الحربي، إلا أنهم في ظل شن عملياتهم ضمن بيئات يوجد فيها بشر لا يرتقون بنظرهم للإنسان بمفهومه الغربي، فإنهم لا يتورعون عن الذهاب بعيدا في استخدام التكنولوجيا بشكل ينتهك كل الأعراف الإنسانية. بالنتيجة، وإذا لم يكن هناك جهد حقيقي من قبل الدول المؤثرة تحت رعاية الأمم المتحدة لإحداث بروتكولات جدية وملزمة لترشيد استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الحربي فإن المستقبل سيكون قاتما بالفعل في ظل الممارسات الحالية.

في هذا السياق يكفي النظر إلى الكيفية التي استخدمت فيها إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على غزة للتأكد من أن هذه المخاوف ليست مجرد بكائيات لأشخاص يعانون من رهاب المستقبل أو لديهم عقد تكنونفسية. لقد أدى استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة إلى اختراق كل الأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومواثيق جنيف؛ وأوقعت ما بين قتيل وجريح آلاف الضحايا من المدنيين العزل. وهي بذلك تؤسس لسابقة خطيرة إذ تعتبر من أولى الدول وأكثرها تقدما في أسلحة التكنولوجيا الحديثة.

الذكاء الاصطناعي وآلة الحرب.. نظرة عامة

وقبل التفصيل في آليات وبروتوكولات إسرائيل في أسلحة الذكاء الاصطناعي لا بد من التوقف قليلا وتسليط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في آليات الحرب وبنية الجيوش الحديثة للتأكيد على فكرة رئيسية مفادها أن هذا التوجه حتمي ولا يمكن إيقافه. بمعنى أن الحل لا يكمن في دعوات إيقاف دمج الذكاء الاصطناعي ببنية الجيوش لأنها دعوات غير واقعية ببساطة، ولا تتماشى مع جوهر العصر الحديث القائم على الاستمرارية. وإنما يكمن في عمليات التقعيد والترشيد حالها كحال التكنولوجيات السابقة من شاكلة التكنولوجيا النووية والكيميائية.

ويمكن تصنيف المجالات التي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي في العمل العسكري إلى 3 مستويات رئيسية: البنية المادية للجيوش؛ والتكنولوجيات السيبرانية؛ وأخيرا، آليات صنع القرار المتعلقة بالعمليات الميدانية.

  • أولا: يمكن أن يدخل الذكاء الاصطناعي في عمليات التحكم بالأجهزة والمعدات المادية في بيئات القتال العسكرية من قبيل الأنظمة الآلية غير المأهولة. فمنذ ما يقرب من العقدين، يشهد القطاع العسكري زيادة تدريجية في استخدام الأنظمة المستقلة في أداء الوظائف القتالية التي تتراوح من أنظمة الاستهداف (بما يشمل على سبيل المثال لا الحصر أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة التي تعرف بالاختصار الإنجليزي "إل إيه دبليو إس" (LAWS) أي (Lethal Autonomous Weapon System) إلى أنظمة الملاحة والقيادة على البر، والطيران والمراقبة.
  • ثانيا: استخدام البرمجيات الذكية لأغراض الحرب السيبرانية وهو ما يحظى باهتمام كبير مؤخرا سواء لتعزيز الدفاع عن الشبكات العسكرية الحيوية أو لتعزيز قدرات الجيوش لشن العمليات الإلكترونية الهجومية. كما أصبح هناك اهتمام متزايد بقدرات الذكاء الاصطناعي على دعم "حرب المعلومات" (Information Warfare) وذلك من خلال سلاح حملات التضليل التي باتت تدخل أبعادا جديدة مع ما تعززه تكنولوجيات "التزييف العميق" (Deed Fake) في إنتاج محتوى دقيق مطابق للأصل. يدخل في ذلك أيضا الإمكانات الكبيرة التي تتضمنها تكنولوجيا "اللغات الكبيرة" (LLM) مثل "شات جي بي تي" وغيرها في إنتاج واسع النطاق ومعقد للمحتوى النصي الذي قد يستخدم في عمليات التضليل والكذب.
  • ثالثا: يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرات كبيرة في دعم عملية صنع القرار بشكل عام في المجالات العسكرية الميدانية وعلى مستويات القيادة والأفراد. ويمكن للخوارزميات جمع ومعالجة كميات كبيرة من مصادر البيانات المتعلقة بالنزاعات المسلحة وتحليلها بشكل فائق السرعة من قبيل تحديد الأشخاص، والأفراد، والأشياء في ساحات النزاع، والتعرف على الأنماط السلوكية وتقييمها، أو إجراء مسوح للبيانات التاريخية وعمليات المطابقة للتوصل إلى توصيات بشأن أنجع وأسرع الإستراتيجيات والتكتيكات العسكرية لتحقيق الأهداف المرجوة ضد الخصم.

إن التحليل واسع النطاق للبيانات غير المنظمة والتي يتم الحصول عليها من مصادر نصية أو مرئية أو سمعية؛ يشكل جوهر أنظمة الذكاء الاصطناعي التنبوئية القائمة على تكنولوجيا "التعلم الآلي" (Machine Learning) و"التعلم العميق" (Deep Learning) والتي يمكن أن تعمل بديلا عن أنشطة الاستخبارات والاستطلاع العسكرية التقليدية. وتستطيع هذه التكنولوجيا إعداد قوائم الأهداف للعسكريين، واقتراح خطط إستراتيجية وتكتيكية، وأماكن نشر القوات، ومصادر التهديد وكيفية مواجهتها، وأنجع طرق الإمداد، والتعبئة وغيرها من القضايا التي تشغل ذهن القيادة العسكرية وقت الحروب.

الذكاء الاصطناعي وآليات السيطرة والتحكم

طائرات مسيّرة إسرائيلية (الأناضول)

فيما يخص آليات صنع القرار وهو المجال الثالث والأكثر جدلا من بين المستويات الثلاثة، يبرز تصنيف آخر فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي المقترن بالعمل العسكري يتعلق بمدى السيطرة والتحكم البشريين على هذه الأنظمة الذكية. وهنا يمكن الحديث عن 4 مستويات من حيث السيطرة والتحكم:

  • أولا: أنظمة التحكم المباشر. وهنا يكون للفاعل البشري كامل التدخل في عمل النظام سواء عن بعد أو من أرضية الميدان.
  • ثانيا: أنظمة التحكم المشترك بمعنى أن بعض وظائف النظام يمكن أن تعمل بشكل مستقل تماما في حين ت ....
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا