آخر الأخبار

التغيّر المناخي: ماهي الوظائف الخمس الأكثر تضرراً؟

شارك الخبر

عندما أتطرق لموضوع التغير المناخي في حديث اجتماعي في بلد عربي، يقابلني البعض أحيانا بتهكم وتعليقات من قبيل: "كيف نوفر طاقة لا نملكها؟" أو "من يكترث بإعادة التدوير في بلد يعاني مشكلة عقيمة لتراكم القمامة؟".

قد يبدو الحديث عن التغير المناخي بالفعل خارج زمن المجتمعات التي تعيش معركة يومية مع تأمين لقمة العيش ومواجهة الفقر، والحصول على الكهرباء والماء، ناهيك عن الحرب الأخيرة في غزة التي خلفت كارثة إنسانية غير مسبوقة.

لكن مجتمعات عدّة باتت في مرمى النار لتبعات التغيرات المناخية وظروف الطقس التي باتت هي أيضاً تهدد لقمة العيش.

بدأت في البحث عن أكثر الوظائف تأثراً بتغيرات الطقس، وتحدثت مع ثلاثة خبراء في المناخ والاستجابة للتغيّر المناخي، ولم يرسم أحد منهم صورة مشرقة للمستقبل.

بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي فإن ما يقرب من نصف إجمالي الناتج المحلي العالمي يعتمد بشكل معتدل أو كبير على الطبيعة وخدماتها، ونتيجة لذلك، يتعرض ذلك الناتج للمخاطر الناجمة عن فقدان الطبيعة.

بالنسبة لكريم الجندي استشاري الاستدامة والمناخ فإن التغير المناخي سيؤثر على قطاعات بأكملها أكثر من الوظائف.

والقطاع الأكثر تأثرا، بحسب رأيه، هو الزراعة، ليس فقط لأهميته بل لـ"هشاشته" تجاه تغير المناخ فهو "يحتاج إلى كثير من التعديل والمرونة" للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة والترسب ونسبة هطول الأمطار وشدتها وتفاوتها وفترات الجفاف.

"الخوخ نضج باكرا، والقمح تأخر"

"الخوخ نضج باكرا، والقمح تأخر" الصيف الماضي، هكذا اختصر المزارع اللبناني بشار برو، والذي يمتلك أرضاً زراعية في منطقة البقاع في لبنان وشهدت انخفاضاً في الإنتاج مقارنة بالسنوات الأخيرة، الوضع الراهن، ويوضح أنه "من قبل، موجات الحر لم تتعدَّ أكثر من عدة أيام" إلا أن العام الفائت "جاءت موجة حر استمرت لحوالي شهر، وأثرت بشكل مباشر على الزراعة والشجر وحتى على الحيوانات وبالتالي انخفض الإنتاج".

ويتفق نقيب المزارعين اللبنانيين، إبراهيم ترشيشي مع ذلك، إذ يقول إنها كانت "المرة الأولى التي نشهد شيئاً مثل ذلك في لبنان،" مضيفاً أن أكثر النباتات تضررا هي الخضراوات التي باتت "تنضج قبل وقتها"، بينما المشكلة الثانية التي تواجه البلاد هي محاولة ضخ المياه الجوفية بشكل أكبر "ما يعني انخفاض منسوب المياه وزيادة التكلفة".

إضافة إلى ذلك، فإن تأخر الصيف وبداية الشتاء يعني أن محاصيل كثيرة تزرع في الخريف لا تأخذ الوقت الكافي لتقوية بنيتها في مواجهة الصقيع خلال الشتاء، بحسب برو، ويضيف: "الآن يأتي الصقيع قبل أن تقوى الجذور، وهذا حصل معنا هذه السنة وتسبب في خسارة موسم البطاطس في أرضنا".

"سنوات كارثية على الصيد"

اتصلت بأبي بكر السيد حمادي في ساعات الصباح الباكر من يوم الاثنين، وحين كان عائداً للتو من تفقد قوارب الصيد الأربعة التي كان يمتلكها قبل أن تغرق في البحر نتيجة الرياح القوية التي عصفت بالمنطقة في الليلة السابقة، وقال حمادي إن "الرياح كانت غير متوقعة وأقوى من العادة، واستمرت لمدة أطول"، وهذه المرة الثالثة التي تغرق فيها قواربه خلال شهرين فقط، على حد قوله.

حمادي يعمل في مجال الصيد في ميناء تانيت شمال نواكشوط منذ 2018، ويبيع منتجاته من الأسماك والأخطبوط، لكنه يصف العامين الماضيين بالـ"كارثية على الصيد" لأسباب عدة من بينها ارتفاع سعر المحروقات، وانخفاض سعر الأخطبوط إلى الربع تقريباً، إضافة لضآلة الصيد، ويوضح حمادي: "من قبل كنا نصطاد بين 300 و400 كيلوغرام من السمك في اليوم، أما الآن فبالكاد نصطاد 300 كيلوغرام خلال شهر كامل"، مضيفاً أن بعض أنواع الأسماك والرخويات "اختفت بالكامل" في السنوات الخمس الأخيرة و"ندرتها تكاد توصف بالخطيرة".

بحسب إندو مورثي، الخبيرة البيئية وإحدى أعضاء فريق توقعات البيئة العالمية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، من بين التغييرات البيئية اللافتة للنظر "زيادة حموضة مياه البحر التي تؤثر على استمرارية الحيوانات البحرية وهذا سيؤثر على مهنة الصيد والعاملين فيها"، وتضيف مورثي إن هذه المهنة "قد تفقد عالمياً ما قد يصل إلى 2 تريليون دولار بحلول 2100 إذا استمر التغير المناخي على هذا النحو".

"انخفض عدد الزوار القادمين إلى صفر"

ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وندرة المياه خفف من جاذبية بعض المناطق السياحية، بحسب الخبير المناخي كريم الجندي، ناهيك عن الظروف المناخية الأكثر تطرفاً كالحرائق والسيول والفيضانات التي تشهدها بعض المناطق، ويضيف أن ذلك "يؤدي إلى نأي بعض السياح عن زيارة بعض الأماكن" مثل ما حصل في جزيرة رودس اليونانية خلال الصيف الماضي.

تخبرني كاثي مينيتوس، مالكة ومديرة مجموعة فنادق ليندوس في جزيرة رودس عبر الهاتف: "انخفض عدد الزوار القادمين إلى صفر لما يقارب عشرين يوماً في ذروة الموسم السياحي في اليونان"، مضيفة أنها أغلقت أحد فنادقها بعد أن طالته الحرائق التي نشبت في غابات الجزيرة في يوليو/تموز الماضي، وترافقت مع رياح شديدة جعلت السيطرة عليها أمراً صعباً للغاية.

كانت التبعات الاقتصادية "هائلة بالنسبة للفنادق والمجتمعات المحلية التي تقتات على السياحة بشكل كبير جدا"، على حد تعبيرها.

في الوقت ذاته، تعتقد كاثي مينيتوس أن وسائل الإعلام بالغت قليلاً في وصف الحرائق التي "أثرت على منطقة محدودة داخل الجزيرة"، الأمر الذي بث الخوف بين السياح والزوار، وأضافت أن بعضهم فكروا في عدم زيارة الفندق.

تتوقع مينيتوس أن تشهد السنوات القادمة ما وصفته بـ"انزياح" مواسم السياحة النشطة والهادئة بحسب ظروف الطقس، وتضيف: "نحن سنتعلم كيف نعيش مع هذا الوضع ويجب أن نكون مستعدين لذلك".

"حولت عملي من الإنشاءات العامة للإنشاءات الداخلية"

ظروف الطقس القاسية والكوارث الطبيعية تتطلب مزيدا من أعمال الترميم والبناء، ما ينعكس بدوره على الإنتاجية ناهيك عن اضطرار العمال لتنفيذ مهامهم ضمن ظروف غير صحية.

بحسب إبراهيم نعيم عبد الخالق، مدير مشاريع هندسية في دبي فإن قطاع الإنشاءات واحد من القطاعات "التي تأثرت بشكل كبير جدا" بالتغيّر المناخي الذي يعود بشكل جزئي لما وصفه بـ"عزوف العاملين" عن العمل في المشاريع الإنشائية بسبب قسوة الظروف الجوية، إضافة للأثر المادي الذي فرضته الظروف الجوية لاستخدام "مواد كيماوية معينة" للحماية والعزل، إلى جانب "زيادة عدد العمال وتغيير مواعيد ورديات العمل" لتجنب الحر وإعطائهم الشوارد اللازمة لمنع إصابتهم بالجفاف" وغيرها من الإجراءات للحفاظ على صحتهم أثناء أداء العمل.

وتتفق الأستاذة أولغا الكاراث سيندرا في قسم الهندسة في جامعة بوليتيكنيكا في إسبانيا مع هذا الرأي، وتضيف أن "الأعمال الخارجية في ظروف الحر كأعما ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا