كيف انتزعت الصين صدارة الدبلوماسية العالمية من الولايات المتحدة؟


مصدر الصورة

Getty Images

  • Author, سمية نصر
  • Role, بي بي سي نيوز عربي

تفوقت الصين على الولايات المتحدة بفارق ضئيل لتصبح أضخم قوة دبلوماسية في العالم في الوقت الراهن، وفق تقرير مؤشر الدبلوماسية العالمية لعام 2024.

ورغم أن الفارق بين الدولتين ضئيل، كما يشير التقرير الصادر عن معهد لوي (Lowy)، وهو مؤسسة بحثية مستقلة تتخذ من مدينة سيدني مقرا لها، فإنه يدلل على المساعي التي تبذلها بكين لتوسيع رقعة نفوذها الدولي وسط ازدياد حدة التنافس الجيوسياسي بينها وبين واشنطن.

وتفوقت الصين دبلوماسيا على الولايات المتحدة، بحسب التقرير، في أفريقيا والشرق الأوسط وجزر الباسيفيك وآسيا الوسطى، في حين احتفظت الولايات المتحدة بالصدارة في أوروبا وأمريكا الشمالية والوسطى وجنوب آسيا، وتعادلت الدولتان في الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية.

ويعتمد المؤشر في تصنيفة للقوة الدبلوماسية لنحو 66 دولة على عدد وحجم البعثات الدبلوماسية لكل منها في مختلف أنحاء العالم.

فما الذي يعنيه أن تكون الصين الدولة ذات الوجود الدبلوماسي الأكبر في العالم؟ وهل تختلف المقاربة الصينية للدبلوماسية مقارنة بدول أخرى كالولايات المتحدة مثلا؟

"شراكات استراتيجية"

في كتابه "الدبلوماسية: النظرية والتطبيق" يصف جي.آر. بيريدج الدبلوماسية بأنها "نشاط سياسي بالأساس، وإذا ما توافرت لها المصادر الجيدة والمهارة، فإنها تعتبر مكونا أساسيا من مكونات النفوذ. هدفها الرئيسي هو تمكين الدول من تحقيق أهداف سياساتها الخارجية بدون اللجوء إلى القوة أو الدعاية أو القانون. وتحقق ذلك بالأساس من خلال التواصل بين مسؤولين سياسيين محترفين".

ولدى الصين حاليا شبكة معقدة من العلاقات الدبلوماسية التي تصنفها على أنها "شراكات استراتيجية" تطورت وتوسعت عبر السنين. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تحدث وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن أهداف بلاده الدبلوماسية لهذا العام، قائلا إن بكين سوف تظل ملتزمة بالعمل على توسيع "شبكة شراكاتها الدولية"، وإنها تؤيد بناء عالم متعدد الأقطاب، وتدعم "المساواة بين كافة البلدان".

تقول البروفيسورة أستريد نوردين، أستاذة كرسي لاو لعلاقات الصين الدولية بجامعة كينغز كوليدج لندن إن "جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة لديهما أكبر عدد سفارات وبعثات دبلوماسية في العالم، وهذا يعكس حجم البلدين و[ضخامة] إجمالي ناتجهما المحلي، ولكنه يدلل كذلك على سعي كل منهما لكي تصبح قوة عظمى، في حقبة تتزايد فيها حدة التوترات الناجمة عن المنافسة الجيوسياسية بينهما".

والملاحظ أن الصين لا تسعى على ما يبدو للدخول في تحالفات تقليدية، بل تفضل توصيف علاقاتها بالدول بأنها "شراكات" الهدف منها "التنسيق" والدعم المتبادل للمصالح الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية من دون أن يكون هناك التزامات شبيهة بتلك التي تنطوي عليها تحالفات مثل تحالف الناتو على سبيل المثال، وهو ما يمنحها هامشا للمناورة ويسمح بتغيير طبيعة العلاقات بينها وبين الدول الأخرى مستقبلا.

وربما كان الاستثناء الوحيد هو كوريا الشمالية التي تعتبر الحليف الرسمي الوحيد للصين. ففي عام 1961، وقعت الدولتان "معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة" والتي قرر زعيما البلدين تجديدها في عام 2021 في ذكرى مرور 60 عاما على توقيعها.

وهناك قائمة طويلة من البلدان التي تربط الصين بها علاقات توصف بأنها "شراكات تعاون استراتيجية" أو "شراكات استراتيجية شاملة" تضم العديد من بلدان العالم مثل روسيا وباكستان وكينيا والكونغو وإثيوبيا وكمبوديا وسريلانكا والجزائر ومصر والأرجنتين وإيران وإيطاليا وبولندا.

Getty Images

ما أهمية الدبلوماسية للصين؟

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حدد الرئيس الصيني شي جينبينغ في مؤتمر ناقش الشؤون الخارجية للبلاد أسس السياسة الخارجية للصين، والتي شملت استغلال ثقل الصين المتزايد في الشؤون الدولية من أجل تعزيز التنمية والرخاء، وتطبيق "فهم صحيح للتاريخ وللصورة الأشمل" عند التعاطي مع الاتجاهات العالمية.

وتعتبر الدبلوماسية ذات أهمية كبيرة لبكين ضمن مساعيها لتصبح قوة عظمى، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، ولكن على الصعيد السياسي الدولي أيضا. وفضلا عن كون الدبلوماسية وسيلة للتواصل والتفاعل مع الدول الأجنبية، تقول البروفيسورة نوردين إنها أيضا "ترسل إشارة إلى الشعب الصيني تخبره بأن بلاده، في ظل قيادة الحزب الشيوعي، لديها الكثير من الأصدقاء، وتحظى بتقدير الآخرين، وتسعى إلى خدمة المصالح الصينية بنشاط في مختلف أنحاء العالم".

وتضيف نوردين أن "الشعب الصيني هو الجمهور الأكثر أهمية للنشاط الدبلوماسي الصيني. كما أن كبر حجم النشاط الدبلوماسي يبعث برسالة إلى الشعب مفادها أن الصين متمسكة بالحلول والعلاقات السلمية أكثر من الولايات المتحدة".

ويمكن القول بأن الوساطة الصينية بين إيران والسعودية والتي كللت باستئناف البلدين علاقاتهما الدبلوماسية العام الماضي بعد قطيعة استمرت سنوات تعتبر انتصارا كبيرا للدبلوماسية الصينية. كما يرى مراقبون أنها إشارة إلى بدء حقبة جديدة لدور صيني دبلوماسي متنام.

وكان من اللافت أيضا حرص الصين على لعب دور في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين في أعقاب اندلاع حرب غزة الأخيرة، حيث استضافت مسؤولين عرب و مسلمين لمناقشة الوضع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما تحدثت تقارير عن طلب الولايات المتحدة من بكين حث إيران على التهدئة. وسعت بكين كذلك إلى لعب دور الوسيط بين موسكو وكييف في الحرب الأوكرانية، حيث أعلنت عن خطة مكونة من 12 نقطة تهدف إلى تحقيق "الاستقرار السياسي".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي

إقرأ أيضا