مدنيون يتسلحون.. ارتفاع طلبات الحصول على السلاح بإسرائيل والمستوطنات

الحرة إقرأ على الحرة شارك الخبر

مصدر الصورة

منذ هجوم حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، ارتفعت طلبات الحصول على سلاح بين المدنيين الإسرائيليين، بينما يحذر منتقدون من أن الأسلحة قد تؤدي إلى تأجيج أعمال العنف بالضفة الغربية وفي إسرائيل، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

الأسلحة "تنقذ الأرواح"

بعد السابع من أكتوبر، روجت الحكومة الإسرائيلية رسالة مفادها أن "الأسلحة تنقذ الأرواح"، ودفع وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إلى تخفيف متطلبات ترخيص الأسلحة النارية وإنشاء المزيد من "الفرق الاحتياطية" المدنية لتقوية المجتمعات ضد تكرار الهجوم المفاجئ المميت.

وفي الشهرين الماضيين، تلقت وزارة بن غفير أكثر من 256,000 طلب لحمل أسلحة نارية خاصة، حسبما ذكرت في تحديث لها الأسبوع الماضي، بينما استقبلت نحو 42 ألف طلبا خلال العام الماضي بأكمله.

وقد أدى نهج بن غفير إلى بعض الاضطرابات داخل الحكومة وخارجها، وأعلن رئيس شعبة الأسلحة النارية في وزارة الأمن القومي الإسرائيلية، يسرائيل أفيشر، تقديم استقالته.

وجاءت الاستقالة، بعد أن ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن بن غفير وضع الموالين له دون السلطة القانونية اللازمة أو التدريب المسؤول عن الموافقة على تراخيص الأسلحة. 
وأشار أفيشر، أثناء جلسة استماع في الكنيست، إلى "تعيين أشخاص دون مؤهلات لإصدار تراخيص أسلحة للمواطنين".

وعقب مكتب وزير الأمن القومي على قرار الاستقالة، بالقول إن "سياسة الوزير في توزيع الأسلحة النارية على المواطنين الإسرائيليين الذين تنطبق عليهم المعايير، هي سياسة واضحة وثابتة".

وأضاف البيان: "من لا يستمر في تنفيذ هذه السياسة وفقاً لتعليمات الوزير وخريطة التهديدات.. لا يمكنه بالفعل أن يستمر كرئيس لشعبة الأسلحة النارية".

وشدد البيان على أنه "وبينما إسرائيل في حالة حرب، فيجب تسليح أكبر عدد ممكن من المواطنين الذين تنطبق عليهم المعايير".

واعتبر البيان أن "السلاح ينقذ الأرواح، وسياسة الوزير تتوسع (بهذا الشأن) ولا تتقلص، وإسرائيل في حالة حرب ويجب أن ننطلق من هذا المفهوم".

وكان بن غفير قد وعد في وقت سابق، بتسليم 10 آلاف قطعة سلاح مجانية للمستوطنين في الضفة الغربية، في حين قام بتخفيف شروط رخص اقتناء الأسلحة حتى يتمكن 400 ألف شخص من الحصول عليها.

تحول بالمجتمع الإسرائيلي

يقوم المتطوعون الإسرائيليون في جميع أنحاء البلاد والمستوطنين في الضفة الغربية بتسليح أنفسهم والتدريب وتشكيل مجموعات للقيام بدوريات في الشوارع، حسبما تشير "واشنطن بوست".

وفي إسرائيل، كانت ملكية الأسلحة الخاصة ترتفع قبل الحرب، لكن منذ السابع من أكتوبر، تزايد الاهتمام بهذه الأسلحة.

وتصف "واشنطن بوست" ذلك بـ"تحول بالنسبة لبلد يثق فيه المواطنون تقليديا بالجيش والشرطة لحمايتهم، وحيث أدت الضوابط الصارمة نسبيا إلى الحد من انتشار الأسلحة النارية".

وقبل الحرب، كان على المدنيين، أن يعيشوا أو يعملون في منطقة تعتبر معرضة لمخاطر أمنية عالية، من أجل الحصول على رخصة سلاح.

وكان عليهم كذلك أن يقدموا إقرارا صحيا موقعا من طبيب، وأن يخضعوا للتدريب ويثبتوا أنهم يعرفون كيفية استخدام السلاح بأمان.

ويقتصر الترخيص على حمل بندقية واحدة و 50 رصاصة.

ويعكس الضغط من أجل تخفيف القواعد الخوف العميق الذي ساد المجتمع الإسرائيلي بعد هجوم حماس المفاجئ، واستغرق الجيش ساعات للرد، تاركا الرجال والنساء والأطفال عزلا إلى حد كبير في مواجهة المسلحين، بحسب "واشنطن بوست".

وفي أعقاب ذلك، ظهرت روايات عن قيام فرق أمنية تطوعية في بعض الكيبوتسات بصد مهاجمي حماس وإنقاذ الأرواح. 

وتنشط هذه الفرق، المعروفة في إسرائيل باسم"kitat konenut"، منذ فترة طويلة في المستوطنات في الضفة الغربية وفي المجتمعات الإسرائيلية القريبة من حدود غزة، حيث "تعمل كأول المستجيبين للتهديدات الأمنية".

وبحلول نهاية أكتوبر، كانت 600 من هذه المجموعات تعمل في جميع أنحاء البلاد، بينها خمسة عشر كانوا في القدس، وفق الشرطة الإسرائيلية.

وفي تقرير سابق ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن هجوم حماس أدى إلى "إضعاف شعور الإسرائيليين بالأمان، مما دفع العديد منهم إلى الإسراع باقتناء أسلحة فردية لحماية أنفسهم".

"لن نجازف"

وفي القدس وحيفا، وصف متطوعون مسلحون مواطنين فلسطينيين في إسرائيل بأنهم "طابور خامس".

وقال إلياهو جيف، الذي ينظم دورات تدريبية في القدس: "يمكنك أن تشعر بالتوتر في الشارع، والهجمات الإرهابية تأتي من تلك المجموعة، مجموعة العرب"، على حد تعبيره.

وأضاف جيف: "نحن نتعامل مع عدو لا يمكننا تحديد هويته، لقد تم دمجهم هنا".

وقام لياد ليفي (48 عاما)، وهو متخصص في صناعة التكنولوجيا في حيفا، بتنظيم حوالي 80 متطوعا، بعضهم مسلحين، لقيادة الدوريات المسائية.

وقال:" عندما يكون لديك أطفال وترى هذه الفظائع على الحدود، وماذا يمكنهم أن يفعلوا بهذا السلاح؟، فلن تجازف".

لم يكن التدريب على الأسلحة في القدس قد استمر لمدة ساعة واحدة عندما قام الرجال بمهمتهم الأولى. 

أبلغت شابتان إسرائيليتان للتو عن رؤية رجل "عربي" يسير بالقرب من المبنى الذي تسكنان فيه عبر الشارع. 

ورغم عن الإبلاغ عن أي سلوك مشبوه أو تهديدي، لكن ستة رجال مسلحين ويصرخون ركضوا عبر الشارع في وسط القدس.

لمدة 15 دقيقة تقريبا، بحث المتطوعون المسلحون عن الرجل لكنهم لم يجدونه، حسبما تذكر "واشنطن بوست".

مخاوف من "القتل المتواصل"

يحذر المنتقدون من أن الأسلحة قد تؤدي إلى تأجيج أعمال العنف في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، وهو ما يشكل مصدر قلق متزايد، حسبما تشير "واشنطن بوست".

ويخشى عرب إسرائيل والفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية، من "استخدام تلك الأسلحة ضدهم، نظرا للغضب والخوف بين الإسرائيليين منذ هجمات 7 أكتوبر"، وفقا للـ"فايننشال تايمز".

وبالنسبة للمستوطنين في الضفة الغربية، فقد أدى هجوم حماس إلى تجدد الاهتمام بالحصول على الأسلحة.

بدأ كاليبر 3، وهو ميدان رماية ومركز تدريب في مجموعة المستوطنات المسماة "غوش عتصيون" بتقديم دورات تدريبية مرتين يوميًا حول التعامل مع السلاح.

ويقول مستوطنو المنطقة إن الأسلحة الخاصة مخصصة للدفاع عن النفس فقط.

وقال عوديد ريفيفي، رئيس بلدية إفرات، وهي مستوطنة يبلغ عدد سكانها 15 ألف نسمة وتبعد نصف ساعة بالسيارة عن القدس: "كل شخص في إسرائيل لديه قرية عربية قريبة، وفي مثل هذه الأوقات، يميل الناس إلى التعميم".

وأضاف أن "مئات المتطوعين" انضموا إلى الدوريات لتأمين المستوطنة.

وأعطت السلطات الإسرائيلية بنادق للمتطوعين في منطقة غوش عتصيون، بحسب رئيس المجلس الإقليمي، شلومو نعمان.

وقال نعمان: “بعد 7 أكتوبر، أعطانا الجيش أسلحة أفضل، من النوع الذي يعتقد الجيش أنه مناسب"، ووصفها بأنها "رشاشات".

ومن جانبها، أعربت درور السادات، المتحدثة باسم منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، التي تتعقب عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، عن قلقها بشأن "التوزيع الواسع النطاق" للأسلحة منذ 7 أكتوبر.

وأشارت إلى توزيع الأسلحة على مستوطني الضفة الغربية "الذين يستخدمونها لتهديد الفلسطينيين ومهاجمتهم".

وأضافت: "هذه السياسة لها نتائج على الأرض، تتمثل في القتل المتواصل والاستخدام المفرط للقوة".

وسجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 320 هجوما للمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر.

ومنذ بدء الحرب في غزة، قتل جنود ومستوطنون إسرائيليون 272 فلسطينيا في الضفة الغربية، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية. 

وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن أربعة إسرائيليين قتلوا على يد فلسطينيين بالمنطقة في نفس الفترة.

وأثار تصاعد عنف المستوطنين قلق إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، التي تدرس ما إذا كانت ستعطي الضوء الأخضر لبيع 24 ألف بندقية أميركية للحكومة الإسرائيلية بقيمة 34 مليون دولار. 

وقد أخبر المسؤولون الإسرائيليون نظرائهم الأميركيين أن هذه البنادق ستستخدم من قبل الشرطة الإسرائيلية، ولكن لا تزال هناك مخاوف من أن الحكومة اليمينية المتشددة في البلاد ستوفر الأسلحة للمدنيين، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر تحدثوا لـ"واشنطن بوست"، بشرط عدم الكشف عن هويتهم. 

ويرفض المشرعون الديمقراطيون "احتمال وقوع أسلحة أميركية في أيدي المستوطنين".

وتشير الصحيفة إلى تحذيرات إسرائيلية من أن "انتشار الأسلحة النارية الخاصة يمكن أن يولد المزيد من العنف داخل إسرائيل".

وجدت بيانات الشرطة الإسرائيلية التي حصل عليها ائتلاف الدعوة للسيطرة على الأسلحة
"Gun Free Kitchen Tables" أن عدد ضحايا جرائم القتل الذين قُتلوا بالأسلحة النارية داخل إسرائيل ارتفع بنسبة 15 بالمائة في عام واحد، من 117 في عام 2021 إلى 135 في عام 2022. 

وقال أحد أعضاء الائتلاف الذي تحدث لـ"واشنطن بوست"، بشرط عدم الكشف عن هويته بعد أن تعرض للمضايقات في السابق بسبب إثارة هذه القضية علنا: "لقد شعر الناس بأن الدولة وقوات الأمن تخلت عنهم تماما وهم يشاهدون ما حدث في 7 أكتوبر، لكن الحل لا يتمثل في إعطاء الجميع سلاحا".

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، توقفت مؤقتا مع بدء الهدنة، قبل انهيارها.

وقتل في غزة 17487 شخصا، نحو 70 بالمئة منهم نساء وأطفال، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين، بحسب ما أعلنته السلطات التابعة لحماس، الجمعة.

الحرة إقرأ على الحرة شارك الخبر

إقرأ أيضا