عقب ثورة دامية استمرت نحو 5 سنوات تحصن خلالها رفقة زملائه بجبال سييرا مايسترا (Sierra Maestra)، تمكن فيدل كاسترو مطلع العام 1959 من الإطاحة بنظام الدكتاتور الكوبي فولخنسيو باتيستا (Fulgencio Batista) الذي غادر البلاد على عجل نحو جمهورية الدومينيكان قبل أن يستقر فيما بعد لحين وفاته بالبرتغال.
إلى ذلك، أثار وصول فيدل كاسترو لسدة الحكم حالة من القلق لدى الإدارة الأميركية التي عبرت عن عدم ارتياحها لوجود نظام شيوعي على مقربة من أراضيها. وعام 1961، حاولت الولايات المتحدة الأميركية التدخل بكوبا عند خليج الخنازير عبر إرسال عدد كبير من المقاتلين الكوبيين المنفيين لقلب النظام. وفي الأثناء، عرف هذا الانقلاب فشلا ذريعا، وتسبب في تزايد حدة الخلاف الكوبي الأميركي.
وعقب وصول فيدل كاسترو لسدة الحكم، فرضت الولايات المتحدة الأميركية حزمة من العقوبات على كوبا. وقد تضمنت هذه العقوبات في البداية حظرا جزئيا على الصادرات الكوبية. وفي الأثناء، استثنى هذا الحظر الأدوية والمواد الغذائية. بالتزامن مع ذلك، شددت الولايات المتحدة الأميركية تدريجيا العقوبات على هافانا كرد على سياسة تأميم المؤسسات الأميركية بكوبا دون تقديم تعويضات.
وخلال العام 1961، قطعت الولايات المتحدة الأميركية علاقاتها الدبلوماسية بشكل كامل مع كوبا ولجأت لفرض حظر اقتصادي شامل عليها.
إلى ذلك، جاءت هذه العقوبات الأميركية لتسبب أزمة بكوبا. فبالقطاع الصناعي والبنية التحتية، عانت الجزيرة من نقص بقطع الغيار التي كانت تورد من الولايات المتحدة الأميركية. وقد أسفر ذلك لاحقا، عن خروج العديد من وسائل النقل العمومي، كالحافلات والقطارات والطائرات، عن الخدمة وتوقف عدد من المؤسسات الصناعية عن العمل. وبالقطاع الفلاحي، تراجع الإنتاج الزراعي والفلاحي الكوبي بشكل لافت للانتباه حيث عانى هذا القطاع من نقص بالأسمدة والبذور والآلات الزراعية التي كانت تورد من الولايات المتحدة الأميركية. أيضا، فقد هذا القطاع السوق الأميركية التي مثلت منذ سنوات أهم سوق لترويج منتجاته.
طيلة السنوات التالية، عاشت كوبا على وقع تراجع اقتصادي تسبب في تدهور الحياة الاجتماعية. ومطلع الثمانينيات، تزامن هذا التراجع الاقتصادي مع نقص بالمواد الغذائية وتزايد السياسة القمعية لنظام فيدل كاسترو.
وأمام هذا الوضع، اقتحم عدد كبير من الكوبيين سفارة البيرو بالعاصمة هافانا مطالبين بالحصول على اللجوء. ومع سماعه بعدد المقتحمين، أصدر فيدل كاسترو تصريحا غريبا أعلن من خلاله أنه سيسمح لكل من يريد الرحيل عن كوبا بمغادرة البلاد، شريطة أن يغادر من ميناء مارييل (Mariel) الواقع قبالة سواحل فلوريدا. أيضا، دعا كاسترو الكوبيين المقيمين بفلوريدا للقدوم لكوبا عبر القوارب لنقل المقربين منهم نحو الأراضي الأميركية.
ما بين شهري أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) 1980، حلت مئات القوارب الخاصة بميناء مارييل لنقل الكوبيين نحو فلوريدا. وعبر إجراء غريب، عمدت حكومة كاسترو لفتح أبواب مستشفيات الأمراض النفسية ونقل المرضى نحو الميناء بغية التخلص منهم وإرسالهم للأراضي الأميركية عبر هذه الرحلات.
خلال هذه الفترة التي قدرت بنحو 6 أشهر فقط، غادر 125 ألف كوبي وتسببوا بأزمة مهاجرين بفلوريدا. وبسبب ذلك، تعرضت إدارة الرئيس جيمي كارتر لانتقادات لاذعة لعدم تصديها للأزمة بالوقت المناسب. لاحقا، اتجهت الإدارة الأميركية لإرسال البحرية وحرس الحدود للتصدي للمهاجرين قبل بلوغهم فلوريدا. وفي الأثناء، تواصلت عمليات الهجرة لحدود شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1980 وانتهت عقب توقيع اتفاقية مشتركة بين هافانا وواشنطن.