بدأ المستثمرون الأجانب، الذين ابتعدوا عن الأسواق الصينية سابقاً، بالتراجع تدريجياً نحوها، مع إشارات محلية تشير إلى أن الأمر أكثر من مجرد تصحيح قصير المدى.
وسائل الإعلام في الصين تسجل عودة متواصلة لتدفقات الأموال نحو الشمال، وسياسات بكين واضحة، ومجمع الذكاء الاصطناعي والرقائق يرفع السوق بشكل ملحوظ.
إذ لم يعد ارتفاع مؤشر شنغهاي المركب إلى أعلى مستوياته منذ عقد، ومؤشرات هونغ كونغ لأربع سنوات، مجرد إنجازات إعلامية، بل نتاج سياسة منسقة وإعادة تقييم مستهدفة للقطاع التكنولوجي المحلي، بحسب تقرير نشره موقع "nai500" واطلعت عليه "العربية Business".
لفتت تقارير إلى تحول واضح: علامات عودة رأس المال الأجنبي واضحة، مع استمرار صافي الشراء نحو الشمال، في حين شددت وكالة "شينخوا" الصينية، على موقف بكين السياسي بعد الاجتماعات الأخيرة: استغلال التعديلات المعاكسة والدورية عبر الدورات الاقتصادية، في إشارة إلى أن استقرار أسواق الأسهم أصبح جزءًا من إدارة الاقتصاد الكلي وليس مجرد صيانة السوق.
البيانات تؤكد ذلك: صناديق التحوط العالمية سجلت أعلى شراء شهري للصين منذ ستة أشهر في أغسطس، بينما يتركز الحديث المحلي على تدفقات ثابتة وليست متسرعة.
ووُجهت العملاء المحليون نحو الذكاء الاصطناعي، أشباه الموصلات، والتصنيع المتقدم باعتبارها أبرز المستفيدين من استراتيجية الابتكار المعلنة.
اتبعت المؤشرات والقطاعات هذا السيناريو، فارتفع مؤشر CSI 300 ومؤشر شنغهاي المركب، بينما تفوق مؤشرا ChiNext وSTAR Market في أسهم أجهزة الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للتدريب والمكونات.
في هونغ كونغ، تصدر مؤشر Hang Seng Tech بفضل إعادة تقييم شركات المنصات وأسهم الرقائق المحلية، بدعم من السيولة الأفضل والتزامات إعادة الشراء.
موجة من الأخبار التحفيزية أدت إلى زيادات بين 3.3% و11% في أسواق شنغهاي وشنتشن وهونغ كونغ، ما أعاد نحو 1.8 تريليون دولار لقيمة السوق.
وسعت بكين أدوات السياسة النقدية بطريقة لم يُقدرها الخارج بالكامل.
فقد وسع البنك الشعبي الصيني في يناير برنامج الإقراض لإعادة التمويل لدعم استقرار سوق الأسهم، بما في ذلك تمويل شركات مدرجة لإعادة شراء الأسهم وزيادة حصة المساهمين الرئيسيين.
كما شجعت السلطات صناديق الدولة وشركات التأمين والوسطاء على زيادة المخاطر، وتوجيه حوالي 30% من أقساط التأمين الجديدة نحو الأسهم الصينية. كل ذلك أسهم في خلق وسادة عرض وطلب تدعم التدفقات الأجنبية.
هذه الموجة لم تكن مدفوعة بالعقارات أو البنوك، بل بالذكاء الاصطناعي والمكونات والتكنولوجيا الحيوية.
وسائل الإعلام المحلية تشير إلى أن سلسلة القيمة للذكاء الاصطناعي تخضع لإعادة تقييم شاملة، مع التركيز على الكفاءة المحلية والتجارية للنماذج.
ويتجه المستثمرون نحو البنية التحتية للخوادم، والدوائر البصرية، والطاقة الإلكترونية، وأجهزة الذكاء الاصطناعي، حيث تتقاطع البدائل المحلية والرقابة على الصادرات.
رغم ارتفاع الأسهم، يظل زخم النمو ضعيفاً مقارنة بالمؤشرات.
الإنتاج الصناعي والمبيعات بالتجزئة خيبت التوقعات في أغسطس، بينما تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر 13.2% خلال أول خمسة أشهر من 2025.
ولذلك، تركز السلطات على قنوات التوازن المالي، مثل صناديق الدولة وتأمينات إعادة الشراء، لدعم السوق بينما تتعافى الطلبات الداخلية تدريجياً.
صناديق التحوط عجلت بشراء الأسهم الصينية في أغسطس، وبدأت المؤسسات إعادة فتح حصصها في الصين بعد توقف شبه كامل العام الماضي.
التدفقات الأجنبية ثابتة وليست جنونية، ما يعكس مرحلة إعادة تقييم مستهدفة بدعم من سياسات حقيقية، وليس فورة مؤقتة.
المصدر:
العربيّة